تخبرني‭ ‬إحداهن،‭ ‬حينما‭ ‬سألتها‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬إغلاقها‭ ‬حساباتها‭ ‬على‭ ‬موقعَي‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭: ‬افيسبوكب،‭ ‬واإنستغرامب،‭ ‬بأنها‭ ‬تعبت‭ ‬نفسياً،‭ ‬وهي‭ ‬ترى‭ - ‬بعيَنْيها‭ - ‬تجاهل‭ ‬زوجها‭ ‬لما‭ ‬تنشره؛‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬فيه‭ ‬بوضع‭ ‬الـالايكب‭ ‬على‭ ‬منشورات‭ ‬الأخريات،‭ ‬بل‭ ‬ويحرص‭ ‬على‭ ‬التعليق‭ ‬والتغزل‭ ‬بصورهن،‭ ‬ويتابع‭ ‬تفاهات‭ ‬ما‭ ‬ينشرنه‭!‬

طبعاً‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬ما‭ ‬أقوله‭ ‬لأواسيها،‭ ‬خاصةً‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬يكشف‭ ‬الهوة‭ ‬الشاسعة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بينهما،‭ ‬ويكشف‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬زوجها‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬ملاحقة‭ ‬الفتيات،‭ ‬وإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬معهن،‭ ‬وأمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬الرجال‭ ‬كُثر‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬جلياً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬الزوج‭ - ‬وكما‭ ‬يبدو‭ - ‬كان‭ ‬يستخدم‭ ‬الـالايكب‭ ‬والتعليق‭ - ‬متعمداً‭ - ‬كسلاح‭ ‬لإغاظتها،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬تامة‭ ‬بأن‭ ‬زوجته‭ ‬تتابع‭ ‬كل‭ ‬تحركاته،‭ ‬وترصد‭ ‬كل‭ ‬الايكب‭ ‬أو‭ ‬تعليق‭ ‬يتركه‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬من‭ ‬يتابعهنَّ‭!‬

أجد‭ ‬أن‭ ‬حال‭ ‬هذه‭ ‬الزوجة‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬كثيرين،‭ ‬وليس‭ ‬ذلك‭ ‬الزوج‭ ‬وحيداً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬فالحال‭ ‬أن‭ ‬برامج‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬قد‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬علاقاتنا‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وباتت‭ ‬تتحكم‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬استخدامها‭ ‬وسيلة‭ ‬سهلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬المآرب‭ ‬الانتقامية‭ ‬نحو‭ ‬الآخرين،‭ ‬فالـالايكب،‭ ‬والتعليق،‭ ‬وإعادة‭ ‬النشر،‭ ‬أصبحت‭ ‬سلاحاً‭ ‬للتنفيس‭ ‬عما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬خاطر‭ ‬البعض‭.. ‬

والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬بات‭ ‬يتعمد‭ ‬عدم‭ ‬وسم‭ ‬الـالايكب‭ ‬فقط‭ ‬لإغاظة‭ ‬أحدهم،‭ ‬وإيصال‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬اإنك‭ ‬لا‭ ‬تهمنيب‭.. ‬يقابلها‭ ‬الآخر‭ ‬بغيظ‭ ‬مماثل،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬يكتمه،‭ ‬أو‭ ‬يصرح‭ ‬به‭ ‬علانيةً‭!‬

وتبدأ‭ - ‬بعد‭ ‬ذلك‭ - ‬حرب‭ ‬طاحنة‭ ‬اباردةب‭ ‬بين‭ ‬هذين‭ ‬الطرفين،‭ ‬أو‭ ‬أطراف‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الوقت،‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تقصي‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬عن‭ ‬الآخر،‭ ‬وتتبع‭ ‬أخباره‭ ‬خلسةً،‭ ‬وباهتمام‭ ‬مُتَكَتَّم‭!‬

وما‭ ‬يثير‭ ‬الاستغراب‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬بات‭ ‬يرهن‭ ‬قيمته‭ ‬الإنسانية‭ ‬بعدد‭ ‬الـالايكاتب،‭ ‬أو‭ ‬التعليقات،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يحصدها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أناس‭ ‬لا‭ ‬تربطه‭ ‬بهم‭ ‬علاقة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬معارفه،‭ ‬فعدم‭ ‬تفاعلهم‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬ينشره‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬عدم‭ ‬اكتراثهم‭ ‬أو‭ ‬اهتمامهم‭ ‬بشخصه،‭ ‬قد‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬اتفاهةب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البعض،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬الـالايكب‭ ‬والتعليق‭ ‬قد‭ ‬كانت‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬المشاكل‭ ‬بين‭ ‬الكثيرين‭!‬