‮«‬أنت‭ ‬أفضل‭ ‬هدايا‭ ‬العام‮»‬‭.. ‬

كتبتها‭ ‬على‭ ‬بطاقات‭ ‬عدة،‭ ‬ومنحتها‭ ‬لبعضهن؛‭ ‬كي‭ ‬يعطينها‭ ‬لمن‭ ‬يخترنه،‭ ‬أخبرتني‭ ‬واحدة‭ ‬بأنها‭ ‬منحتها‭ ‬لحبيبها،‭ ‬الذي‭ ‬تعثرت‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬تجارب‭ ‬سابقة‭ ‬عدة،‭ ‬وزادت‭ ‬عليها‭ ‬بخطها‭:‬

‮«‬شكراً‭.. ‬لأنك‭ ‬أعدت‭ ‬تشغيل‭ ‬الجهاز‭ ‬الذي‭ ‬ظننته‭ ‬سيبقى‭ ‬دائم‭ ‬العطب‭ ‬بين‭ ‬ضلوعي‭ ‬فعدت‭ ‬أسميه‭ ‬قلبي،‭ ‬ولو‭ ‬أنصفت‭ ‬لسميته‭ ‬قلبك‭ ‬أنت‭!‬‮»‬‭. ‬

وأخرى‭ ‬منحتها‭ ‬لزوجها،‭ ‬الذي‭ ‬لطالما‭ ‬صبر‭ ‬على‭ ‬سوء‭ ‬طباعها،‭ ‬وزادت‭ ‬عليها‭ ‬بخطها‭:‬

‮«‬شكراً‭.. ‬لأنك‭ ‬فهمت‭ ‬ما‭ ‬بخل‭ ‬به‭ ‬اللسان،‭ ‬وسترت‭ ‬عورات‭ ‬الطباع،‭ ‬وأجدت‭ ‬استخراج‭ ‬لآلئي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الحصى‮»‬‭. ‬

وأخرى‭ ‬منحتها‭ ‬لابنها،‭ ‬الذي‭ ‬حظيت‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬حرمان،‭ ‬وزادت‭ ‬عليها‭ ‬بخطها‭:‬

‮«‬شكراً‭.. ‬لأنك‭ ‬زودت‭ ‬حروف‭ ‬اسمي‭ ‬لما‭ ‬لا‭ ‬نهاية،‭ ‬وطولت‭ ‬عمري‭ ‬لما‭ ‬لا‭ ‬نهاية،‭ ‬ومنحتني‭ ‬جواب‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬أرقني‭: (‬لماذا‭ ‬أعيش؟‭)‬‮»‬‭. ‬

وأخرى‭ ‬أعطتها‭ ‬ضاحكة‭ ‬لصديقة‭ ‬طفولتها،‭ ‬وزادت‭ ‬عليها‭:‬

‮«‬شكراً‭.. ‬لأنني‭ ‬كلما‭ ‬نظرت‭ ‬لموضع‭ ‬خطواتي‭ ‬وجدت‭ ‬موضع‭ ‬خطواتك‭ ‬جوارها،‭ ‬لايزال‭ ‬ظهري‭ ‬يحفظ‭ ‬مذاق‭ ‬كفك،‭ ‬ويدخر‭ ‬لك‭ ‬ابتسامة‭ ‬الفوز‭ ‬آخر‭ ‬الطريق‮»‬‭. ‬

واحدة‭ ‬منحتها‭ - ‬متملقةً‭ - ‬لمديرتها‭ ‬في‭ ‬العمل؛‭ ‬فلم‭ ‬تزد‭ ‬عليها‭ ‬شيئاً،‭ ‬وأخرى‭ ‬علقتها‭ ‬في‭ ‬طوق‭ ‬كلبها،‭ ‬زاعمة‭ ‬أنه‭ ‬أوفى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬البشر،‭ ‬وأخرى‭ ‬قذفتها‭ ‬في‭ ‬وجهي‭ - ‬هاتفة‭ ‬بفظاظة‭ - ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يتسع‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬اللطف،‭ ‬والأخيرة‭ ‬أضحكتني‭ ‬كثيراً‭ ‬وهي‭ ‬تلصقها‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬ممثل‭ ‬شهير‭ ‬تتابع‭ ‬مسلسله‭ ‬الدرامي،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬تلتقيه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬العام‭ ‬القادم؛‭ ‬ليصير‭ - ‬حقيقةً‭ - ‬أروع‭ ‬هداياه‭. ‬

‮«‬وأنتِ‭ ‬لمن‭ ‬تمنحينها؟‭!‬‮»‬‭..‬

يسألنني،‭ ‬أخيراً،‭ ‬بصوت‭ ‬واحد؛‭ ‬فأبتسم‭ ‬وأنا‭ ‬ألوح‭ ‬بآخرة‭ ‬البطاقات،‭ ‬أتحرك‭ ‬ببطء‭ ‬كي‭ ‬أزيد‭ ‬فضولهن،‭ ‬ثم‭ ‬ألصقها‭ ‬على‭ ‬مرآتي‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬صورتي‭. ‬

‮«‬مغرورة‭!‬‮»‬‭.. ‬يتندرن‭ ‬بها‭ ‬وسط‭ ‬ضحكاتهن؛‭ ‬فأشاركهن‭ ‬إياها‭ ‬للحظات،‭ ‬لأتنهد‭ ‬بعدها‭ ‬بينما‭ ‬أستعيد‭ ‬شريط‭ ‬العام‭ ‬الطويل؛‭ ‬لأزيد‭ ‬فوق‭ ‬البطاقة‭ ‬بخطي‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭:‬

‮«‬شكراً‭ ‬لقلبٍ‭ ‬صمد‭ ‬معي،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬شروخ‭ ‬الخذلان؛‭ ‬فأبت‭ ‬دقاته‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تعزف‭ ‬لحنها‭ ‬العنيد،‭ ‬شكراً‭ ‬لروح‭ ‬لم‭ ‬يزدها‭ ‬شيب‭ ‬العمر‭ ‬إلا‭ ‬ركضاً‭ ‬خلف‭ ‬براءة‭ ‬طفولة،‭ ‬شكراً‭ ‬لهذي‭ ‬العين‭ ‬التي‭ ‬تعامت‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬سوء‭ ‬خلف‭ ‬أحداق‭ ‬الرضا،‭ ‬لهذي‭ ‬الأذن‭ ‬التي‭ ‬تغافلت‭ ‬عن‭ ‬نعيق‭ ‬غربان‭ ‬الجرح،‭ ‬لهذه‭ ‬الشفاه‭ ‬التي‭ ‬تعلمتْ‭ ‬كيف‭ ‬تغزل‭ ‬وسط‭ ‬أنياب‭ ‬الوجع‭ ‬أروع‭ ‬قمصان‭ ‬الضحكات،‭ ‬لهذا‭ ‬الإيمان‭ ‬الذي‭ ‬وقر‭ ‬بين‭ ‬الضلوع،‭ ‬ورفع‭ ‬للسماء‭ ‬حاجته‭ ‬موقناً‭ ‬بحسن‭ ‬الإجابة،‭ ‬نعم‭! ‬ألف‭ (‬شكراً‭) ‬لهذه‭ ‬الـ‭(‬أنا‭) ‬التي‭ ‬أنضجها‭ ‬الألم؛‭ ‬فلم‭ ‬يكسرها‭ ‬وهن‭ ‬ولم‭ ‬يذبها‭ ‬فَقْد‭.. ‬أظنها‭ ‬صنعت‭ ‬درعها‭ ‬الواقي‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬وكل‭ ‬عام‮»‬‭.‬