على مدار العشرين عاماً الماضية، تم تخزين 1000 صندوق في مستودع بمنطقة باريس، تحتوي 100 منها على كنوز تعود إلى دار فريد، بينها أكثر من 4500 رسم، و6000 صورة، بالإضافة إلى مئات الكتالوغات والإعلانات، ورسائل من عملاء مشهورين، وتذاكر طيران من خمسينات وتسعينات القرن الماضي، تشهد على الرحلات الجوية والصفقات الخاصة بمؤسس الدار، فريد سامويل، وأفراد عائلته، والبائعين الرئيسيين لديه، وأيضاً مستندات من متاجر العلامة التجارية في شارع رويال بباريس، وبيفرلي هيلز في لوس أنجلوس، وسانت تروبيز، وموناكو، وغيرها. وتحكي هذه المحفوظات الفريدة من نوعها تاريخ دار فريد بأكمله، وملكية عائلته للدار حتى استحواذ مجموعة "LVMH" عليها عام 1996. كل شيء تم حفظه وتخزينه بعناية، لتتم إعادة اكتشافه اليوم، وتعريف العالم بروعة وعراقة تاريخ دار فريد، في مبادرة تراثية فريدة من نوعها، أطلقها تشارلز ليونغ، الرئيس التنفيذي لدار فريد، وفاليري سامويل، نائبة الرئيس والمديرة الفنية وحفيدة فريد. وقبل عام، أجرى كل من ليونغ وفاليري سامويل جرداً شاملاً للمجموعة، وتصنيف آلاف الوثائق والملفات وترتيبها في أرشيف عيني ورقمي، لتتم إضافتها إلى أرشيف الدار الاستثنائي. 

بصمة المؤسس
"كنت أعلم أن بريق الأحجار، الذي أحببته إلى هذا الحدّ، سيساعدني على شقّ طريقي في العالم". 
أسس فريد سامويل دار فريد عام 1936، في الوقت الذي كانت تنتخب فيه فرنسا حكومة "الجبهة الشعبية" اليسارية. واتسمت تلك الفترة بالحركات الشبابية الثائرة والجريئة، ما دفع الشاب الحالم إلى افتتاح أول متجر له في شارع رويال بباريس، في خطوة عكست شجاعته وجرأته. وكتب فريد سامويل في مذكراته: "افتتحت المتجر في خضم الأزمة، في مايو 1936"، وتابع راوياً:" ومن المفارقات أن هذه الفترة كانت مزدهرة بالنسبة لي. وفي مايو 1936 أيضاً، رأى ابننا هنري النور. في تلك الأيام، كانت الدار تعرف باسم دار فريد سامويل". 
ورغم أن عائلته تتحدر من منطقة الألزاس، فقد ولد فريد في الأرجنتين عام 1908، أما والده الذي عاش في قرية إملينغ، فاعتاد بيع الأحجار الكريمة في البرازيل، قبل أن يفتتح متجراً في شارع كاليه فلوريدا الأنيق بمنطقة بوينس آيرس. ويستمد فريد سامويل ذكريات طفولته من تلك الفترة، التي عاشها في الأرجنتين، حيث كانت شمسها الذهبية تغمره بدفئها، مستعيداً في ذاكرته مشهدين من تلك المرحلة: "والدي يفرز الأحجار الكريمة، وأمي تلعب بانعكاسات الأحجار الكريمة الملونة، التي لا أعرف اسمها".

 

 

جرأة إبداعية
"مصمم مجوهرات عصري ومبتكر"، أربع كلمات حفرها على بطاقة عمله، جسدت شخصية فريد سامويل ورؤيته، فما يهم حقاً بالنسبة له هو استكشاف الأفكار، وتجربة تقنيات جديدة، وصنع مجوهرات للمستقبل. وكان فريد من أوائل الذين اكتشفوا واستوردوا اللؤلؤ المستنبت من اليابان، واتخذوا خطوة جريئة ببيعه في ثلاثينات القرن الماضي. وقد حوّل الأشياء اليومية، مثل المقياس الحجري، إلى قطع مجوهرات، كانت بمعظمها عبارة عن حُلي يمكن تعليقها في سوار. كان من أكبر المعجبين بألوان الساري الهندي وملمسه، فاستلهم من تلك الألوان وتدرجاتها تصاميم مجوهرات متلألئة، تنساب بأناقة على أجساد النساء كلما تحركن.
وقد نقل حبه للرياضات المائية والبحر إلى ابنيه، فولدت لدى الابن الأكبر فكرة لف أسلاك اليخوت الفولاذية، وربط طرفيها بمشبك ذهبي، فعرفت هذه القطعة المميزة من المجوهرات باسم "Force 10". 

فريد يبحث عن "فريد" 
على مدى 60 عاماً، أدهش "مسيو فريد"، كما كانوا يسمونه، عالم المجوهرات، ولايزال حتى يومنا هذا يعتبر أسطورة في مجاله. من هنا، فإن المحفوظات التي أعيد اكتشافها، تسترجع علاقات فريد بعملائه المهمين، وبعضهم من عائلات ملكية من الشرقين الأدنى والأوسط، والبعض الآخر مشاهير من عالم الفنون أو السينما، وتشهد الرسائل والرسومات، لاسيما تلك الخاصة باحتفاليات الانضمام إلى الأكاديمية الفرنسية، على تلك العلاقات الوثيقة والودية بين فريد وعملائه، التي نتجت عنها قطع فريدة، صممت بناء على الطلب لمناسبات خاصة، مثل: حفلات الزفاف، واحتفالات الذكرى السنوية، أو التتويج.

أحجار استثنائية ميزت تاريخ دار فريد
حب فريد سامويل للأحجار الملونة، وخبرته بها، جعلاه يقتني مجموعة من أهمها، بينها: 
- الشمس الذهبية: حجر ألماس يتميز بلونه الذهبي، ويزن 105 قراريط.
- القمر الأزرق: حجر ياقوت سيلاني يزن 275 قيراطاً.
ويعتبر البروش المصمم على شكل ريشة مرصعة بـ 19 ألماسة بألوان الوردي والأزرق والأخضر والأبيض والذهبي، أحد أبرز الطلبات التي نفذها فريد لأحد عملائه، ويبلغ الوزن الإجمالي للبروش 95.92 قيراطاً. 
وكدليل على متانة هذه العلاقة مع العملاء الراقين والبارزين في مجتمعاتهم، تم تخصيص ملف كامل يحتوي على عشرات الرسومات، لتسعة تصاميم لأطقم مجوهرات كاملة (تيجان، وقلائد، وأقراط متدلية) من الألماس والأحجار الملونة، طلبها أحد العملاء لحضور حفل زفاف ابنته.
وأدى البحث، في هذا التراث، إلى إعادة اكتشاف العديد من القطع الأسطورية، التي صنعتها دار فريد على مدار تاريخها البالغ 85 عاماً. وبعضها أضيف إلى مجموعة فريد التراثية، وسيتم إضافة البعض الآخر منها، ما يتيح للدار في يوم ما، سرد قصتها بالأحجار الكريمة، من خلال كتاب ومعرض.

خصصت "Maison FRED" عنوان بريد إلكترونياً لهذه المبادرة التراثية، هو: Heritage@fred.fr. وذلك لإتاحة المجال لأي شخص يملك قطعة أو أكثر من دار فريد تعود إلى فترة تأسيسها في عام 1936، الاتصال بالدار، مع ضمان سرية هوية مالكها، إذا رغب في ذلك، وعلى أي حال سيتم التعامل مع جميع الاستفسارات بخصوصية تامة. 
دار فريد تسعى إلى استرجاع تاريخها، وربما تكون أنت من يحمل أحد مفاتيح الولوج إلى هذا التاريخ.