ذات‭ ‬يوم،‭ ‬زارتني‭ ‬سوزان‭ ‬بيسل،‭ ‬مسؤولة‭ ‬حماية‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬اليونيسيف؛‭ ‬لنتناقش‭ ‬في‭ ‬سبل‭ ‬التعاون‭ ‬لحماية‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬ولم‭ ‬نتحدث‭ ‬مطولاً؛‭ ‬فقلت‭ ‬لها‭ ‬إننا‭ ‬نقيم‭ ‬برنامجاً‭ ‬تدريبياً‭ ‬في‭ ‬عطلة‭ ‬الربيع،‭ ‬وقمت‭ ‬بدعوتها‭ ‬للتوجه‭ ‬إلى‭ ‬القاعة،‭ ‬التي‭ ‬نظمنا‭ ‬فيها‭ ‬البرنامج‭ ‬التدريبي‭. ‬وكنا‭ ‬قد‭ ‬قسمنا‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬أربع‭ ‬مجموعات،‭ ‬هي‭: ‬الثقافة‭ ‬المحلية،‭ ‬والسعادة،‭ ‬وأسلوب‭ ‬الحياة‭ ‬الصحي،‭ ‬والخير‭ (‬بمناسبة‭ ‬عام‭ ‬الخير‭). ‬تعلم‭ ‬الأطفال‭ ‬أكثر‭ ‬عن‭ ‬المواضيع‭ ‬الأربعة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المجموعات‭ ‬التي‭ ‬انضموا‭ ‬إليها،‭ ‬وكانت‭ ‬أعمارهم‭ ‬تراوح‭ ‬بين‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬وثلاث‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭. ‬ثم‭ ‬تدرب‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬البرمجة،‭ ‬وبعض‭ ‬المعلومات‭ ‬حول‭ ‬مخاطر‭ ‬الإنترنت‭. ‬جلست‭ ‬بجوار‭ ‬إحدى‭ ‬المشاركات،‭ ‬واسمها‭ ‬‮«‬آمنة‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬عمرها‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬وكانت‭ ‬تريني‭ ‬اللعبة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بتصميمها‭ ‬وبرمجتها‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭. ‬كانت‭ ‬الطفلة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬الثقافة‭ ‬المحلية،‭ ‬وكانت‭ ‬لعبتها‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الرائعة‭ ‬عن‭ ‬الغوص‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬اللؤلؤ،‭ ‬إذ‭ ‬تحكي‭ ‬بتصميمها‭ ‬‮«‬الظريف‮»‬‭ ‬حكاية‭ ‬أجدادنا‭ ‬وبطولاتهم‭ ‬في‭ ‬الغوص‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬اللؤلؤ،‭ ‬وبخيالها‭ ‬الطفولي‭ ‬البريء‭ ‬توضح‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الغواص‭ ‬يواجه‭ ‬المخاطر،‭ ‬ويتصدى‭ ‬لسمك‭ ‬القرش؛‭ ‬ليجمع‭ ‬اللؤلؤ‭.. ‬كانت‭ ‬دهشتي‭ ‬بمهارة‭ ‬الأطفال،‭ ‬وشغفهم‭ ‬بالمعرفة‭ ‬والتعلم،‭ ‬لا‭ ‬توصف،‭ ‬وكذلك‭ ‬ضيفتي‭. ‬

مر‭ ‬أسبوع،‭ ‬تقريباً،‭ ‬وعلمنا‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬ترشحنا‭ ‬للفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للاتصالات،‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وطلب‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬حول‭ ‬البرنامج،‭ ‬وقمنا‭ ‬بذلك‭ ‬فعلاً‭. ‬وبعد‭ ‬فترة،‭ ‬ليست‭ ‬بطويلة،‭ ‬بُلّغنا‭ - ‬رسمياً‭ - ‬بأننا‭ ‬بالفعل‭ ‬فزنا‭ ‬بالمركز‭ ‬الأول‭ ‬عالمياً،‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬التوعية‭ ‬بمخاطر‭ ‬الإنترنت‭. ‬

هذه‭ ‬التجربة‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العبر،‭ ‬فلا‭ ‬حدود‭ ‬للتعلم،‭ ‬وتعلمنا‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬أطفالنا‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬الإنجازات،‭ ‬والإبداع،‭ ‬والابتكار،‭ ‬وأن‭ ‬العمر‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬مجرد‭ ‬رقم‭..‬