تستهويني‭ ‬الأفلام‭ ‬الواقعية‭!.. ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬شخصياتها‭ ‬أناساً‭ ‬يشبهوننا،‭ ‬لهم‭ ‬الملامح‭ ‬ذاتها،‭ ‬والأحاسيس‭ ‬التي‭ ‬نعرفها‭ ‬ذاتها‭. ‬

كأنما‭ ‬تلك‭ ‬الشخصيات‭ ‬ترينا‭ ‬مشاهد‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬قد‭ ‬نحياها،‭ ‬لكننا‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نتوقف‭ ‬لنرى‭ ‬تفاصيلها‭ ‬بوضوح‭ ‬بفعل‭ ‬الاعتيادية‭. ‬تترجم‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬ما‭ ‬نمر‭ ‬به،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬القدرة‭ ‬أو‭ ‬الكلمات‭ ‬لوصفه،‭ ‬أو‭ ‬شرحه‭.‬

الفيلم‭ ‬التركي‭ ‬‮«‬معجزة‮»‬‭ ‬أحد‭ ‬تلك‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬مشاهدتها،‭ ‬والتوقف‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬ففضلاً‭ ‬عن‭ ‬الجمال‭ ‬الآسر‭ ‬لطبيعة‭ ‬قرية‭ ‬جبلية‭ ‬معزولة،‭ ‬اختيرت‭ ‬لتصوير‭ ‬الفيلم،‭ ‬يظهر‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مشهد‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬الفيلم‭ ‬جمال‭ ‬الشخصيات،‭ ‬والبراعة‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬مشاعر‭ ‬متداخلة‭ ‬ومتعددة‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬رائعة؛‭ ‬تحكي‭ ‬حكاية‭ ‬الشاب‭ ‬‮«‬عزيز‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬ولد‭ ‬مختلفاً‭ ‬عن‭ ‬إخوته‭ ‬بعاهة‭ ‬عقلية،‭ ‬جعلته‭ ‬يعيش‭ ‬متنقلاً‭ ‬بين‭ ‬الطرقات‭ ‬بشعر‭ ‬أشعث،‭ ‬وثياب‭ ‬ممزقة‭ ‬رثة‭.‬

وحينما‭ ‬يُرْسَلُ‭ ‬معلم‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬للتدريس‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬القرية،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إلا‭ ‬غرفة‭ ‬بُنيت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأهالي‭ ‬على‭ ‬عجل،‭ ‬يكتشف‭ ‬هذا‭ ‬المعلم‭ ‬رغبة‭ ‬خفية‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬عزيز‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعلم‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬رغم‭ ‬وضعه‭ ‬البائس‭. ‬

وفي‭ ‬مفارقة‭ ‬قدرية‭ ‬غريبة،‭ ‬يتزوج‭ ‬‮«‬عزيز‮»‬‭ ‬فتاة‭ ‬رائعة‭ ‬الجمال،‭ ‬ويبدأ‭ ‬الأهالي‭ ‬معايرتها‭ ‬بزوجها،‭ ‬فلا‭ ‬يجد‭ ‬‮«‬عزيز‮»‬‭ ‬حلاً‭ - ‬أمام‭ ‬بكائها‭ ‬وحزنها‭ ‬‭- ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يغادر‭ ‬القرية‭ ‬معها‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬غير‭ ‬معلومة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخبر‭ ‬أحداً‭.‬

وتحدث‭ ‬‮«‬المعجزة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬عُنْوِنَ‭ ‬بها‭ ‬الفيلم،‭ ‬بعودة‭ ‬‮«‬عزيز‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬قريته،‭ ‬وقد‭ ‬تغيرت‭ ‬حاله‭.‬

ويشير‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الفيلم‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬مأخوذ‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬واقعية،‭ ‬يظهر‭ ‬بطلها‭ ‬الحقيقي‭ ‬وزوجته‭ ‬في‭ ‬نهايته،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬المفارقة،‭ ‬أو‭ ‬الأمر‭ ‬المميز‭ ‬الذي‭ ‬يأسر‭ ‬المشاهد‭.‬

بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬قصة‭ ‬الفيلم،‭ ‬قد‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬المبالغة؛‭ ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬تنقلب‭ ‬حال‭ ‬البطل‭ ‬من‭ ‬نقيض‭ ‬إلى‭ ‬نقيض‭.. ‬بمجرد‭ ‬شعوره‭ ‬بالحب؟‭!‬

ربما‭ ‬تأخذني‭ ‬الحماسة‭ ‬لأعارض‭ ‬هؤلاء،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الشواهد‭ ‬الحقيقية‭ ‬رأيناها‭ ‬بأعيننا‭ ‬لأناس‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬للنجاح‭ ‬أو‭ ‬اليُسر‭ ‬مجال‭ ‬في‭ ‬حياتهم؛‭ ‬لولا‭ ‬أنهم‭ ‬وجدوا‭ ‬من‭ ‬يحتويهم،‭ ‬ويكمل‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬شخصياتهم‭. ‬

وليس‭ ‬الحب‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬مجرد‭ ‬كلمات‭ ‬تقال،‭ ‬أو‭ ‬أحاسيس‭ ‬تغزو‭ ‬القلوب‭ ‬وحسب،‭ ‬إنما‭ ‬الحب‭ ‬الحقيقي‭ ‬اهتمام‭ ‬واحتواء‭!‬