عام مضى.. وعام جديد يطل علينا من نافذة الأمل.. عام مضى بكل أفراحه وأتراحه، بابتساماته وآلامه، بأحداثه السعيدة والحزينة. لكن قبل أن يمضي العام، الذي نَمَا في أيامه الغرس، ونضجت الثمار، واكتملت التجربة؛ لنصل إلى عتبات عام جديد، يمثل لنا طاقة نور وأملاً، نرسم فيه أحلاماً عريضة، وتتولد بداخلنا أمنيات جديدة.. المستشارة الأسرية وخبيرة تطوير الذات، سفيرة السعادة، تهاني التري، تضع - في الحوار التالي - وصفة لاستقبال العام الجديد، مفعمة بالإصرار والنجاح والتميز، توضح فيها كيفية التخلص من السلبيات والإحباط، لبدء عام جديد مليء بالحب والسعادة والتفاؤل:

• مع بداية عام جديد.. كيف يمكننا طرق أبواب النجاح؟

- هناك الكثير من الأبواب التي يمكننا فتحها لاستقبال العام الجديد، لكن ليست كل الأبواب تكون مناسبة لنا، وعلينا اختيار ما يناسبنا، والتركيز عليه حسب قاعدة «20/‏‏80»، التي تقول: استخدم وركز طاقتك ومجهودك ووقتك وأدواتك، وكل ما لديك من نقاط قوة، على 20% مما تنفذه؛ لتحصل على نتيجة 80% من كل ما قمت به؛ لتحقيق هذا النجاح، والانطلاق في الحياة.

• كيف نضع خطة البدايات؟

- لنعتبر أن البداية عبارة عن صفحة بيضاء، ونحن من سيحدد ماذا سيكتب فيها، وعلينا أن نتساءل: ما أهم الأمور التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار؛ حتى نقلل حجم الفشل الذي يمكن أن يصيبنا؟.. فمثلاً يجب ترتيب أولوياتك تماشياً مع احتياجاتك ومتطلباتك وتطلعاتك المستقبلية، فالعام الواحد يحمل 365 يوماً، ولو فرضنا أنك قررت تحقيق إنجاز في كل يوم يمر عليك كتحدٍّ جديد، ستستطيع تحقيق 365 إنجازاً. اسأل نفسك: هل أستطيع تحقيق إنجاز بشكل يومي؟ هل سيكون الأمر صعباً أم من السهل تحقيق ذلك؟.. هذه كلها تحديات ستضعك في مواجهة مع الزمن والوقت؛ للوصول إلى الهدف.

• هل للأسرة دور في تصميم خطة الإنجاز الخاصة بنا.. وإنجاحها؟

- إذا كان الهدف تحقيق إنجازات حقيقية ونجاح ملموس، فيجب على الشخص - عند تصميم الخطة - أن يوازن في عجلة الحياة التي تشمل الجوانب الحياتية كافة، والأسرة لها دور كبير في تحقيقها، وعجلة الحياة فيها جانب التعليم والتطوير، والجانب الاجتماعي والمالي والديني والروحي، وغيرها، حتى لا يفاجأ بأنه حقق إنجازاً كبيراً في مجال، وأهمل بقية المجالات، ويجب أن يشرك الأسرة في جزء من خطته؛ حتى يكون هناك دعم ومساندة منها؛ لأنها تشكل الخط الآمن، والداعم الأول له.

إدارة الوقت

• ما العناصر التي تعزز خطوات النجاح وتحقيق الإنجازات.. رغم التحديات؟

ـ تنظيم الوقت واستثماره، حيث يمكن استخدام العديد من النظريات أو الأساليب التي تعزز استثمار الوقت، مثل: «تقنية الطماطم» (بومودورو)، التي تساعد على التركيز في أداء المهام عبر تقسيم الوقت إلى 25 دقيقة للعمل، و5 دقائق للراحة لـ4 مرات متتالية.. وهكذا. إذ بعد انتهاء المدة، يقوم الشخص بالتقييم الذاتي بالإجابة عن سؤال: هل تم الانتهاء من المهام كافة، أم مازال لديه بعضها؟ ويبحث عن الخلل في التنفيذ، هل المهام أكبر من الوقت المخصص، أم أنه أعطى بعض المهام وقتاً أطول مما تستحق.. وهكذا. كما أنه من المهم، أيضاً، التنظيم والتخطيط وترتيب الأولويات، ثم كتابة الأهداف، وتقسيمها إلى قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى.

• هل المحيطون بنا يلعبون دوراً مهماً في تحقيق أهدافنا؟

- نعم، ومن الضروري إيجاد أشخاص مشابهين لك ولأهدافك وأحلامك وطموحاتك، يقومون بمساعدتك على الاستمرار دون كسل أو تسويف، ولتعيد شحن طاقتك من خلال أنشطة مشتركة معهم، تسهم في تطويرك، أو تطوير أحدكم للآخر، خلال رحلة الإنجازات؛ لأن النجاح يعتبر رحلة لا تنتهي بمحطة أو تحقيق هدف معين أو إنجاز.

اهتم بنفسك أولاً

• ماذا عن الأهداف التي لم تتحقق في العام الماضي.. هل أهملها؟

- بالطبع لا.. لكن أنت وحدك صاحب القرار، من خلال تحديد أولوياتك في الحياة، ومتطلبات المرحلة الحالية والقادمة بالنسبة لك، وهل حصل لك ما يمثل نقطة التحول بحياتك، أم أنك مازلت داخل الإطار القديم نفسه؟ كل هذا أنت وحدك صاحب القرار فيه. نحن، هنا، نساعدك في إيجاد بعض الإجابات عن تساؤلات تسهم في دعم عملية اتخاذ القرار، والاستمرار في تحقيق النجاح، انطلاقاً من القاعدة المعروفة: «إن تحقيق النجاح سهل، لكن الأصعب منه الحفاظ عليه».

• كيف نستطيع التخلص من الأشخاص السلبيين من حولنا؟

- في رحلة تحقيق النجاح والإنجازات، يجب أن تتخلى فوراً، وتُخرج من حياتك «مصاصي» الطاقة الإيجابية، و«شحاتي» العواطف، الذين يعيشون دور الضحية طوال الوقت؛ لأن هؤلاء يستنزفون وقتك وطاقتك ومشاعرك وروحك في دائرتهم الخاصة، المليئة بالسلبية والمشاكل والحزن والقلق والاضطراب. اهتم بنفسك أولاً، وقدم لهم المساعدة، وإن فشلت تجاوزهم؛ حتى لا تصبح أسير دوائرهم المظلمة، وانطلق نحو أهدافك بقلب منفتح، وعقل مبتكر، وروح متجددة.

• هل من وصفة للاستمتاع بالحياة، ومعرفة سر السعادة في العام الجديد؟

- من المهم تطبيق نظرية «إيكيجاي»، وهي تعني «معنى الحياة» باللغة اليابانية، إذ تعتمد على سر السعادة والإنجاز في الحياة، وفلسفة «إيكيجاي» لا تقتصر على تحديد أهداف خاصة والسعي إلى تحقيقها، وإنما هي أشمل من ذلك، فالمغزى منها يكمن في تحقيق التوازن المناسب بين جميع الجوانب المحيطة بالهدف.

• ما هدف فلسفة «إيكيجاي»؟

- فلسفة «إيكيجاي» تهدف إلى أن يكون المرء راضياً سعيداً في حياته، ولديه هدف يدفعه إلى الاستيقاظ ليقدم شيئاً يفيد به الآخرين بطريقة ما، وتساعده في أن تكون حياته منتظمة وهادفة، وهي فلسفة شاملة تناسب الجميع، وبالتالي من كان يشعر بأن حياته مشوشة، يمكنه أن يعيد التفكير بطريقة إيجابية؛ ليصنع هدفاً ومعنى، ويستشعر جمال الحياة من حوله.

• كيف أعلم أنني حققت الـ«إيكيجاي» الخاص بي؟

ـ الوصول إلى «إيكيجاي» لن يحدث بسهولة تامة، بل يحتاج ذلك إلى المزيد من الوقت والملاحظة والتفكير. وبعد تطبيق ما ذكرناه، قم بملاحظة سلوكك اليومي، ومقدار الإنجازات التي تحققها.. هنا ستعرف هل أصبح لديك «إيكيجاي» ممتاز ومناسب أم لا!

تقنية الـطماطم

يعتبر أسلوب «تقنية الطماطم» (بومودورو) مناسباً لرفع معدل التركيز؛ لاستخدامه فكرة «التوقف المتكرر».. وخطوات التقنية هي:

1. اكتب قائمة بالعمل الذي تريد القيام به (كتابة، مذاكرة، طبخ، قراءة… مهام مختلفة).

2. اضبط المؤقت على 25 دقيقة.

3. ابدأ في العمل حتى ينتهي المؤقت، وتوقف مباشرة عنه.

4. الآن فترة راحة قصيرة لمدة 5 دقائق (لا تفعل أي شيء له علاقة بالمهام.. انظر إلى السقف بهدوء).

5. عد إلى المهمة ذاتها إن لم تنتهِ، أو ابدأ بمهمة جديدة لمدة 25 دقيقة.

6. توقف لمدة 5 دقائق.

7. كرر الطريقة لأربع فترات.

8. عند كل 4 «برومودورو» (فترات عمل)، خذ راحة من 20 إلى 30 دقيقة.

9. في نهاية اليوم، احسب عدد «فترات الطماطم» التي استغرقتها في كل مهمة.

 

نظرية «إيـكيجاي»

يمكن تحقيق الـ«إيكيجاي» الخاص بك، من خلال إجابة هذه الأسئلة:

1. ماذا تحب أن تفعل؟

2. ما الشيء الذي تجيد فعله؟

3. ماذا يحتاج العالم منك؟

4. ما الذي يمكنك فعله، وتتقاضى المال مقابله؟

5. هل هناك هدف محدد، ترغب في الوصول إليه؟

ثم عليك التفكير، وكتابة الأجوبة في الدفتر الخاص بك، ثم محاولة التفكير بعمق لصنع خطة يومية مفيدة تناسبك، وتحفزك على الاستيقاظ بنشاط في الصباح المبكر.