يلتقط المصور السعودي، فهد عبدالعزيز، صوراً فوتوغرافية تعكس إبداعه الداخلي، إذ يمتلك عدسة تواكب التطور، ورؤى تَعْبُر القارات؛ لتُعَبّر عن ثقافات وعادات مختلفة. واستطاع عبدالعزيز أن ينسج بأنامله المبدعة - من خلال صوره - قصصاً نابضة بالتسامح والتعايش مع الآخر، مستكشفاً تراث الشعوب، لاسيما أنه قد زار أكثر من 30 دولة حول العالم، فهدف عدسته هو توثيق صور فوتوغرافية تبعث برسالة سلام من بلده إلى العالم؛ فحصد الجوائز ومن بينها، مؤخراً، جائزة حمدان بن محمد بن راشد العالمية للتصوير الضوئي، التي وصفها بأنها حلم المصورين في شتى بقاع الأرض.. في حواره مع «زهرة الخليج»، ألقى المصور السعودي بالضوء على تجربته التصويرية، التي استخدم فيها «الدرون»؛ لمواكبة العصر، والتقاط صور تنبض بالحياة من زوايا جديدة:

• متى شعرت بأن الكاميرا هي عينك الثانية؟ وكيف كان ذلك؟

- المصور، دائماً، يرى المناظر والأحداث داخل إطار، ويمتاز بأنه ينقل إلى المشاهد الصور واضحة، بعيداً عن المشتتات، ويركز على المهم، فحينما التقطت صورتي التي فازت في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، ونُشِرَتْ على موقع «ناشونال جيوغرافيك»، لم أتخيل أن المنظر سيكون هكذا من الأعلى وقتها. وقفت مذهولاً، وأنا أرى العدد الكبير من الناس والإبل والسيارات، حينها أيقنت أن الكاميرا عين ثانية للمصور.

• هل تقوم بتعديل صورك، وإضافة المؤثرات إليها؟

- كل صورة لابد أن تمر بمرحلة معالجة، وهذا ليس خطأ، فالكاميرات مهما تطورت يستحيل أن تضاهي العين البشرية، فالمعالجة هي تقريب الصورة إلى الواقع الذي يشاهده المصور. لكن لأن المصور يبحث عن اللقطات المميزة، ويختار الزوايا الجميلة، يعتقد البعض أن الصورة غير حقيقية، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تزييف الحقائق، وأن تكون المعالجة تصحيحاً لأخطاء الكاميرا فقط، عدا الصور الصحافية بالتأكيد، التي تؤخذ من الكاميرا إلى النشر مباشرة.

• ما سمات المصور المبدع.. من وجهة نظرك؟

- في عصرنا الحالي، الكل يحمل في جيبه هاتفاً متنقلاً، يحتوي على كاميرا؛ لذا الجميع أصبحوا مصورين. لكنني، دائماً، أقول إن هناك فرقاً بين المصور والفنان، فالمصور هو من يعرف كيف يستخدم الكاميرا، أما الفنان فهو من يجعل وراء الصورة رسالة وقصة معبرة.

الصورة رسالة

• هل يمكن أن تكون الكاميرا أداة من أدوات التغيير في المجتمع؟

- نعم، فالصورة رسالة، وتعتبر أقوى سلاح لتغيير المفاهيم والمعتقدات، فالكثير من الحروب والنزاعات والصور النمطية تغيرت بسبب صورة.

• ما مقومات الصورة الفوتوغرافية الناجحة؟

- الصورة لها قواعد تزيد نجاحها كما في الفنون التشكيلية وغيرها، والقواعد لم تخلق عبثاً، فالاطلاع على السير الذاتية للفنانين، والتغذية البصرية باستمرار، مهمان للفنان، ولا مانع من كسر بعض القواعد أحياناً؛ إذا رأى الفنان ذلك. لكن أهم مقومات نجاح الصور - من وجهة نظري - استغلال الضوء، والتكوين السليم.

فطرة نقية

• ما الدولة التي تمنيت العودة إليها، والتصوير فيها مجدداً.. ولماذا؟

- لقد سافرت إلى أكثر من 30 دولة، والتقطت فيها صوراً فوتوغرافية، فلكل دولة ثقافاتها وعاداتها وطقوسها التي تثير اهتمامي، ولا أحب تكرار السفر إلى الدول التي زرتها من قبل على الأغلب، لكن أتمنى أن أعود إلى بوليفيا؛ لأنني لم أستطع استكمال رحلتي حينها بسبب الظروف.

• كيف تعكس صورك الفوتوغرافية إشراقات التسامح والتعايش حول العالم؟

- لأنني أحب السفر كثيراً؛ أميل إلى زيارة المناطق البسيطة والريفية، حيث استشعرت أن أهلها أقرب الناس إلى التسامح والتعايش، لاسيما أن طبيعة الإنسان بفطرته النقية ترنو، دائماً، إلى الراحة، وغالباً تجدها في البساطة والطبيعة، وهذا ما انطبع على شخصيتي وصوري.

• لقد فزت، مؤخراً، بجائزة «حمدان بن محمد للتصوير الضوئي».. كيف ذلك؟

- يعتبر الفوز بمسابقة مهمة تحمل اسم سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم شرفاً وحلماً لأي مصور حول العالم، خاصة أن المنافسة فيها كانت قوية، إذ شارك فيها الكثيرون من شتى بقاع الأرض، والحمد لله دائماً وأبداً.. والقادم أفضل بإذن الله.

• ما سر اللقطة الفوتوغرافية، التي حصدت الجائزة؟

- الصورة تختصر حياة مقاتل كوبي، استضافني في بيته وأنا لا أعرفه، وبدأ يسرد لي تاريخه ونضاله، فكما ذكرت، سابقاً، أن سكان المناطق البسيطة هم أقرب الناس إلى التعايش والمحبة.

• حدثنا عن تجربتك في التصوير من منظور فضائي باستخدام «الدرون»؟

- «الدرون» قدمت لنا منظوراً وإمكانات جديدة، وهي مستقبل تكنولوجي عظيم لابد للإنسان من استغلاله في الفن، والحصول على صور وزوايا لم يستطع تصويرها من قبل، وهذا ما أحرص عليه دائماً.

• في المملكة.. ما المنطقة السياحية التي تتمنى زيارتها وتصويرها؟

- أتمنى زيارة كل شبر في وطني، لكنني أعتقد أن الربع الخالي - ذلك المكان الذي يشغل مساحة كبيرة في وطني - يجهله الكثيرون، ويعتبر كنزاً من التضاريس والصور التي لم تلتقط بَعْدُ. لكن صعوبة التنقل فيه تجعل الأمر صعباً، والقليل من المصورين هم الذين ذهبوا إلى هناك لالتقاط الصور الساحرة.

توثيق التطوع

• لديك مشاركات تطوعية.. ما القيمة التي يضيفها العمل الإنساني إلى صاحبه؟

- منذ بداياتي في التصوير والسفر، كنت أتمنى أن أحظى بفرصة توثيق التطوع الإنساني، لأنني ابن وطن معطاء، يحمل على عاتقه مساعدة الإنسان في كل بقاع الأرض، والحمد لله حصلت على فرصة للاندماج في عالم التطوع من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، وهذا شرف لي، وحلم راودني كثيراً، ولابد للفنان أن يعطي دون مقابل لتوثيق الأعمال الإنسانية والتطوعية.