تهوى التشكيلية السعودية، ريم السبيعي، الاستثنائي والمتفرد، وتحلق في فضاءات المغامرة بموهبة كثيفة المعاصرة، متكئة على ريشة مبدعة، وألوان صاخبة، ساقتها إلى التمرد على حدود التقليد الواقعي، ومن خلال أعمال رائعة تسعى إلى أبعد من الدهشة، بهرت برسوماتها الأعين، وحركت العقل بالأسئلة، وأَثْرَتْ الوجدان بالجمال.. «زهرة الخليج» التقت التشكيلية السعودية؛ لتسلط الضوء على جوانب من تجربتها الإبداعية الثرية:

• متى أدركت أن لديك شغفاً بالفرشاة والألوان.. وما قصة أول لوحة؟

- أحببت الرسم منذ طفولتي، ومع مرور الوقت تعلمت أناملي الإمساك بالفرشاة، ثم ولجت عالم الألوان الزيتية، حيث دربت نفسي عليه؛ ولم يكن الأمر سهلاً في البداية، لكنني ثابرت حتى أتقنت الرسم بالفرشاة والألوان الزيتية. أما أول لوحة رسمتها، فكان موضوعها عن شخصيات كرتونية طفولية، ثم سافرت إلى أوروبا، وهناك وقعت في غرام الفن التشكيلي الأوروبي، الذي تستخدم فيه الألوان الزيتية، وهذا الحب للوحات الرسم الغربي عنون نضجي التشكيلي من ناحية أخرى.

• لديك أسلوب غرائبي في الرسم.. من أين استلهمته؟

- عبر تفاعلات الوجدان بمختلف المشاعر؛ وجدت أن التعبير عن كل ذلك، تشكيلياً، يتجاوز حدود المدرسة الواقعية؛ فبدأت محاولات الاختراع والبحث عن أسلوب مغاير، تحتمل مفرداته البصرية صوراً جديدة، تتجاوز مسار الرسم التقليدي، وتستطيع ترجمة الإحساس؛ فالخيال والفانتازيا يختلفان بداهة عن الواقع، لكنهما حالتان يكمل بعضهما بعضاً. أما إمكانية دخول عوالم الخيال، فهو ما يميز كل الفنون، ومن هناك حاولت تطويع الواقع من أجل براحات أكثر نزوعاً للجمال. 

 

لوحة الملكة

• ارتبط إبداعك، أيضاً، بـ«البورتريه».. فما سرُّ علاقتك القوية به، وما اللوحات التي تفخرين بها؟

- عندما توغلت في مساحات الفن التشكيلي؛ تعلقت بـ«البورتريه»، إذ شعرت بأنه يترجم ملامح وجه الإنسان بدقة، ما جعله مناسباً لعدد من الرسامين في تصوير الشخصيات، خاصة التاريخية منها، وذلك قبل اختراع التصوير الفوتوغرافي. وأكثر لوحة أفتخر بها هي لوحة «كوين إليزابيث»، التي رسمتها بعفوية عندما كنت في بريطانيا؛ فقد جذبتني شخصيتها القوية، وعندما أرسلت هذه اللوحة إليها شكرتني بعمق، ما ترك عندي أثراً طيباً غيّر حياتي في ما بَعْدُ.

• من خلال تجربتك الإبداعية.. كيف ينشئ التشكيل حواراً بين العقل والوجدان؟

- الحوار بين العقل والوجدان ليس بالشيء السهل؛ لأن الوجدان من طبيعته التمادي في براحات الخيال، والجنوح إلى فضاءات «الفانتازيا»، أما العقل فبطبعه يحجر الأمور ويقيدها، وهنا تكمن الصعوبة. لذلك أعتقد أن الوجدان المعبر عنه بلغة الفنون يكسب العقل نوعاً من الجنون الصحي السوي، فالعقل يحتاج إلى منتجات الوجدان، وإلى نزعات الطفولة وسذاجتها وبراءتها، حتى إنه يحتاج إلى التهور، أو فلنقل المغامرة، مع أن العقل «يعقلن» حالات الحواس، وأنا أظن أن الإنسان ما هو إلا حفلة مستمرة من الحواس التي يعتبرها الوجدان مدخلاً، يتم التعبير عنه بمختلف أنواع الفنون.

تجربةٌ وفخر

• ماذا أضافت إليك تجربتك في الإمارات، وكيف رسمت سيرة إبداعك بها؟

- مهما أصف الإمارات؛ فأنا أشعر بأنني لا أوفيها حقها؛ ففي واحاتها يجد الرواد والمثابرون حظهم من الدعم في كل مناحي الحياة، فنية كانت أم غير ذلك، فهي الأم الرؤوم الحانية على أبنائها وبناتها.

• كيف تقيّمين دور الفنون في مواكبة تطور المجتمع السعودي حالياً؟

- السعودية تعيش، اليوم، حالات من التطور المطرد في كل أنواع الفنون، التي تنهض لتلامس بإبداعاتها الثريا، وأنا فخورة ببناتنا وأبنائنا الشباب، الذين يقودون هذا الإبداع، ويُرجى منهم الكثير.