قد يشعر الوالدين في بعض الأحيان بأن أحد الأبناء يميل إلى العزلة والانطوائية، ولا يفضل الانغماس في المجتمع وحينئذ يرتبك كل أفراد العائلة، ويبدأ الزوجان في إلقاء الاتهامات بأن احدهما هو المسؤول عن ما وصل اليه الابن، وقد تصل عزلة الابن الى حد رفض المجتمع والعائلة خاصة في مرحلة المراهقة، وقد يبدأ الطفل في التفكير في الانسحاب من المنزل والعيش بمفرده في مكان بعيد عن العائلة، وهنا تبدأ المشكلة التي نبحث دائما عن حل لها، ونحاول التوصل الى أسباب انطوائية الطفل والوصول إلى العلاج المناسب وربما الوقاية قبل فوات الأوان. في السطور التالية تكشف الاخصائية التربوية نور وليد عن الاسباب التي جعلت الطفل انطوائياً وكيفية التعامل معه. 

  • الاخصائية التربوية نور وليد

أنواع الانطوائية

توضح الأخصائية نور أنه يوجد نوعان من الانطوائية: الأولى إيجابية والأخرى سلبية، وتتابع مشيرة إلى أن الطفل الانطوائي بشكل إيجابي لن يؤذي نفسه ولن تؤثر انطوائيته في شخصيته مستقبلاً، لاسيما وقد يكون الطفل في عزلة لأنه يفكر ويبدع، وقد يكون يوماً ما مبتكراً أو عالماً. وتضيف موضحة أن الانطوائية السلبية التي تتسبب في التأثير المباشر على حياة الطفل في حاضره ومستقبله هي الأخطر، وهي التي يجب الوقوف عند أسبابها ومن ثم طرق العلاج.

أسباب انطوائية الطفل السلبية

تقول نور وليد  إن ترك الطفل وحيداً لساعات طويلة وقلة الاهتمام به وبالتالي عدم مناقشته أو التحاور معه من الأسباب المهمة التي تجعله شخصاً انطوائياً يفتقد إلى الحب والحنان.

أيضاً طريقة تربية الوالدين سواء عن طريق خوفهما الزائد على الطفل والتدليل المبالغ فيه أو القسوة الشديدة والتوبيخ المستمر، كلها أمور قد تدفع الاطفال إلى عدم الاستجابة للنصائح فيما بعد وبالتالي هروب الطفل إلى العزلة والابتعاد عن المحيطين به.

وقد يكون سبب انطواء الطفل أيضاً بعض العيوب في جسده، مثل قصر القامة، أو ضعف الجسم، أو أن يكون المصروف الذي يحصل عليه من والديه قليل جداً بالمقارنة بأقرانه، ما يتسبب في شعوره الدائم بالخجل وبالتالي الميل إلى العزلة.

كيفية تربية طفل انطوائي "فن التأقلم "

تنصح الأخصائية التربوية نور الأم بضرورة احترام الوقت الذي يقضيه طفلها بمفرده، لاسيما اذا كان يستثمر ذلك الوقت في معالجة أفكاره وإعادة تجديد نشاطه. وتتابع موجهة كلامها للأم: "عليك بالتحدث إلى طفلك وطمأنته بأن الانطوائية ليست مرضاً ولا داعي للقلق بشأن ما يقوله الآخرون أو افراد العائلة عنه إذا رفض الانخراط في جلساتهم". وتضيف "قومي بتقديم طفلك للغرباء تدريجياً، وعليك أن تمنحيه بعض الوقت للاختلاط بالناس من حوله، وعدم استعجاله على ذلك. من الأمور التي تساعد أيضاً في علاج انطوائية الطفل تشجيعه على ممارسة الأنشطة التي يفضلها. واعلمي أن عدد الأصدقاء لا يمكن أن يكون مؤشراً على مدى جودة حياة طفلك، من المهم جداً أن يكون لديه ولو صديق واحد يتفهم شخصيته ويرتاح للحديث معه، لاسيما وإن كان لديه صديق جيد واحد يدعمه في أوقات الشدة، فهو يمتلك كل شيء".

وأخيراً توضح نور بقولها أن الطفل قد يرغب في استثمار أوقاته في ممارسة أنشطة غير متداولة بين الأطفال من نفس عمره، وهنا على الأم أن تقدر اختيارات طفلها ومساعدته على ممارسة هواياته.

وتقول:" عليكِ أن تتفهمي متى يحتاج طفلك إلى المساعدة، فقد لا يرغب الطفل الانطوائي في طلب المساعدة، وقد يستمر في التعامل مع مشاكله بمفرده، وهنا من الضروري جدًا بالنسبة لك كأم أن تسألي طفلك عما إذا كان يواجه أي مشكلة، من دون أن يشعر بأنك تستجوبينه أو تشعريه أنه تحت المراقبة. إذا كان لا يرغب في المشاركة أو التحدث عن مشاكله، امنحيه بعض الوقت، سوف يأتي إليك في وقت لاحق، حيث يمكنك مساعدته".

أمور ينبغي تجنبها عند التعامل مع الطفل الانطوائي.

تقول نور وليد: "يعتقد بعض الآباء أن السخرية من السمات السلبية عند الطفل طريقة جيده لعلاجه، لكن في الواقع السخرية والإحراج يزيد من انطوائية الأطفال ويجعلهم أقل رغبة بالاندماج مع محيط يسخر منهم.

تجنب حصار الطفل الانطوائي وطلب تفاعله في كل الأمور الحياتية طوال الوقت لان ذلك يشعره بعدم الثقة في النفس، والضجر وبالتالي تزداد مشكلته.

لابد من تجنب مقارنة الطفل بالآخرين، ومن المهم مدحه واكتشاف مواهبه الإبداعية وتنميتها".