منذ سنوات، شخصت بعض الدراسات النفسية الإنسان، الذي يهوى التسوق، بأنه مصاب بالوحدة والفراغ والجوع العاطفي؛ وتمادت متحدثةً عن قدرته على ممارسة الانتقام العاطفي بسهولة، ودون تأنيب ضمير! 

وكان لهذه الدراسات معارضون كُثر، حاولوا جاهدين دحض وإنكار مثل هذه النتائج، معتبرين أن التسوق ما لم يتجاوز الحد المعقول، ويتحول إلى هوس مرضي، هو نوع من العلاج النفسي، والتخفيف من حدة التوتر والقلق.

جملة من المؤيدين لهذه الدراسات، كانوا يرون أن الفراغ العاطفي قد يترك في روح الإنسان ما يشبه «الحفرة»، التي لابد أن تملأ بمشاعر الحب والرضا، لتكون لهذا الشخص نفسية مستقرة ومتوازنة. لكن إذا لم يجد المرء ما يملأ تلك الحفرة؛ فإنه يلجأ حينها إلى البحث عن بدائل، قد تتمثل في التسوق، وشراء ما لا يحتاجه؛ فقط ليشعر بالامتلاء، ويبعد عن نفسه «الخواء»، الذي يجلب له التعاسة، والإحباط، والحزن.

هناك من يعانون بالفعل مشكلة التسوق الشره، أو هوس الشراء، وأمثال هؤلاء لا يترددون أبداً في شراء كل ما تقع عليه أعينهم، من مشتريات قد لا يحتاجونها، أو ربما تفوق مقدرتهم المادية، وبالتالي قد يضعون أنفسهم في مشكلات قانونية تنتهي بهم خلف قضبان السجون.

لكن في المقابل، هناك من يمارسون التسوق المتوازن، الذي يدخل على أنفسهم السعادة، ويشعرهم بلذة الحصول على شيء يعجبهم، دون أن يرهق ميزانيتهم، أو يُعقد حياتهم. 

في الغرب، هناك عيادات نفسية تعالج حالات الإدمان الشرائي، خاصة ونحن اليوم نعيش ثورة إلكترونية، سهّلت مهمة التسوق والشراء، حتى إن لم يغادر الإنسان الكرسي، الذي يجلس عليه في داخل بيته.

وخير دليل على ذلك العامان المنصرمان، حينما فرضت جائحة «كورونا» على معظم سكان الكرة الأرضية البقاء في منازلهم لفترات طويلة، وعندها وجد الكثيرون تصفح مواقع البيع الإلكتروني طريقة جيدة لتمضية الوقت.

نشطت تلك المواقع، وارتفعت مبيعاتها، حتى أصبح التسوق الإلكتروني من ضرورات الحياة عند البعض، فبكبسة زر واحدة قد تحصل على كل ما تتمناه، دون عناء، ودون أن تبرح مكانك!