كشفت مجلة ساينس في دراسة نشرتها مؤخراً عن نجاح فريق من الباحثين بقيادة الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية والبيولوجية الطبية في جامعة نيويورك أبوظبي الدكتور يونغ-آك (رافائيل) سونج، في تقديم أول نموذج فيزيائي حيوي دقيق لعملية البتر الذاتي لذيول السحالي. ويأتي هذا الإنجاز ليتوج الجهود الدؤوبة التي كرسها الباحثون لفهم الآلية المسؤولة عن دعم قدرة السحالي على بتر ذيولها ذاتياً للهرب من المفترسات وإنمائها مجدداً، حيث نجح الدكتور سونج وفريقه باكتشاف وجود دعائم مجهرية كثيفة فطرية الشكل تكسوها ثقوب نانوية تلعب دوراً محورياً في عملية البتر الذاتي.

دعائم مجهرية

وقدم الدكتور سونج وزملاؤه في ورقة بحثية بعنوان المحاكاة الحيوية لنموذج قطع الأنسجة في عملية البتر الذاتي لذيول السحالي، صوراً مجهرية لذيل وجسد العظاءة بعد عملية البتر باستخدام المجهر الإلكتروني الماسح، حيث لاحظوا بأن الدعائم المجهرية فطرية الشكل المكسوة بالثقوب النانوية شكّلت روابط سطحية على طول منطقة الكسر في الذيل تضعف لدى ثني الذيل أثناء تجهيزه للانفصال وتشتد في وضع الاستقامة. وتسمح هذه الدعائم بتسهيل البتر مقارنةً بالتشابك العادي القائم على التآلف الشكلي، فضلاً عن توفيرها آليات تقوية فعالة تدعم التصاق الذيل بالجسد بشدة ولأطول فترة ممكنة أثناء المواقف غير المهددة للحياة. كما صوّر الباحثون عملية بتر الذيل باستخدام كاميرا عالية السرعة واكتشفوا الدور المحوري لثني الذيل في التمهيد للبتر عن طريق إحداث تشقق من جهة الانحناء. وأظهر النموذج الحاسوبي قيام السحلية بتقليص العضلات المحيطة بمنطقة الاتصال بين ذيلها وجسدها لتقليل الضغط الحاصل هناك، مما يساهم أيضاً في تسهيل البتر مع ثني الذيل.

أعوام طويلة

ولطالما أثارت الآلية العلمية الكامنة وراء عملية البتر المذهلة حيرة العلماء على مدى أعوام طويلة، إلى أن جاءت هذه الدراسة لتشرح أحد أبرز أنظمة الالتحام في الطبيعة والتي تمتاز بتأثيراتها الواسعة على تطبيقات الالتحام؛ بما يشمل مجالات ترقيع الجلد والتئام الجروح والروبوتات الناعمة والإلكترونيات الهجينة المرنة والمواد اللاصقة الحساسة حيوياً والمتجاوبة مع الضغط والطباعة الحيوية المنقولة وثلاثية الأبعاد.

وتعليقاً على هذا الموضوع قال سونج: "اكتشف فريقنا، باستخدام استراتيجية متعددة المستويات، قيام السحالي بإحداث توازن دقيق ومعتدل في شدة الاتصال بين ذيلها وجسدها لضمان أفضل فرص النجاة. ونأمل بأن تساهم جهودنا في توجيه البحوث المستقبلية حول هذه الزواحف المميزة وفتح آفاق التطبيقات المرتبطة بها في الطب وغيره من المجالات المتنوعة.