تبدأ شخصيات ومبادئ أطفالنا بالتشكل منذ صغرهم؛ لذلك نحرص - نحن الأمهات والآباء - على توجيههم؛ ليكونوا أكثر لطفاً ووداً مع كل من حولهم، ونجتهد في توضيح فكرة التنوع بين البشر، بغض النظر عن تلك الاختلافات بيننا، وكيف يمكن لهذه الاختلافات أن تجعلنا مميزين، وتعيننا على رؤية العالم بمنظور مختلف. لذا، علينا تقبل ذلك التنوع، وتبني تلك الاختلافات، من أجل تعزيز السلام والوئام الاجتماعي؛ وإلا فالعواقب المجتمعية قد تكون كبيرة دون شك. لهذا، من الضروري جداً للأطفال التعرف إلى التنوع والاندماج منذ صغرهم.

إنني على يقين أن طرح هذه الدروس في سياقٍ قصصي سيرسّخها في وجدان الأطفال مدى الحياة؛ فواجبنا أن نساعدهم على تخيّل العالم، الذي نتطلع إليه من خلال الكتب. ويواجه الأطفال، بالفعل، العديد من التحديات المتعلّقة بالهوية والانتماء في سنوات نشأتهم المبكرة، وهم يعالجون العديد من التساؤلات حول ذواتهم والآخرين. واليوم، ومع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا، تزايدت الضغوط التي يواجهها الأطفال على نحوٍ غير مسبوق.

البشر خليط متنوع من الأشكال والألوان، ولا ينبغي الحكم على أي شخص أو إقصاؤه؛ بسبب إعاقته أو اختلافه. إنما علينا مساعدة أطفالنا على فهم أهمية الشمول، وضرورة نبذ الإقصاء منذ صغرهم؛ لتمكينهم من التواصل العميق مع الجمال الحقيقي لعالمنا المتنوع.

ينبغي أن تكون كتب الأطفال بمثابة «مرايا ونوافذ»، حسب تعبير الدكتور رودين سيمز بيشوب، حيث من المهم أن يشعر الأطفال بقيمة حياتهم، وهذا يستلزم تمثيلهم في القصص التي يقرؤونها.

علّمتنا جائحة «كوفيد-19» - التي مازلنا نعيش تداعياتها حتى اليوم - الكثير من الدروس، أهمها تعزيز التعاطف بين بعضنا بعضاً. فعندما يواجه العالم أزمة بهذا الحجم، فإننا ننسى - غريزياً - اعتبارات العرق والجنس، وننحي خلفياتنا الفكرية وكل اختلافاتنا جانباً؛ لتتسنى لنا مساعدة بعضنا بعضاً على تجاوز الأزمة.

إنني فخورة بأن مجموعة «كلمات» تسهم في جهود التوعية العالمية، التي تستهدف تحقيق هذه الغاية؛ حيث نشرنا مجموعةً من الكتب الرائعة، التي تتناول موضوعاتٍ ذات صلة.

لقد اخترت، بعناية، 10 من كتبي المفضلة، التي أعتقد أنها ستفتح أعين أطفالكم على جوانب مهمة من حياة الآخرين، عبر بناءٍ قصصي شائق، يترسخ في وجدانهم إلى الأبد، وهي متوفرة على موقع مجموعة «كلمات».

«بو»

«بو» و«لونا» صديقان يقرران - في أحد الأيام - الذهاب لصيد الأسماك، وقضاء وقت ممتع. وخلال هذه المغامرة، سيتعلّمان الكثير من القيم، مثل: المشاركة، والتعاون، وتقبّل الآخر. القصة تشجع الأطفال على الاهتمام بتقبل الآخرين، والمشاركة، والتعاون معهم، مهما كانوا مختلفين عنا في الشكل، أو اللون، أو العرق، وتسلّط الضوء على أهمية الصداقة الحقيقية، حتى لو كانت بين وحش لطيف وطفلة صغيرة.

«طيف»

حصل هذا الكتاب، مؤخراً، على جائزة المجلس الدولي لكتب اليافعين (IBBY)، خلال مؤتمره الذي عُقد في موسكو هذا العام. قصّة حولَ «الاختلاف»، واحترام الذَّات. نكتشف - من خلال الأسلوب الغنيّ بالصّور الشِّعريَّة الجميلة - حلم طفلة «ألبينيّة»، وهيَ بطبيعة الحال مختلفة في الشّكل عن الأطفال برغبتها في الوصول والحصولِ على أجمل شيء في العالم، حيثُ نتعلّم - في النّهاية - أنَّ لذّة الجمال وجوهره لا يظهران إلا عندما نتقاسمهما مع الآخرين.

«معزوفة العصا»

قصة تتحدث عن الطفل «أحمد»، الذي يعاني ضعفاً شديداً في البصر، ويستخدم عصا لتساعده. وفي حفلة ميلاده الأخيرة، يحصل على هدايا كثيرة، لكنها لم تعجبه؛ فهي ليست كعصاه التي تفهمه، وتطير به إلى عالم خيالي جميل؛ فينتقل - بخياله - إلى محطات عدة، ومغامرات مختلفة. وتساعد هذه القصة الأطفال على السعي إلى تحقيق الفرح، والاستمتاع بالسلام؛ بتشجيعهم على المثابرة، وعدم الاستسلام للإعاقة، واستخدام الأشياء التي يحبونها، ويستمتعون بها.

«فيل.. زرافة.. أم لقلق»

القصة عن بنت صغيرة، تعتقد أنها لا تستطيع تسلّق الشجرة؛ لأنها تستخدم جهازاً لتقويم الساقين، وعكازاً للسير. وبعد تفكير عميق، تقرر أن تأتي بفيل، أو زرافة، أو لقلق؛ لمساعدتها في الصعود إلى أعلى الشجرة. وفيما هي مستغرقة في التفكير لاختيار الأفضل؛ تجد نفسها فوق الشجرة، وتصف ما تشعر به، وما تراه. القصة تعلّم الأطفال ذوي الإعاقات الجسدية أن يؤمنوا بقدراتهم، وأنهم - بالإرادة، والتصميم - يستطيعون القيام بما يرونه صعباً، دون مساعدة الغير.

«يونس»

«يونس» طفل يعاني متلازمة داون، ويحبُّ أن يمارس هوايته الخاصة بالطبخ. يلصق على كل صنف من الحلويات رسماً لعصفور أزرق.. إنّها علامته الخاصّة، ثم يضع على كل باب من أبواب القرية مغلّفاً من الحلوى هدية للأطفال. وذات يوم مرض «يونس»، واختفت الحلويات؛ فاكتشف الأطفال سر العصفور الأزرق! وجاؤوا كلّهم للاطمئنان عليه. كبر حلم «يونس»، وأصبح لديه مخبز العصفور الأزرق المشهور! قصّة دافئة، تشجّع على الغوص في عمق الإنسان، بعيداً عن المظهر والشكل الخارجي، وتحفّز على نشر المحبة والمودة بين الناس.

«سكون»

«عامر» يحب الليل، ويرتاح في سكونه ولونه الأسود الجميل؛ حيث لا ضجيج، فلا أحد غيره وغير ألعابه. عندما يأتي النهار، تتغيّر حياة «عامر»، فالأضواء والأصوات تزعجه، لكنه لديه حيلة ذكية؛ ليعود إلى ليله. تدخلنا هذه القصة إلى عالم طفل مصاب بالتوحّد، ونمط الحياة الذي يرغب فيه.. ماذا يحب؟ وماذا يكره؟ لنصل إلى حقيقةٍ مفادها أن لكل إنسان الحق في عيش الحياة التي يرغبها؛ بشرط ألا يؤذي أحداً.

«جدائل خضراء»

«أمل» بنت بسيطة فقدت كل شعرها؛ فصار رأسها الفضي مثيراً للاستغراب. تعمل «أمل» مع أمها في بيع الحشائش والأعشاب البرية، وترسم في أوقات الفراغ رؤوساً بشعر، وأخرى من دونه، وتعيش - بفضل رأسها المميز - مغامرات لطيفة. ينبت شعر «أمل» التي تبيع أزهار الحب؛ لنكتشف - من خلال تلك القصة - أن الحب دواءٌ حتى للمصابين بمرض السرطان؛ حيث يشجع الأطفال على رعاية المصابين بأمراض مستعصية؛ لأن هذا قد يساعدهم على اجتياز أزمتهم الصحية الصعبة.

«عصافير عادل الملونة»

«عادل» يحب صناعة العصافير من الورق الملون، وعندما يبدأ في صنعها ينسى كل ما حوله، ولا يقطع تركيزه أي صوت. يبقى «عادل» في عالم العصافير إلى أن يرى الضوء الأحمر عند باب غرفته؛ وعندها يعرف أن وقت الطعام قد حان. وما إن ينضم إلى العائلة في غرفة الطعام؛ حتى يتضح للقارئ أنه أصم، فهو يستخدم لغة الإشارة وقراءة الشفاه؛ للتواصل مع عائلته. القصة تعلّم الأطفال أن الصمم لا يشكل عائقاً في حياة الإنسان، فالأصم يستطيع أن يحيا حياة طبيعية، ويتواصل مع الناس، ويمارس هواياته.

«أحب عالمي»

الراوي في هذه القصة المميزة «أصم»، يحكي عن عالمه المغلّف بالصمت، وقد سرد القصة بأسلوب دافئ، بحيث يوضح لنا التناقض بين عالمه الساكن الخاص، والعالم الخارجي الصاخب، وكيف أنه يشعر - أحياناً - بالوحدة والعزلة، رغم وجود العديد من الأشياء التي يستمتع بها في عالمه. فأكثر اللحظات بهجة، حينما يداعب قطته، ويصحبه والداه، ويلعب مع أصدقائه. يوصل هذا الكتاب فكرة أهمية التمتع والاستفادة من حواسنا الخمس، ويقدم تجربة ضعف السمع، من خلال أسلوب دافئ، ورسوم نابضةٍ بالحياة.

«دوار الشمس»

«دوار الشمس» ليسَ زهرة.. إنه طفلٌ كفيفٌ بعمر الورد، يعيشُ في مكانٍ منسيّ وشارع مهجور، حيث لا تشرق الشمس كثيراً. ربما يسميه الآخرون طفلاً مشرّداً، لكنني سميته «دوار الشمس»! فهو يعيشُ حلم ملاحقة الضوء، الذي سيقوده إلى تحقيق حلم جارته العجوز، ثم حلمه، وحلم آخرين كثر. إنها قصة للجلسات العائلية والفردية، عن الإصرار والمهمّشين، عن عطاء من نوع آخر، ينبعُ من داخل الروح؛ قصة تُفتّحُ أعيننا على الإنسان في كلّ مكان، مهما بلغ فقره وحزنه. كل إنسانٍ هو حالة حلمٍ تُلاحق الضوء. وأكثر الأحلام سطوعاً وشبهاً بالشمس هي التي تُشرق على الجميع، والتي تلحظُ أحلام الآخرين، وتشعر بها.