هل واجهت اضطرابات مالية يوماً ما؟ وهل فكرت في أن توازن بين الاستمتاع بمباهج الحياة، وتأمين المستقبل؟.. إليك المعادلة الحياتية البسيطة: «50% من الدخل للمعيشة + 30% للترفيه + 20% للادخار». ورغم أن النسبة الأخيرة هي الأقل رقماً، فإنها الأهم أثراً؛ فالادخار يضمن لك ولأسرتك أسلوباً معيشياً مريحاً ومستقبلاً آمناً؛ لأن الحياة مليئة بالمنعطفات والتحولات غير المتوقعة، التي قد تتسبب في مشاكل مالية، تترك أثراً كبيراً في حياة الفرد واستقراره، وكما يقول المثل: «لا تدخر ما يتبقى بعد الإنفاق، بل أنفق ما يتبقى بعد الادخار»، لاسيما أنه - في كثير من الأحيان - يؤدي إغراء الإعلانات الترويجية للسلع الاستهلاكية، ومحاكاة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي لدى البعض، فضلاً عن التقليد الأعمى للغرب، إلى غياب ثقافة الادخار.

خبيرة الاقتصاد، ندى الهاشمي، تضع - في حوارها مع «زهرة الخليج» - وصفة لتجنب «الأزمات» المالية، وتوضح بعض النصائح، التي من شأنها مساعدتك في وضع استراتيجية للادخار، بل والاستثمار بطريقة ناجحة. فهي ترى أن أفضل وسيلة يمكن أن يتبعها الفرد للادخار هي إعداد ميزانية والالتزام بها؛ فالميزانية تتيح له إدارة أمواله بفاعلية، بدلاً من تبذيرها، وبالتالي تعزيز الوضع المالي، ما ينعكس على جودة الحياة، ويساعد على دفع عجلة التنمية.

• لماذا تغيب ثقافة الادخار - في الأغلب - عن مجتمعاتنا العربية؟

ـ غياب ثقافة الادخار في مجتمعاتنا نتاج لمخرجات بيئية مجتمعية تهتم بالمظاهر، فالبعض يلهث خلف شراء السلع الاستهلاكية، فتطغى ثقافة الاستهلاك، ويقل الوعي بأهمية الادخار، بالإضافة إلى غياب التوجيه الأسري منذ الصغر، وكثيراً ما نشاهد من يقترض من أجل التنزه، أو السفر للخارج، أو من أجل شراء سيارة حديثة، وغيرها من السلع الاستهلاكية، والكارثة الكبرى في من يستدينون لإقامة الأعراس والحفلات التي تبلغ تكلفتها قيمة مالية عالية، وبعد العرس بأشهر، بل بأيام في بعض الحالات، يحدث الطلاق، ولا نجد غير عريس يندب حظه، ويفكر ليل نهار في كيفية تسوية دينه.

• كيف يمكننا وضع خطة للموازنة بين الاستهلاك والادخار؟

- على أولياء الأمور الاهتمام بتوعية الأبناء منذ الصغر بالحفاظ على النعم، لاسيما أن الأطفال هم نواة المجتمع، وما يتم غرسه فيهم منذ الصغر هو ما سنحصده مستقبلاً، فضلاً عن ضرورة تكاتف المدرسة مع المنزل وتوعية الأبناء وإرشادهم. ومن ثَمَّ على الأشخاص البالغين وضع قائمة مشتريات ومصروفات شهرية، واقتطاع مبلغ مالي للادخار، وآخر لشراء السلع والمنتجات، وجزء للترفيه والسفر، وبذلك نكون قد استطعنا الموازنة بين الإنفاق والاستهلاك والادخار. ويمكن، أيضاً، وضع الجزء المدخر في بطاقة ائتمانية، ويتم قصها حتى لا نستطيع الاقتراب من المال الموجود بها، والأهم هو عدم الاستدانة والوقوع في أزمات مالية من وقت إلى آخر.

  • الهاشمي: غياب خطة تُوازن بين الدخل والإنفاق يسبب أزمات مالية.

مشروع واحد

• ما سبب وقوع بعض الأفراد في أزمات مالية، رغم ارتفاع رواتبهم؟

- عدم وضع خطة توازن بين الإنفاق والادخار يعتبر السبب الأول، وتالياً الجري وراء المظاهر، ومحاكاة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ نجد إحداهن مفتونة بإحدى المشاهير؛ فتقوم بتقليد كل تصرفاتها من ملبس ومأكل ومشرب، حتى لو لم يكن ذلك باستطاعتها المادية، وتتبع موضة العلامات التجارية (البراند) المرتفعة الأسعار، فقط من أجل أن تتباهى بأنها تلبس من المصمم «الفلاني»، أو تستخدم العطر نفسه الخاص بالنجوم.. وهكذا. أيضاً، من الأمور المهمة التي توقع في أزمات مالية أن يضع الشخص كل أمواله في مشروع واحد، فإذا فشل المشروع؛ فلا يتبقى له غير الحسرة والألم.

• برأيك.. كيف نستثمر المال بطريقة مأمونة من المخاطر؟

- يجب ألا تتجاوز النفقات الدخل الشهري، وأن يتم الإنفاق باعتدال، ويفضل استثمار المال في البداية - إذا كان من خلال إنشاء مشروع - بأن تكون هناك شراكة مع مجموعة من المستثمرين؛ لتوزيع المخاطر على عدد من الأشخاص، فتصبح الخسارة أقل، بالإضافة إلى دراسة المشروع جيداً، وتقييم المخاطر قبل البدء، فضلاً عن ضرورة الاستثمار في جزء من المال، وادخار الجزء الأكبر، حتى إذا فشل المشروع فلا يقع الفرد في أزمة مالية، ويخسر كل ما جنى من أموال لسنوات. ومن الضروري ألا يكون الاستثمار من خلال المبلغ المالي الذي يحصل عليه الشخص مكافأة لنهاية الخدمة، إذ إنها ستعينه على المعيشة في سنوات عمره اللاحقة.

• كيف نستفيد من التسهيلات البنكية التي تمنحها المصارف.. بطريقة صحيحة؟

- ليس عيباً أن تكون لدى الإنسان طموحات وأحلام، يرغب في تحقيقها. لكن المشكلة تكمن في الاندفاع وراء تلك الرغبات، ومن ثَمَّ الاقتراض من البنوك بطريقة خاطئة. والحل الأمثل هو التفكير في كيفية الاستفادة من القرض بطريقة صحيحة، بحيث أستطيع تسديد القرض من أرباح مشروع مثلاً، ولا يفترض أن يكون القرض من أجل شراء السلع الاستهلاكية، دون القدرة على تسديده، أو أن يكون مبلغاً كبيراً لا أستطيع سداده.

هدر الموارد

• كيف يؤثر الإنفاق على السلع الكمالية في الاقتصادات الوطنية؟

- الإنسان المبذر يهدر الموارد الطبيعية التي منحنا الله إياها، لاسيما أن تزايد ظاهرة البذخ الاستهلاكي لشراء المنتجات ينذر بزيادة معدلات التضخم، بسبب ارتفاع الطلب في الأسواق بشكل مبالغ فيه على السلع والخدمات، بما تكون له انعكاسات سلبية على الاقتصادات الوطنية. والحل هو توعية الأفراد بزيادة الإنتاجية والادخار والاستثمار، بدلاً من هدر المال والطاقات.

• ما الطريقة التي تعيننا على التعامل مع العروض الترويجية الكثيرة للسلع الاستهلاكية؟

- الحل هو عدم الذهاب إلى التسوق دون داعٍ؛ فهناك من يذهبون إلى الأسواق لشراء المزيد من المنتجات وتكديسها، وقد يكون مصيرها في النهاية سلة المهملات، بعد أن تصبح منتهية الصلاحية. ويمكن، أيضاً، كتابة احتياجات الأسرة في ورقة، أو على الهاتف قبل الذهاب إلى مراكز التسوق، والالتزام بشراء المكتوب فقط، بالإضافة إلى أخذ مبلغ محدد، لا يتم تجاوزه خلال التسوق.

5 نصائح للاستقرار المالي

1 كن ممتناً وسعيداً بما تمتلك، ولا تحصر ذلك في المقتنيات المادية فقط.

2  ضع ميزانية شهرية لنفقاتك، والتزم بها.

3  تحلَّ بالصبر وادخر، لتوفير ثمن الأشياء التي تحتاج إليها بالفعل.

4  ابذل قصارى جهدك؛ لتبتعد عن القروض، بجميع أشكالها.

5  أنشئ محفظة استثمارية متوازنة.