ساعدت جائحة كورونا في انتشار أجهزة الكمبيوتر والهواتف اللوحية بين الأطفال، بعد أن صار التعليم عن بعد واقعاً ضرورياً لمواصلة التعليم. لكن أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، الدكتورة ميساء الرواشدة، تحذر من ترك الأطفال والمراهقين وحدهم، خشية ولوجهم مواقع غير مرغوبة بدافع الفضول.

وتقول الرواشدة: "إذا لم تكن لدى الوالدين فكرة واضحة عن كيفية استخدام هذه الوسائل، فإنها قد تؤثر في الطرق المختلفة للتواصل والتربية، مثل: التواصل المباشر بين الأبناء والآباء، والوقت الذي يقضونه معاً، ووقت اللعب والرياضة، وكذلك وقت النوم والراحة".

وأوضحت: "مبادئ التربية التي يختارها الوالدان واحدة، وهي تنطبق على الواقع كما تنطبق على البيئة الافتراضية، إذ يجب وضع حدود واضحة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي ليعرفها الطفل، وينفذها".

وتقترح الرواشدة وضع حدود لوقت التعامل مع المواقع، وتشجع الطفل على اللعب في العالم الواقعي الحقيقي الذي يخرج الطاقة الموجودة لديه، ويحفز قدرات الإبداع والابتكار لديه، لذلك يجب أن تكون لديه أولوية يومية، خاصة للأطفال الأصغر سناً.

وتبين الرواشدة أهمية مشاركة الوالدين أو أحدهما على الأقل، ما يشاهده الطفل، والحرص على متابعته ما يشاهدونه باستمرار "فهذا التفاعل يساعد على خلق علاقات أكثر قرباً مع الأطفال، ويسهل عملية الارتباط والتعلم، وإذا قرر الأطفال لعب واحدة من ألعاب الفيديو، فلماذا لا يلعب أحد الوالدين معهم؟".

وتؤشر الرواشدة إلى مسألة في غاية الأهمية، هي أن يكون الوالدان قدوة لأطفالهما، بقولها: "يجب تعليم الأطفال التعامل المهذب والأخلاق الحسنة في المواقف المختلفة، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي التي قد تتم فيها إثارة بعض القضايا الاجتماعية والسياسية. والسعي كذلك لتقليل الوقت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة وسائل الإعلام، وعلى شبكات التواصل. وهذا التحكم سيمنح مزيداً من الوقت لقضائه مع أولادك، وسيمكنك من التواصل معهم بشكل أفضل، فالتفاعل المباشر، واللعب والأحضان، تقربك إليهم أكثر بكثير من التحديق في شاشة".

وتقترح الرواشدة فكرة "إعلان بعض زوايا البيت.. مناطق منزوعة التكنولوجيا"، عبر تخصيص أكثر من مكان يمنع فيه اللعب بالهاتف، أو أي وسيلة إلكترونية أخرى، بهدف حصر استعمال الهاتف أو الكمبيوتر في غرفة معينة، وبهدف السيطرة على استخدامها لساعات طويلة.

وبنفس الوقت، تقول الرواشدة: "كوننا نعيش في عصر رقمي، فمن الطبيعي للمراهقين أن يتفاعلوا عبر الإنترنت"، موضحة: "العلاقات التي يتم خلقها في الواقع الافتراضي صارت جزءاً من النمو الطبيعي للمراهقين في عصرنا الحالي، ووسائل التواصل الاجتماعي تسمح للشباب بدرجة ما بأن يتعرفوا إلى أنفسهم وإلى الآخرين في عالم الكبار، ولكن على الوالدين التأكد من تصرف أطفالهما بشكل مقبول ومتساوٍ في العالمين الطبيعي والافتراضي".