لا يعتبر الاحتفال بيوم الأم من العادات القديمة التي توارثها البشر، وإنما فكرة حديثة بدأت خلال القرن العشرين، ويختلف توقيت الاحتفال بهذا العيد من بلد إلى آخر، فزمانه ليس واحداً في كل العالم.

كيف جاءت الفكرة

تنسب فكرة تخصيص يوم للأم إلى المؤلفة الأميركية جوليا وورد هاوي، التي اقترحت الاحتفال بهذا اليوم في الولايات المتحدة الأميركية عام 1872، بهدف تمكين الأمهات من المشاركة في مسيرات السلام وقتها.

وتعود أصول الفكرة عندما كتبت وورد هاوي كتاب "دعوة للنساء في جميع أنحاء العالم"، الذي عرف لاحقًا باسم "إعلان يوم الأم"، والذي طالب النساء في جميع أنحاء العالم بالانضمام لقضية السلام العالمي، وقد طلبت الاحتفال بـ(يوم الأم) إلا أن جهودها لم تلق نجاحاً، وعادت بحلول عام 1893 للمطالبة باعتبار يوم 4 يوليو يومًا للأم بدلًا من عيد الاستقلال.

وبقي الاحتفال بيوم الأم مجرد فكرة لم ترَ النور حتى قادت الناشطة الأميركية آنا جارفيس حملة للاحتفال بيوم للأم في ثاني أحد من شهر مايو والذي يتزامن مع ذكرى وفاة والدتها، التي ماتت وهي تحلم بوجود يوم للأم، وكانت دائماً تقول: "في وقت ما، وفي مكان ما، سينادي شخص ما بفكرة الاحتفال بيوم الأم"، وتبنى هذه الدعوة العديد من المدن الأميركية، إلا أن هذا الاحتفال لم يكن رسمياً ولم يكن على نطاق واسع.

وفي عام 1914، أقر الرئيس الأميركي (ويلسون) هذا التاريخ يوماً للأم، وأقرت عطلة رسمية بمناسبة هذا اليوم، وسارت العديد من الدول على نهج الولايات المتحدة، وتبنت الاحتفال بيوم الأم.

أما في العالم العربي، فتعود فكرة الاحتفال بيوم الأم إلى الصحافي المصري علي أمين، مؤسس صحيفة "أخبار اليوم" عام 1955.

وقد نشر أمين مقالاً صحفياً وجه من خلاله الدعوة لتخصيص يوم للأم، وكتب في مقاله بذلك الوقت: " لم لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه يوم الأم ونجعله عيداً قومياً في بلادنا وبلاد الشرق، وفي هذا اليوم يقدم الأبناء لأمهاتهم الهدايا الصغيرة ويرسلون للأمهات خطابات  صغيرة يقولون فيها شكراً أو ربنا يخليك، لماذا لا نشجع الأطفال في هذا اليوم أن يعامل كل منهم أمه كملكة فيمنعوها من العمل. ويتولوا هم في هذا اليوم كل أعمالها المنزلية، بدلاً منها ولكن أي يوم في السنة نجعله (عيد الأم)؟".

وبعد طرحه هذا السؤال أجاب القراء، واختاروا بداية فصل الربيع الذي يصادف يوم 21 من الشهر الثالث من كل عام، وذلك ليكون هذا اليوم مع بداية فصل العطاء والصفاء والخير.

  • آنا جارفيس

صاحبة فكرة يوم الأم حاربتها وسعت لإلغائها

اعتبرت آنا جارفيس هي المرأة المسؤولة عن إطلاق يوم الأم، الذي تم تحديده في العديد من البلدان في ثاني يوم أحد من شهر مايو سنوياً، وكانت فكرتها هي إقامة احتفالات متواضعة كل عام، إلا أن مشاهد التسوق المبالغ بها وارتفاع الأسعار، خاصة أسعار الزهور، أصابتها بخيبة، وروعها جنون التسوق في هذا اليوم، لدرجة أنها قامت بحملة لإلغائه.

وقد وصل الأمر بها لإنفاق كل أموالها لمحاربة تسوق يوم الأم. فحتى قبل أن يصبح يوم الأم عطلة وطنية، طالبت آنا بحقوق الملكية الفكرية لعبارة "الأحد الثاني من مايو.. يوم الأم"، وهددت بمقاضاة أي شخص يقوم بتسويق هذه العبارة دون إذن، وزعمت مقالة نشرت في مجلة نيوزويك عام 1944، أنها رفعت 33 دعوى قضائية بهذا الشأن.

وقد كان أحد آخر أعمال آنا قبل وفاتها، التردد على البيوت في فيلادلفيا تطلب توقيعات لدعم مناشدتها من أجل إلغاء يوم الأم، لأنه جاء عكس ما أرادت هي، فقد أرادته لتقديم المشاعر اللطيفة، وليس ليتم استغلاله في التسوق وبيع الزهور والدعوات إلى تناول وجبات العشاء الفاخرة.

إلا أن هذه الفكرة لم تتوقف، واستمر العالم أجمع بالاحتفال بيوم الأم حتى يومنا هذا، وبات يوماً للهدايا والتسوق، عكس ما أرادته صاحبة الفكرة ومطلقتها بالأساس.