قد لا يعرف الكثيرون ما هو طب الأسرة، ولماذا يجب علينا الذهاب له بشكل دوري، وماذا سيفيدنا وجود هذا الطبيب وكيف جاء طب الأسرة أصلاً؟

طبيبة الأسرة فرح الشواورة تلخص، في حديثها لـ"زهرة الخليج"، تاريخ طب الأسرة، وتقول إن العالم في السابق لم يعرف التخصصات، وكان هنالك طبيب واحد لجميع الأمراض. لكن بعد تطور الطب، ظهرت الحاجة لوجود هذه التخصصات، كونه يستحيل أن يقوم طبيب واحد بمعالجة جميع الأمراض. وبعد ذلك، تتابع الدكتورة الشواورة بدأت تكثر التخصصات وتتفرع، حتى ظهرت حاجة ماسة لوجود طبيب يلم بجميع هذه التخصصات، ويكون قادراً على التعامل معها، وهو ما بات يعرف اليوم بـ"طبيب الأسرة". وتعتبر الدكتورة الشواورة أن تخصص طب الأسرة جاء كنتيجة حتمية لتطور الحياة والعلم.

لماذا طبيب الأسرة؟

تؤكد طبيبة الأسرة، فرح الشواورة، أن هذا النوع من الاختصاص قادر على تشخيص 95% من الحالات المرضية، ومعالجة ما يقارب الـ85% منها وحده، وتبين أن طبيب الأسرة يختص بالأمراض الشائعة التي يشكو منها عامة الناس، كما أنه قادر على القيام بالعمليات البسيطة التي لا تحتاج إلى تخدير كلي.

  • طبيبة الأسرة، فرح الشواورة

وتنصح جميع المرضى والناس بضرورة وجود طبيب أسرة مختص يراجعونه بشكل دوري، يعرف سيرتهم المرضية بشكل كامل، وهو الأمر الذي يسهل عليه تشخيص أي مرض قد يصابون به وعلاجه بشكل دقيق، ما لم يقتضِ الأمر التحويل للطبيب المختص.

وتنوه الشواورة بأن الأنظمة الصحية العالمية المتقدمة، بدأت بالتوجه نحو طب الأسرة، وبات له الدور الكامل في تحديد الأمراض وعلاجها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقوم طبيب الأسرة بمعالجة الالتهابات المعوية والسكري والضغط وحتى بعض الأمراض النفسية البسيطة، مثل: القلق البسيط والاكتئاب غير الحاد. وتضيف طبيبة الأسرة: "في حالات معينة يتم تحويل المريض إلى الطبيب المختص وهو الأمر الذي يحدده طبيب الأسرة كذلك، بحيث يوفر على المريض مراجعة عدة تخصصات ومن بعض هذه الحالات على سبيل المثال: غسيل الكلى والفصام والأمراض التي تحتاج فعلاً لأخصائي يعرف كيف يتعامل معها".

عمود الرعاية الصحية

تصف الدكتورة فرح طب الأسرة بأنه عمود الرعاية الصحية الأولية والرعاية الشاملة، ويهدف العالم المتطور والأنظمة الصحية الحديثة لتعزيزه في جميع أنحاء العالم، حتى إن العديد من المستشفيات في أوروبا بدأت ترفض استقبال حالات الطوارئ ما لم يكن المريض قد عرض قبلها على طبيب للأسرة وقرر هو أن حالته طارئة، وتستدعي مراجعته لقسم الطوارئ.

فائدة كبرى للدول والأشخاص

تقول الطبيبة الشواورة: "طب الأسرة يوفر على الدول كثرة دخول المرضى للمستشفيات، بالإضافة لكونه يخفف بشكل كبير من مراجعة العيادات الاختصاصية، ويسهم في تقليل الازدحام في هذه العيادات".

وتشير إلى أن الطبيب عندما يعرف التاريخ المرضي كاملاً للشخص فإنه يوفر الكثير من الوقت والجهد في تشخيص حالته، ويكون هو الأقدر على التعامل معه ووصف العلاج المناسب.

وتبين أن قوة طبيب الأسرة تتمثل في معرفته بجميع الأمراض، خاصة تلك التي تتشابه بالأعراض، وما يميزه عن الاختصاصي أن الأخير سينظر للعوارض من منظار تخصصه، بينما طبيب الأسرة يبدأ بمقارنة جميع الأمراض التي ترافقها هذه الأعراض، لتحديد نوعية المرض وتكون نظرته بشكل عام شمولية أكثر من الاختصاصي.

مسؤول عن تحديد نمط الحياة الصحي 

توضح الشواورة أن طبيب الأسرة مسؤول كذلك عن تحديد نمط حياة المريض والنظام الغذائي له، وأنظمة الريجيم التي يتبعها، وكذلك نوعية الرياضة التي يجب أن يمارسها سواء كان يعاني من السكري أو الضغط أو غيرهما من الأمراض، ويكون الطبيب متابعاً دائماً لالتزام المريض بالتعليمات الصادرة له.

وتختم حديثها، لـ"زهرة الخليج"، بالإشارة إلى أن طب الأسرة هو أكثر التخصصات التي تؤمن بمبدأ "الطب المستند إلى الدليل" فلا يمكن لطبيب الأسرة الأخذ بأبحاث أو دراسات وتطبيقها ما لم تكن مستندة إلى دليل علمي واضح وصريح، مبينة أن الطب المستند إلى الدليل بات من أهم الدراسات الحديثة، التي تقوم بمراجعة الإجراءات الطبية المتبعة وطرق العلاج وتعمل على تطويرها وإلغائها في حال ثبت وجود خطأ فيها، مشيرةً بذات الوقت إلى أن العديد من الأطباء الذين تخصصوا في الطب المستند إلى الدليل هم بالأصل أطباء أسرة.