بلغة بصرية حانية، وموهبة لا تُضاهى، تحتضن عدسة المصور الكويتي، سامي الرميان، جمال وإنسانية الحياة في كثير من أركان العالم؛ لتنفتح بها العين على مفردات عفوية، تسري في ذاكرة الزمان والمكان والوجدان، وتعكس أعماله الاستثنائية احتراماً حقيقياً للأشخاص من حوله، مع اهتمام متعاطف ودقيق بالتفاصيل.. في هذا الحوار نلقي معه إضاءة على تجربته الفنية المميزة:

• كيف بدأ شغفك بالتصوير؟

ـ لديَّ اهتمام كبير بتسجيل نمط الحياة الاجتماعية من حولي؛ لذلك بدأت أحمل كاميرتي أو الموبايل، لأصور الأماكن والمظاهر الاجتماعية العامة، مثل ملابس الناس، وكيفية قضائهم أوقاتهم، ثم بدأت أوثق الأسواق القديمة في الكويت. بعد ذلك، بدأت أعمل على توثيق الجهود الإنسانية، التي يبذلها أهل الكويت كمؤسسات رسمية أو أهلية؛ لمساعدة الشعوب الفقيرة والمحتاجة، ومنها بدأت رحلاتي الخارجية، وزاد اهتمامي وشغفي بالتصوير؛ كوني أوثق جهوداً إنسانية رائعة.

• هل من قصة ألهمتك لالتقاط الصور الوثائقية؟

- عملت فترة بمجال الدعاية والإعلان؛ فكنت أرى الجهود الإنسانية الكبيرة التي يبذلها أهل الكويت، والكثير منها كانت جهوداً مؤسسية رائعة، تقدم مشاريع إنسانية جبارة، والقليل منها فقط يظهر في الإعلام. ومن هنا، حملت كاميرتي، وبدأت في الذهاب إلى تلك المؤسسات؛ لعلني أحصل على فرصة لإظهار ذلك بشكل لائق واحترافي. في نظري، أهم قصة تلهمني، هي قصة الكويت مع العمل الإنساني.. وهي سر إلهامي المستمر في هذا المجال.

 

صورة إنسانية

• ما الشعور الذي ينتابك بعد إنجاز لقطة جيدة؟

ـ الصورة الجيدة عزيزة ونادرة، وتأتي مع كثرة العمل، والانغماس في التصوير بشكل دائم، والتعلم بشكل مستمر. لكن عندما ألتقط صورة وثائقية إنسانية، وأوفق في تسجيل تلك اللحظة؛ يأتي معها الشعور بالمسؤولية في نقل تلك الصورة ونشرها، وتوصيلها إلى من يمكنه أن يفعل شيئاً حيالها.. فوظيفتنا كمصورين أن نسجل الواقع، وننقله إلى من يسهمون في تحسينه.

• هل هناك مكان تحلم بالتصوير فيه؟

- يعتمد هذا على موضوع التصوير الذي أنشغل به. فمثلاً، حالياً، لديَّ مشروع تصوير الحياة داخل المساجد، فعندي رغبة كبيرة في تصوير المساجد القديمة بالمدن والعواصم القديمة، مثل: مسجد لاهور في باكستان، والحرم النبوي، وجامع أيا صوفيا، وجامع الزيتونة في تونس، وغيرها من المساجد التراثية. أما موضوع التوثيق الإنساني، فعندي رغبة في توثيق حياة العائلات الفقيرة في مزارع القهوة بأميركا اللاتينية، وجنوب السعودية، واليمن، والهند؛ فهذا موضوع إنساني أحلم بتصويره، رغم أنه سيكون شاقاً، لكنه موضوع جميل بحجم جمال مذاق القهوة.

• ما متطلبات التقاط الصورة الجيدة؟

ـ هذه المتطلبات، هي: الفهم، البحث، تطوير الاهتمام الشخصي، والمثابرة. 

• ما تحديات التصوير الوثائقي؟

ـ المعدات الجيدة أولى ضرورات التصوير الوثائقي من كاميرات وعدسات. ثانياً استمرار الاهتمام الصادق والحقيقي لفهم الموضوع، ومحاولة تقديمه للناس بأسلوب فني ورسالة شخصية من المصور. كذلك تقبل الناس الذين نقوم بتصويرهم، وإقناعهم بجدوى هذا النوع من التصوير في حياة الناس بشكل عام. أما أكبر تحدٍّ، فهو الاستمرار في هذا النوع من التصوير؛ نظراً لانحسار دور المجلات والإصدارات التي تهتم بهذا النوع من المواد الصحافية، وكذلك لعدم وجود المقابل المادي المكافئ لحجم الجهد المبذول. 

 

 

حكاية صورة

• هل تعلمت أشياء جديدة ومحددة لالتقاط صورك الوثائقية؟ وما هي؟

ـ أهمها القدرة على التواصل مع الناس، وتفهمهم، والصبر على ممانعتهم، والاستمرار في المحاولة. كذلك هذا النوع من التصوير يتطلب أن يقوم المصور بالعمل كاملاً؛ لذا يجب عليه تعلم كل مراحل الصورة، بدءاً من التصوير، والتعديل عليها، ونشرها، ثم كتابة القصة المتعلقة بها.

• ما بصمتك الخاصة، التي وضعتها من خلال لقطاتك؟

ـ أنا راوٍ للقصة من خلال الصورة، وأحب أن يراني الجمهور بهذا الشكل.

• ما الذي يجذب عدستك في أسفارك خارج البلاد؟ ولماذا؟

ـ الإنسان بمختلف حالاته، فالإنسان أينما كان يستحق حياة كريمة؛ لذا دور كاميرتي أن تسجل النعم والحياة الجيدة؛ لنقدرها ونحافظ عليها، وأن تسجل كذلك النقص ومظاهر التخلف لدى المجتمعات؛ لنسهم في حلها، وانتشالهم منها.

• ما نصائحك لهواة التصوير؟

ـ أنصح هواة التصوير بأن يطوروا اهتمامهم الشخصي بالمواضيع الإنسانية والاجتماعية والوثائقية بشكل عام، وعليهم محاولة فهمها بشكل جيد من خلال عملية البحث.