صور النساء على العملات النقدية أمر نادر الحدوث، لكنه يؤكد قوة وتأثير المرأة في أحد المجالات، ما يدفع هذه الدولة أو تلك إلى تخليدها من خلال عملتها الرسمية المتداولة.. والطبيبة التونسية توحيدة بن الشيخ هي أحدث هؤلاء النساء، إذ ظهرت صورتها على العملة التونسية (فئة 10 دنانير) تقديراً وتوثيقاً لدورها على الصعيدين المجتمعي والعلمي.
عالمياً، تضع 48 دولة صورة لامرأة على 120 ورقة نقدية من إجمالي 1300 عملة متداولة حول العالم، ظهرت عليها 46 امرأة في مجالات مختلفة، منهن فنانات وعالمات وقياديات، لكن تظل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أكثر سيدة راجت صورها على العملات.
طرح البنك المركزي التونسي ورقة نقدية جديدة من فئة الـ10 دنانير، اختيرت عليها صورة الطبيبة الراحلة توحيدة بن الشيخ (1909 – 2010) كشخصية رئيسية لهذه الورقة النقدية الجديدة، نظراً لإسهاماتها الوطنية، وفي مقدمتها كونها أول طبيبة في تونس والمغرب العربي.
تولت الدكتورة توحيدة بن الشيخ، بعد استقلال تونس (1952)، العديد من المناصب، منها: إدارة قسم التوليد وطب الرضيع في مستشفى شارل نيكول بالعاصمة، من 1955 إلى 1964، كما أنشأت في المستشفى ذاته قسماً خاصاً بالتنظيم العائلي سنة 1963. وتولت، أيضاً، منصب رئيسة قسم التوليد وطب الرضيع بمستشفى عزيزة عثمانة بتونس، وتم تعيينها سنة 1970 في منصب مديرة الديوان الوطني للتنظيم العائلي.
-
الملكة إليزابيث الثانية ظهرت 74 مرة على عملات 19 دولة في العالم.
«نضال حكيمة»
أسهمت توحيدة بن الشيخ في الحياة الفكرية من خلال كتاباتها، وأشرفت على أول مجلة تونسية نسائية ناطقة بالفرنسية، صدرت من 1936 إلى 1941 تحت عنوان «ليلى». وفي عام 1950، أسست توحيدة جمعية القماطة التونسية للعناية بالرضع من أبناء العائلات المعوزة. كما أسهمت في تأسيس لجنة الإسعاف الوطني. وفي سنة 1958، أصبحت عضواً في عمادة الأطباء التونسيين.
احتفت النخبة التونسية بتوحيدة تقديراً لإسهاماتها الطبية والفكرية، وتم تناول مسيرتها في شريط وثائقي بعنوان «نضال حكيمة»، كما أصدر البريد التونسي طوابع بريدية تحمل اسمها وصورتها، وأسس عدد من الأطباء جمعية طبية باسمها؛ اعترافاً بمكانتها وإسهاماتها التي تواصلت إلى تاريخ وفاتها سنة 2010.
نساء على العملات
خلصت دراسة مطولة، أجرتها شركة Vox للاستشارات المالية بالاعتماد على كاتالوج العملات العالمي، إلى أن وجود صور النساء على العملات الورقية أمر نادر الحدوث، فهو موجود في أقل من ثلث بلدان العالم، حيث شملت الدراسة العملات المتداولة في الوقت الحالي فقط ولم تشمل العملات القديمة، كما استثنيت الشخصيات الخيالية أو غير المعروفة، وكذلك تضمنت العملات المعترف بها دولياً، واستثنيت العملات التذكارية.
وفي الوقت الذي كانت فيه مارثا واشنطن أول سيدة أولى للولايات المتحدة الأميركية تسك صورتها على عملة فضية من فئة الدولار، كانت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا أكثر سيدة راجت صورها على العملات، بعد أن طبعت دول الكومنولث صورها على عملاتها (قبل اليورو)، وكانت الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو أول فنانة توضع صورتها على إحدى العملات.
-
جمهورية التشيك وضعت صورة مغنية «السوبرانو» إيمي ديستين على عملتها تكريماً لصوتها المؤثر.
46 امرأة
من أصل 1300 ورقة متداولة الآن في كلّ أنحاء العالَم، حملت صورة 120 ورقة نقدية منها صورة لامرأة. إذ قامت 48 دولة من أصل 198 بوضع صورة لإحدى النساء على واحدة من عملاتها أو أكثر. وبالتالي ظهرت صور 46 امرأة، من خلال الأوراق الـ120 التي حملت صور نساء حسب دراسة شركة Vox، والسبب هو التكرار حيث ظهرت الملكة إليزابيث الثانية عدداً كبيراً من المرات خلال القرن الماضي بمختلف المراحل العمرية، وفي كلّ مرة تجري فيها عملية تحديث لأوراق النقود بالمملكة المتحدة، بالإضافة لظهورها على عملات الدول التي تتبع التاج البريطاني، مثل: أستراليا، وكندا. والنسبة الإجمالية للأوراق النقدية التي تحمل صور نساء في العالم هي 9% فقط، علماً بأن 15 دولة لا تعرض على أوراقها النقدية صور أشخاص.. رجالاً ونساءً.
أسباب الظهور
تعددت أسباب ظهور صور النساء على العملات الورقية، فمن بين هؤلاء النساء الـ46، هناك خمس نساء مغنيات للأوبرا، هنّ: الأسترالية نيلي ميلبا، التشيكية إيمي ديستين، السويديتان جيني ليند وبيرجيت نيلسون، والنرويجية كيرستين فلاجستاد. كما ظهرت عشر كاتبات وشاعرات (بينهن فائزتان بجائزة نوبل) و 6 رسّامات، على هذه القائمة. وظهرت الملكة إليزابيث الثانية 74 مرّة على عملات 19 دولة في كلّ أرجاء العالَم، وعلى أنواع وفئات عملات مختلفة من 5 حتى 100 دولار أو جنيه. كما أنها بدأت بالظهور في وقت مبكّر جداً، حيث ظهرت وهي في عمر ثماني سنوات على وجه قطعة العشرين دولاراً الكندية.
-
صورة توحيدة بن الشيخ على عملة تونسية من فئة الـ10 دنانير.
عملات إسلامية
ضمت قائمة صور النساء، على العملات الورقية في البلاد الإسلامية، ست دول هي: نيجيريا، ألبانيا، تركيا، تونس، سوريا، وقرغيزستان. ففي ألبانيا، تظهر «توتا» ملكة قبيلة أردياي في إليريا من عام 227 إلى 231 قبل الميلاد، على ورقة فئة الـ100 ليك. وفي نيجيريا، تظهر ليدي كوالي وهي صانعة فخار، على ورقة فئة الـ 20 نيرة. وفي سوريا، تظهر الملكة زنوبيا، ملكة مملكة تدمر في القرن الثالث الميلادي، على ورقة فئة الـ500 ليرة. وفي قرغيزستان، تظهر امرأة من التراث القرغيزي (كورمانجان داتكا أي ملكة الجبال)، على ورقة فئة الـ10 سوم. وفي تونس، تظهر الملكة عليسة مؤسسة قرطاج، والآن الطبيبة توحيدة بن الشيخ، على ورقة فئة الـ10 دنانير. وفي تركيا، تظهر فاطمة عليا توبوز، وهي أول روائية تركية، على ورقة فئة الـ50 ليرة.
ملكات
في القديم، وصل للنساء أربعة نماذج من صورهن إلى العملات، ففي الوقت الذي وجدت صور الملكتين الفرعونيتين نفرتيتي وكليوباترا طريقهن إلى العملات النقدية المصرية قبل اختفائهما تدريجياً، ما زالت صورتا ملكة تدمر ونوبيا وملكة قرطاج عليسة يتم تداولهما حتى الآن.