نقش برنامج "الدنيا بخير" اسمه واحداً من أفضل البرامج التي قدمت خلال شهر رمضان الحالي، بعد أن حاكى اسم البرنامج عادات الشهر الفضيل، وعمل باسمه كشهر للخير.
مقدم البرنامج، الذي عرضته قناة أبوظبي، الإعلامي الإماراتي أحمد اليماحي، حل ضيفاً على "زهرة الخليج"، في حوار خاص، تحدث خلاله عن كل تفاصيل البرنامج وأهدافه وأسراره.

فكرة البرنامج
يقول اليماحي إن فكرة البرنامج جاءت لتعالج القوالب التي قدمت في السابق، من خلال برنامج "عونك"، والتي كانت تذهب مباشرة نحو الحالة الإنسانية وتصورها بكل تفاصيلها، سواء كان ذلك في بعض الدول العربية أو حتى العالمية، وأنه وبعد أربعة مواسم متتالية بدأ التفكير بقالب جديد يحفظ كرامة الإنسان الذي يظهر على الشاشة لتلقي المساعدة، ويبعده عن التعرض للتنمر أو الإحراج في محيطه.
يضيف اليماحي: "ذهبنا إلى هذه الفكرة وهي أن نقوم بإنتاج برنامج يطابق مبدأ الكاميرا الخفية، نختبر من خلاله مشاعر الأشخاص المعوزين، ونظهر قيمة عطائهم، وقد كانت جميع ردود أفعالهم متوقعة بالنسبة لي؛ لأنني على قناعة بأن الشخص المحتاج والمتعثر يفوق بعطائه الإنسان القادر".

ويبين الإعلامي الإماراتي أن المفاجأة تمثلت بتفوق قيمة العطاء لدى أصحاب الحاجة عند اختبارهم، فكانت أكبر من المتوقع بكثير، ضارباً المثل بشخص قدم كل ما يملك من مال، وعبر عن رغبته بالمشاركة بأي حملة أخرى والتبرع بأي شيء آخر، مثل المشاركة بحملات التبرع بالدم، كونه لا يملك شيئاً آخر يقدمه.
ويشرح اليماحي عن البرنامج: "هو بالضبط كاميرا خفية إنسانية، أضفنا لها وجود الفنان بهدف بث الفرحة في نفوس الحالات التي نعالجها بشكل أكبر، لأن تقديم هذه المساعدة بواسطة شخص يملك شهرة واسعة وله شعبية كبيرة سيترك أثراً أكبر وأجمل".

وبين أن انتقاء الحالات كان بالتعاون مع راعي البرنامج "الهلال الأحمر الإماراتي"، مؤكداً أنهم كانوا حريصين جداً على اختيار الأشخاص الذين توجه لهم المساعدة والتنوع بهم، فكان هنالك أشخاص بحاجة لعمليات جراحية، وآخرون تم ترميم منازلهم، وبعضهم كان عاجزاً عن إكمال دراسته، واستطاع البرنامج سد حاجاتهم بسب العطاء الكبير والدعم الذي فاق المتوقع من قبل "الهلال الأحمر الإماراتي"، الذي آمن بالفكرة، وقدم دعماً مجزياً لها.

اختلاف البرنامج
وبالنسبة لتميز "الدنيا بخير" عن غيره من البرامج التي تقدم المساعدات والخير، يوضح اليماحي أن هذا البرنامج جاء خليطاً بين الدراما والواقعية، مع استحالة معرفة الحالات المشاركة بما يحدث حولها، علماً بأنه تم أخذ موافقتهم جميعاً على التصوير والظهور أمام الكاميرا دون أن يعلموا بمشاركتهم بالبرنامج، كأن يقوم فريق بزيارتهم قبل عرض الحلقة بيوم، ويسألهم عن موافقتهم على الظهور ببرنامج تلفزيوني يعرض بعد أسبوعين أو شهر، وعند أخذ الموافقة منهم يتم التصوير في اليوم التالي، وربما في نفس اليوم لإبعاد الشكوك نهائياً.
ويضيف أن البعض رفضوا الظهور أمام الكاميرا، ولم يتم تركهم والتخلي عنهم، بل تكفل الهلال الأحمر الإماراتي بمتابعتهم وسد حاجتهم مهما كانت.

لم نتاجر بآلام الفقراء
المتاجرة بآلام الفقراء تهمة جاهزة لنوعية هذه البرامج بشكل عام، وعن هذا الأمر يؤكد مقدم برنامج "الدنيا بخير" أن هذه التهمة لا تلتصق به للمرة الأولى، لكنه لا يلقي لها بالاً بشكل كبير، بسبب إيمانه والقائمين على البرنامج بأن النتائج الإيجابية الكبيرة التي قدمها برنامج "الدنيا بخير" كانت كبيرة جداً، واستطاع زرع قيم الخير في نفوس المشاهدين، مبيناً أن الإعلان عن فعل الخير يكون ضرورياً في الكثير من الأوقات، بهدف تنشئة الأجيال عليه، وحث الآخرين على فعله، وتشكيل قدوة للآخرين، وأن هذا الأمر متعارف عليه في كل دول العالم مثل عمليات جمع التبرعات عبر التلفزيون، أو الحملات الكبرى لإغاثة الدول المنكوبة، والتي يعلن فيها المتبرعون عن أسمائهم وتكون بشكل علني لتشجيع الغير على فعل الخير.
وأكثر ما يبعد هذه التهمة أن معالجة البرنامج للمحتاجين هذا الموسم حفظت كرامتهم، ولم تؤثر سلباً على نفسيتهم كونه يظهرهم بصورة الشخص المعطاء، ضارباً المثل بالسيدة التي ظهرت مع الفنان الأردني عمر العبد اللات، فعندما قام العبد اللات بإخبارها بأنه بحاجة لمساعدة ماسة لطفله، دفعت له كل ما تملك من نقود، وقدمت أكثر بكثير مما قدمناه لها كونها تبرعت بكل شيء لإنقاذ إنسان آخر، ما يجعلها محط فخر وتقدير أمام جميع المشاهدين.
وبين أن البرنامج استطاع ترسيخ قيمة وقاعدة تقول: "الفقراء أكثر عطاء من الأثرياء".

الأكثر تأثيراً
جميع الحالات التي ظهرت في البرنامج كانت لأشخاص أنقياء وصادقين يملؤهم الخير، إلا أن السيدة التي ظهرت مع الفنان عمر العبد اللات كانت الأكثر تأثيراً، وفق اليماحي، الذي يصفها بأنها سيدة معطاءة، رغم ظروفها التي يصعب وصفها، فهي امرأة تصرف على أربع عائلات من بعض الحشائش التي تبيعها بمبالغ زهيدة جداً، وقدمت كل ما تملك عندما علمت بحاجة طفل للمال، ويكمل اليماحي: "لا يغيب منظر هذه السيدة، وهي ساجدة تشكر الله، بعدما عرفت إنهاء معاناتها، وتقديم المساعدة لها"، وقد أبكت كل من كان في "اللوكيشن"، حتى إن الفنان عمر العبد اللات أكد أنها المرة الأولى التي يذرف بها الدموع بهذا الشكل.
وبخصوص الفنانين، فقد كانت الحلقة التي قدمتها الفنانة السورية شكران مرتجى الأكثر تأثيراً به، خاصة مع الظروف التي أحاطت بها، فقد أوجعته هذه الحلقة على الصعيد الشخصي، عندما تم إبلاغ شكران بوفاة والدتها، وهي تتحضر للتصوير، وقمنا بطلب سيارة لها لتغادر المكان، إلا أنها وبعد وقت قصير جداً قامت بالاتصال به، وأصرت على استكمال الحلقة، قائلة: "أمي راحت، لكن هذه السيدة مريضة سرطان، ويجب أن نكمل الحلقة لنؤمن لها العلاج، ولا يمكن أن أتخلى عنها". موضحاً أن جميع الفنانين كانوا يتأثرون بالحالة التي أمامهم بشكل غير متوقع، ويعترفون بأن حضورهم البرنامج غير الكثير لديهم، فعلى سبيل المثال الفنان عبدالمنعم عمايري، بعد انتهاء حلقته، بدأ يردد أنه لم يستطع التمثيل في الواقع، ومنذر رياحنة قال إن هذا الأمر أصعب بكثير من التمثيل، وكذلك إياد نصار، وديمة قندلفت، وديانا كرزون، ومصطفى الخاني، وأغلب الضيوف جزموا بأن ما قدموه مهمة مختلفة كلياً عن التمثيل، وأنهم عاشوا مشاعر حقيقية أمام الأشخاص المقابلين لهم، وتأثروا بعطائهم، والخير الكبير الذي يحملونه.

إقرأ أيضاً:  عمرو دياب وشيرين وكاظم الساهر يحيون حفلات "ليالي ياس" في عيد الفطر
 

ويضيف اليماحي: "لا أفشى سراً إذا قلت إن كل الممثلين كانوا مرتبكين لحظة التصوير، لأن ما قدموه لم يكن تمثيلاً وإنما هو واقع أمام شخص يعيش الحقيقة كاملة، ولا يقوم بالتمثيل أمام الفنان، وهم عاشوا مشاعر حقيقية كاملة، والدليل بكاء عدد منهم".

شارة العمل
يصر اليماحي على الحديث عن شارة البرنامج، التي قدمها الفنانان الأردنيان محمد بشار وأحمد الزميلي، واصفاً الشارة بأنها كانت أحد عوامل النجاح التي سخرها الله للفريق المشرف على إنتاج العمل، وأن مسؤولي البرنامج قاموا بشرح القيمة والفكرة العامة للفنانين، فترجماها بكلمات وألحان حققت نجاحاً كبيراً، مشيداً بذات الوقت بالإحساس الذي قدمت به الشارة، وأنه لا يريد أن يتكلم عن الأصوات واللحن، لكن ما كان الأهم هو الإحساس، ويقول: "كان بإمكاننا طلب الشارة من أي من أسماء الصف الأول في الوطن العربي، لكن أنا أجزم بأنه لم يكن بإمكان أي أحد أن يقدم الإحساس والمشاعر والصدق، كما قدمها الزميلي وبشار". 
ويختم اليماحي الحديث عن وجود جزء ثانٍ من البرنامج بالقول بأن هذا الأمر عائد لهيئة أبوظبي للإعلام، وراعي البرنامج الهلال الأحمر الإماراتي، وبالرغم من كون هذه البرامج مرهقة جداً على الصعيد النفسي لمقدمها، بسبب ما يراه من حالات إنسانية، فإنه يرغب بوجود جزء آخر، مؤكداً امتلاكه لأفكار تطويرية للموسم القادم في حال تقرر إنتاجه، وينوه بأنه لا يستطيع الحكم على نجاح البرنامج من عدمه؛ لأن هذا الأمر منوط بالجمهور، لكنه حتى الآن سعيد بردود الأفعال، سواء تلك الصادرة من الفنانين المشاركين، أو الحالات التي تتم متابعتها باستمرار، وكذلك من قبل عدد كبير من الجمهور.