لا يمكن المرور أمام متجر «Hermès»، في مول الإمارات، من دون التوقف والتمعن مطولاً أمام الإبداع، المتمثل في الواجهة الربيعية للمتجر، التي صممها ثنائي التصميم الفرنسي «زيم وزو»، والاستمتاع برحلة بصرية من ضروب الخيال. في كل واجهة، تم عرض أغراض مختلفة من الدار بين الغيوم؛ لدعوة الناظر إلى دخول بيت الساحر، واستكشاف أسراره. في حوارهما مع «زهرة الخليج»، يطلعنا الثنائي الخلاّق على مشروعهما المصنوع - في معظمه - من الورق، وتعبيره عن موضوع عام 2022، وهو «القلب المَرِح»:

• ما مصدر الإلهام بالنّسبة لكما في تصميم الواجهة الخاصّة بمجموعة الرّبيع 2022 لمتجر «Hermès» في مول الإمارات؟ وكيف تمكّنتما من التّعبير عن موضوع عام 2022 «القلب المَرِح»، من خلال تصاميمكما؟

- استوحيَت تصاميم «بين الغيوم» من الخفّة التي تمتاز بها حكايات الخيال. ففي هذه الحكايات، يصبح كلّ شيء ممكناً، ولا حدود للخيال. وقد أردنا أن تكون الواجهتان الرّئيسيّتان بمثابة صفحتَين من القصّة ذاتها. وسمحَ لنا ابتداع مشهدٍ مختلف من الدّاخل ومن الخارج بتغيير المقاييس بشكلٍ كامل، والاعتماد على مستوياتٍ متفاوتة من التفاصيل والنّماذج، وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، كان علينا أن نختار موادّ تعكس موضوع عام 2022 «القلب المَرِح»، ووجدنا ضالّتنا في الورق والغيوم المصنوعة من القطن! فقد أردنا أن يشعر النّاظر بخفّة المشهد، من خلال التّوازن الدّقيق بين منزل السّاحر العملاق المُعلَّق على السلّم الدقيق، وبين الغيوم المحيطة به. ويساهم اللّون الأبيض للغيوم في إبراز الألوان الجريئة للأغراض الورقيّة، كما تستند ألوان الواجهات إلى أجواء اللّيل والنّهار، ما يمنحُنا مشهدَين متناقضين تماماً. وتعطي المرآة الموضوعة في أسفل السلّم الانطباع بأنّه يمتدّ إلى ما لا نهاية، وتُشعرنا بأنّنا ننظر إليه من ارتفاعٍ شاهق. وقد اعتمدنا على المرآة؛ لتوسيع نطاق الواجهة، ودعوة المشاهد إلى التوقّف والاقتراب والتّركيز على السلّم.

• إلى جانب الورق.. ما الموادّ الّتي قمتما باستخدامها في مشهد «بين الغيوم؟».. أخبرانا قليلاً عن المجهود الإبداعي الذي أنتجَ هذا المشهد!

- استخدمنا الورق في صناعة الجزء الأكبر من الواجهات، ما شكّل تحدّياً كبيراً بالنّسبة لنا؛ نظراً لحجم المشاهد. ونحاول إبراز الورق قدر الإمكان في تصاميمنا، ونسعى دوماً لإنتاج أعمال فنيّة اندماجيّة، من خلال استخدام الورق بأنقى أشكاله. لكنّنا استخدمنا الخشب، أيضاً، لتدعيم البنى الداخليّة، واستخدمنا المعدن في السلّم، ومنصّات الدّعم. هذا المشروع مميّز جداً بالنسبة لنا؛ لأنّنا أردنا إرساء تناغمٍ كامل بين الغيوم القطنيّة والورَق، وقد عَمِلَت هاتان المادّتان الخفيفتان والرّقيقتان بانسجامٍ كامل؛ لتعبّرا عن «الخفّة» بقوّة ملحوظة.

رسائل.. وقيم

• ما الرسائل والقيَم المهمّة لدى الدّار، الّتي تحاولان إلقاء الضّوء عليها، من خلال أعمالكما الفنيّة؟

- يسرّنا، دائماً، كفنّانين أن نتعاون مع «Hermès». فنحن نجد أنفسنا في عددٍ كبير من القيَم المهمّة لدى الدّار، كالسّعي الدّائم لضمان أعلى مستويات الجودة والبراعة الحرفيّة. كما أنّ القصّة الّتي يخبرها كلّ غرض من أغراض «Hermès» تعني الكثير بالنّسبة لنا. فنحن نبذل الكثير من الحبّ والاهتمام في كلّ مراحل المجهود الإبداعي، من رسومات الأفكار الأوليّة إلى مراحل الإنتاج الأخيرة والتّركيب. وقد نقضي أيّاماً طويلة في العمل على قِطَع لا يتعدّى حجمها الملليمترات؛ لكي نخبرَ قصّتنا، ونترجم مشاعرنا بأفضل طريقة ممكنة. ونسعى، دوماً، لتخطّي الحدود الّتي نرسمها لأنفسنا، واستكشاف آفاقٍ جديدة، ومواصلة بعث المشاعر، وأعتقد أنّ التفكير الخلّاق (المعروف بالتّفكير خارج الصّندوق)، هو أيضاً من أبرز القيَم لدى الدّار.

• ما الاكتشافات الّتي توصّلتُما إليها والتحدّيات التي واجهتكما خلال العمل على الواجهات الجديدة لمتجر «Hermès»، في مول الإمارات، وما المدّة الّتي استغرقَتها العمليّة؟

- أحد أبرز التحدّيات الّتي واجهناها كان بناء منزل السّاحر، الّذي يبلغ ارتفاعه مترين أو ثلاثة أمتار، وتثبيته على السلّم الدّقيق. اضطررنا لتقسيم المنزل إلى 10 أجزاء قبل تركيبه في دبي. وغالباً يتضمّن الفنّ الورقي أعمالاً فنيّة صغيرة الحجم؛ نظراً لهشاشة الورق، ما يجعل بناء التّصاميم الكبيرة أمراً مليئاً بالتحدّيات. فهي تتطلّب اهتماماً كبيراً، لكنّ الوضع المثالي لأعمالنا الفنيّة في متجر «Hermès» في مول الإمارات، هو خير دليل على الدّراية والتفاني الكبير لدى جميع الأشخاص الذين عمِلوا على هذا المشروع المشوق. وقد شكّلَت الواجهة الواقعة عند الزّاوية تحدّياً كبيراً بالنسبة لنا أيضاً، إذ يمكن رؤيتها من أكثر من جهة. وقد ركّزنا على هذه الفكرة لدى تصميم الغيوم اللّولبيّة الّتي تدخل في أمتعة «Hermès». وكان التصميم اللّولبي مثالياً بالنّسبة لحجم الواجهة ومظهرها المميّز من جميع الجهات. واستغرق العمل على المشروع ثلاثة أشهر تقريباً، منها شهران لتصنيع كلّ الأغراض الورقيّة.

 

تجربة تطورت

• هذه ليست تجربتكما الأولى مع «Hermès».. كيف بدأت علاقتكما مع الدّار، وكيف تطوّرَت على مرّ السّنوات؟

- بدأ التّعاون بيننا وبين «Hermès» منذ وقتٍ طويل. وطلبَت منّا الدّار في أوّل تعاون بيننا أن نصمّم طير ببّغاء مصنوعاً من القصاصات الجلديّة لدى قسم «Petit H». دعَتنا «Hermès» بعدها لمواصلة استكشاف هذا العالم، من خلال مشروعنا الأوّل على صعيد الواجهات في هونغ كونغ. حمل هذا المشروع اسم «الأدغال الأبديّة»، وسنحَت لنا بعده فرصة مشوقة لتصميم المزيد من واجهات المتاجر في لوس أنجلوس، وشنغهاي، ونيويورك، وطوكيو. ونحن ممتنّان للدّار إلى أبعد الحدود؛ لأنّ القدرة على مشاركة أعمالنا الفنيّة مباشرةً مع العملاء والمارّة حول العالم هي أجمل مكافأة لنا كفنّانَين.

• تعملان معاً منذ 12 عاماً، وقد حقّقتما نجاحاً منقطع النّظير... أخبرانا قليلاً عن رحلتكما وعن القصّة وراء اسم «زيم وزو»!

- قصّة الاسم ليست مشوقة أو ساحرة بقدر منزل السّاحر! نحن نستخدم لقبَي «زيم» و«زو» بكلّ بساطة، ولاحظنا أنّ الكلمتين تبدآن بحرف «ز» وتتألّفان من حرفَين، فقرّرنا أن ننتهز الفرصة الّتي قدّمَتها لنا الحياة. نحن نعمل معاً منذ وقتٍ طويل جداً! وقد التقينا حينما كنّا طالبَين في كليّة الفنّ، وبدأنا فوراً بالتّعاون كأنّنا نعمل معاً منذ زمنٍ طويل. لطالما كان أحدنا يكمل الآخر، وقد نجحنا في الارتقاء بمشاريعنا إلى مستوى جديد من خلال مشاركة وجهات النّظر، والأفكار، والأحاسيس. وسنحَت لنا الفرصة عاماً بعد عام لعرض أعمالنا في دولٍ مختلفة، ولطالما كان التّعاون مع «Hermès» من التّجارب الأكثر تشويقاً بالنّسبة لنا كفنّانَين... وقد وُلِدَت مشاريعنا الأولى من رحم الشّغف والتفاني، ولايزال الوضع على حاله بعد 12 عاماً.