تنظر في عيون أصدقائها، وتخال أنهم يتحدثون عنها؛ فتتوتر، وتبتعد عنهم، وتخلق مشكلة لا أساس لها إلا في مخيلتها. تقوم بعملٍ ما، وتتخيل ردات فعلٍ، وتتصرف على أساسها. تلبس رداء جديداً، وحينما تقف أمام المرآة تفكر في أن صديقتها ستهزأ بنتوءٍ في البطن ليس ظاهراً إلا في مخيلتها فتخلعه وتتوتر.. هذه حالها دائماً. الأفكار السلبية تلاحقها مثل ظلها، وتجعلها تعيش في قوقعة لا أصل لها سوى في عقلها الباطن، مسببة ردات فعل تصدر منها، وتفاجئ كل المحيطين بها. فهل سبب ذلك مرض نفسي تتعايش معه؟ أم تجارب سابقة عاشتها وبدلت طباعها؟ ما الحلّ؟.. الشابة أميرة طرحت مشكلتها، فهل من أجوبة شافية؟

 

لم تتصور أميرة أن أفكارها السلبية المسبقة سترتدّ عليها أولاً، إلا بعدما فقدت أجمل صداقاتها مع أقرب الناس إلى قلبها، وأصبح كثيرون يبتعدون عنها، بعد الجفاء الذي كانت تظهره لهم؛ لظنونٍ تجتاحها وتلحّ على بالها. حاولت ملياً أن تبعد عنها تلك الأفكار، لكنها كانت تفشل في ذلك، وتعود وتدفع ثمنها.. لهذا طلبت المساعدة. طرحنا قصتها على مدربة تعلم مهارات الحياة والصحة النفسية، الدكتورة منال النابلسي، وسألناها: كيف يمكن للشابة أميرة التخلص من أفكارها السلبية؟ فأجابت: «حينما نستسلم لأفكارنا السلبية، ونعتبرها حقيقية نرزح تحت وقعها ونعاني، من حيث لا ندري، من ضغوطاتها، مع العلم بأنه بمجرد أن ننظر إلى الأشياء نفسها بإيجابية؛ تتغيّر حياتنا».

رفض الاستسلام

الكلام سهل، لكن ماذا عن الأدوات الفعلية، الواقعية، التي قد تساعدنا في تغيير أفكارنا؟

تتحدث النابلسي عن أشخاص محدودي الأفكار، يعيشون ضمن ظنون تحكم حياتهم، وتحدّ من اندفاعاتهم في الحياة، فلا يرون أبعد منها؛ لذا من الضروري جداً أن يبدأ هؤلاء في التفكير الإيجابي، بهذه اللحظة بالذات، لا في الماضي، ولا في المستقبل، والابتعاد عن السلبيين؛ لأن هناك شيئاً اسمه «جاذبية العقل»؛ فإذا قلنا لأنفسنا يومياً: إن فلاناً يكرهنا؛ فسنقتنع بذلك. وإذا رددنا يومياً: نحن خائفون؛ فلن نجلب إلا المصائب.

هل معنى ذلك أنه يمكننا تعليم العقل كيف يتصرف، أم أن العقل هو الذي يجعلنا نتصرف؟ تجيب: «بالتأكيد، نحن من يفترض بنا أن نتحكم في العقل لا هو؛ فالعقل مثله مثل العضلة التي نذهب إلى النادي لتقويتها. فالعقل بحاجة إلى تمرين كي لا يأخذنا إلى معتقدات خاطئة. ويجب - بالتالي - تمرين العقل كي يتمكن من التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيال. ونحن نعيش الفشل حينما نترك عقلنا يركز على السلبيات؛ فيصدر ذبذبات تحدد سلوكياتنا؛ لذا علينا أن نتمرن يومياً من أجل إحياء سلوكيات جديدة، لا يمكن أن ننتظرها من محيطنا بل من داخلنا. فالحلّ داخلي غالباً؛ بدليل أن الأفكار السلبية، التي نسمح لها بأن تقوى فينا قد تنقلب إلى توتر (سترس)، قد يؤدي - بدَوْره - إلى أمراض وقرارات سلبية».

نصيحة إلى أميرة، وإلى كل من يعانون مثلها: إذا أردتم التغيير؛ فلا يمكنكم أن تنتظروا أن يأتيكم على طبق من ذهب، لا يمكنكم أن تجلسوا قائلين: نريد أن نتخلص من أفكارنا السلبية. لذا، ابدأوا - من الآن - إعلان رفض الاستسلام للأفكار السطحية، والخيالية، والسلبية، التي تنعكس على مشاعركم وتصرفاتكم وقراراتكم. مارسوا رياضة المشي، والتأمل، واليوغا. فحينما تحركون أجسامكم تتحرك - بحسب النابلسي - مشاعركم أيضاً، التي تتحول من سلبية إلى عادية، ولاحقاً إيجابية. التغيير لا بُدّ سيحصل، لكن يحتاج الأمر إلى صبر وإيمان بالنفس وبالقدرة على التغيير. وتستطرد هنا مدربة الحياة بالقول: «فلنحاول أن نرسم الابتسامة على وجوهنا، فالعقل لا يميز بين الابتسامة الحقيقية والمصطنعة، ولا يعرف ما إذا كنا نضحك عليه أم لا؛ فثمة إشارات بسيطة قد تساعد كثيراً، وترسل ذبذبات إلى العقل بأن الشخص مسرور».

نصف الرحلة

نعود لنسأل: الكلام سهل لكن أميرة تحاول وتفشل.. فماذا يمكنها أن تفعل؟ تجيب النابلسي: «من يفشل وحده، يمكنه أن يلجأ إلى اختصاصي ليساعده؛ حتى يتخلى عن المعتقدات الخاطئة، وينمي معتقداً جديداً إيجابياً قوياً. والقرار هو نصف الرحلة».

على كل حال، كلما زادت معرفة الشخص بكيفية عمل عقله، وأثر أفكاره في جسده؛ زادت قدرته على التعامل مع المواقف المتأزمة. ويجب على الشخص أن يتحكم في أفكاره السلبية التي تتدفق في عقله وتدفعه إلى تحليل المواقف، واستنباط ما يظن أن الناس يقولونه أو سيقولونه. وتلك الأفكار تتسبب بها مادة «الكورتيزول»، التي يطلقها الدماغ لتحذير الشخص من خطر وشيك. واللافت هو أن الأفكار السلبية تأتي بسهولة أكبر من الأفكار الإيجابية. فعندما نصادف شخصاً صدامياً؛ فإن رد الفعل الافتراضي الأسهل يظهر في الشعور بالتوتر والقلق، والافتراض أن الأسوأ سيحصل حتماً، وحينها نطلق العنان - بشكل استباقي - للسلبية. ويحصل، طبعاً، الصدام. مع العلم بأن هناك، دائماً، فكرة إيجابية يمكن طرحها في أي موقف، حتى لو كنا نعرف جميعاً أن الأفكار الإيجابية أكثر صعوبة.

ختاماً.. تبقى النصيحة الأهم: ابتعد عن نفاق الآخرين لك، فأنت لست رائعاً بهذه الصورة التي يمدحونك بها، كما أنك لست سيئاً فظيعاً كما يخبرونك. الأهم، من كل كلام الناس وظنونك، هو ما تعلمته في كلا الوقتين، وكيف ستتعامل مع الأمرين في المستقبل.. ركّز على نفسك، وارمِ كل الأفكار السلبية وراءك!

 

مشاعر لوهان سلبية.. وشمس جميلة

 


حينما سُئلت الفنانة صفية العمري عن عملها كسفيرة للنوايا الحسنة، قالت: «هذا المنصب أثار مشاعر سلبية كثيرة ضدي، فقيل إنني أصبحت متفرغة لخدمة المجتمع؛ حتى صارت الأعمال الفنية تضيع مني. لفق أصحاب المشاعر السلبية شائعة ضدي». هنا، تساءل كثيرون: هل الفنانة الكبيرة فكرت بشكل سلبي أم تعرضت لمكيدة من أصحاب المشاعر السلبية؟ الاتهام، يمنة ويسرة، لا يفيد طبعاً، والمشاهير قد يكونون أكثر من يعيشون الأفكار السلبية أو يعانون ارتداداتها. 

الممثلة البريطانية كلير فوي كشفت معاناتها القلق الشديد، وتشكيكها المستمر في قدراتها، وسيطرة الأفكار السلبية عليها، وحالتها اشتدت بعدما دخلت مجال التمثيل.

الفنانة العالمية ليندسي لوهان اختارت أسلوباً قد لا يخطر ببال أحد؛ للتخلص من الأفكار والمشاعر السلبية التي تراودها، فقد استحمت شبه عارية في الوحل البركاني، وعلقت على فعلتها هذه بالقول: «إنه وحل بركاني؛ للتخلص من المشاعر السلبية». لكن، بعد مرور أعوام على ذلك، تستمر الأفكار السلبية طاغية على لوهان. 

الفنانة الكويتية شمس استخدمت وسيلة أخرى؛ إذ وقفت أمام المرآة، وصارت تردد: «أنا جميلة!». ونصحت الآخرين: «انظروا إلى النعم التي لديكم، وأحبوا ذاتكم». 

الفنانة المصرية ندى بسيوني توجهت إلى جمهورها، عبر «إنستغرام»، بالقول: «كل يوم تحتاج إلى تنظيف عقلك مما علق به من أفكار سلبية، ومما سمعته وشاهدته.. تنظيف الـ(داتا) أسهل شيء». 

الممثلة السورية، نسرين طافش، اعتبرت «أن المغنية العالمية أديل لديها طاقة سلبية هائلة».. وطبعا انتقدت من كثيرين.