تنام  مبكرةً، وتستيقظ متأخرةً، متعبة، مرهقة، كسولة، وبحاجة ماسة إلى البقاء في سريرها. تسمع صوت والدتها يناديها: منال هل أنتِ بخير؟ أليس لديك عمل اليوم؟ ألا تريدين تناول القهوة معي؟ ما رأيك لو نتناول الفطور معاً؟ تقلب شفتيها، وتضع اللحاف فوق رأسها غير مبالية ولا مميزة بين يوم عمل، ويوم عطلة، ويوم عيد، ويوم ربيعي مشمس جميل. مهمة النهوض من الفراش تبدو لها أصعب من مهمة رفع الأثقال. فهل هذا نذير أزمة نفسية؟ هل الرغبة في عدم الخروج من السرير إشارة إلى حالة اكتئاب؟ هذه حالة الشابة منال، فهل هناك مَنْ يُطفئ نار القلق الذي يجتاح بال والدتها، ويُخبرها عن حالِ ابنتها الصغرى؟

لا، ليست منال بخير أبداً، وعليها لزاماً طلب المساعدة الطبية النفسية حالاً. هذا ما قاله المعالج النفسي، محمد الفاعور، «فمتلازمة ديسانيا لا تأتي، غالباً، منفردة بل هي نتيجة عارض أكبر قد يكون اكتئاباً أو تعباً مزمناً». لذا، نصيحة المعالج النفسي الأولى، هي عدم إهمال الموضوع، إذا استمر مدة تزيد على شهر. فجميعنا نرغب، من حين إلى آخر، في البقاء بالسرير، وإغلاق صوت المنبه، رغبة منا في عدم الخروج من فراشنا، لكن إذا أصبح ذلك بمثابة إدمان، كما حالة منال، فمعناه أن مرضاً نفسياً يختبئ وراء التفاصيل.

كيف استيقظتم اليوم؟ متعبين؟ لا داعي للهلع، إنما التنبه دائماً واجب. والسؤال الأبرز هنا: هل هناك فرق بين «ديسانيا» والتعب؟ يتحدث المعالج النفسي عن «أن بعض الأشخاص قد يشعرون بالخمول طوال الوقت، وليس في الصباح فقط، وهنا يجب قياس الأعراض للتأكد مما إذا كان ما تشعر به منال، على سبيل المثال لا الحصر، مجرد إرهاق عادي أم لا. ويفترض بالتالي تقييم المشاعر بعناية بعيد الخروج من السرير، للتأكد مما إذا كان شعورها بالكسل يرافقها طوال النهار أم لا؟ وهل شعورها هذا خمول أم ناجم عن قلق؟». 

جذور المشكلة

المريض طبيب نفسه. فلتمسك منال ورقة وقلماً، ولتقم بتسجيل كل المشاعر التي تمرّ بها أثناء شعورها بالكسل، ورفضها الخروج من الفراش، فإذا كان الأمر مجرد كسل، فستعود وتتخلص منه لاحقاً حتماً، فلا داعي للقلق، حتى لو تكرر، أما إذا كان يترافق مع تعب شديد، من دون أي سبب عضوي، وشعور بالإحباط يدوم طويلاً، فيفترض بها التحدث مع الطبيب.

لا علاج لحالة «ديسانيا» بشكل مستقلّ عن معالجة جذور المشكلة. فالطبيب حينما يبدأ بطرح الأسئلة، لن يقتصر الأمر على عدد ساعات النوم، بل سيطرح أسئلة كثيرة أكثر عمقاً، لن تتوقعوها؛ لأن المعالج النفسي، بحسب الفاعور «يعرف أن وراء نسبة كبيرة من تلك الحالات أمراضاً نفسية أو هوساً أو اضطرابات نوم». على كل حال، مرضى كثيرون يحاولون الدفاع عن أنفسهم، مرددين أنهم لم يناموا كفاية، وبالتالي لم يتمكنوا من «شحن» نهارهم، من خلال النوم العميق ليلاً؛ لهذا لا يرغبون في النهوض وإنفاق طاقة لا يملكونها أصلاً. لكن، هل هذه هي الحقيقة كلها؟

تؤثر الإصابة بمتلازمة الرغبة في البقاء بالسرير في أداء المريض، وعمله، وعائلته، وأطفاله، وعلاقاته الاجتماعية، لهذا لا يمكن التغاضي عنها. مريض «الديسانيا» يعاني تقلبات مزاجية مفاجئة، فهو يشعر بالراحة القصوى عندما يكون في منزله، وفي سريره بالتحديد، ويشعر بالإحباط حينما يضطر إلى الخروج منه. هنا، في هذا الإطار، يعتبر المعالج النفسي «أن أشخاصاً كثيرين يصلون إلى إدمان المكوث في الفراش، بعد فشل يواجهونه في حياتهم، فيلجؤون إلى قضاء ساعات طويلة في السرير، بدل إنجاز عمل، أو تلبية دعوى ما، ويشعرون بعد ذلك بالذنب وبالحزن واللامبالاة والإحباط. لكنهم يكررونه، فيُصبح مع الوقت مكانهم الآمن. ويُصبحون أكثر راحة حينما ينعزلون اجتماعياً».

اضطرابات النوم

الرغبة في البقاء بالفراش مرض لا مجرد كسل عارض بسيط. وتسبقه غالباً اضطرابات النوم، مثل: الأرق، والنعاس أثناء النهار، والنوم غير التصالحي، ما قد يضعف المناعة والذاكرة والقلب والدماغ، ويمنع من إعادة شحن بطاريات الحياة. هنا، يهم أن تعرفوا أن 80% من مرضى الاكتئاب يشكون تدهور كمية ونوعية نومهم، فيفقد المرء لذة النوم ليلاً، والاستيقاظ بنشاط نهاراً.

اضطراب «ديسانيا» يمكن أن ينتج عن اكتئاب، أو قد يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب. وما يجهله كثيرون أنه لا علاج معروفاً لهذا الاضطراب، إلا إذا تأكد المعالج النفسي أنه ناتج عن أمراض نفسية أخرى. لذا، مراجعة الطبيب ضرورة؛ لأنه الوحيد القادر على توجيه المريض. على كل حال، يهم هنا أن تعرفوا أن هناك نحو ثمانين اضطراباً مختلفاً للنوم، والطبيب هو القادر على تحديد نوع الاضطراب، الذي يجعل الإنسان يشعر بالأرق الدائم، أو الرغبة في البقاء بالسرير دائماً. 

ثلاث تساعد على تحمل مشاق الحياة: الأمل والنوم والضحك. لكن، هناك من ينام لينسى أنه فقد الأمل، ولأنه غير قادر على الضحك، هنا تكمن المشكلة.. وربما منال واحدة من هؤلاء.

 

إقرأ أيضاً: كيف تتوقفين عن حب شخص ما وتمضين في حياتك قدماً؟

 

 

كاميرون دياز تعاني «الديسانيا».. ومي عز الدين «الأرق»

المشاهير يعملون، عادة، ساعات طويلة، ولديهم غالباً جداول زمنية مزدحمة. وكثيرون منهم يحبون النوم، لا بل يعشقونه، ويجدون صعوبة في الخروج من أسرّتهم بعد أن يخلدوا إلى النوم. وهذا لا يعني، طبعاً، أنهم مصابون باضطراب «الديسانيا»، لكن إذا تُرك لهم الخيار فقد يكونون من ضحاياه. 

ماريا كاري، صاحبة الصوت الذهبي، تخلد إلى النوم 15 ساعة متواصلة، وحجتها أنها تفعل ذلك لتحمي صوتها.

براد بيت يحب، أيضاً، أخذ قيلولة، ويجد صعوبة قصوى في الخروج من سريره صباحاً، وحجته أن القيلولة تبقيه بصحة نفسية جيدة.

كاميرون دياز اعترفت، هي أيضاً، أكثر من مرة، بشغفها بالنوم الذي يمنحها الحيوية، وقالت ضاحكة: ربما أنا مصابة بـ«الديسانيا».

 

 

النجمة مارلين مونرو كانت واحدة من أولئك الذين قد يبقون في سريرهم لأيام طوال؟ 

في المقابل، هناك ممثلات عانين كثيراً الأرق، بينهن الممثلة المصرية مي عزالدين، التي كتبت ذات يوم على «تويتر»: «يا رب ساعدني؛ كي أتغلب على هذا الأرق.. مش عارفة أنام!».

ويهم أن تعرفوا، أيضاً، أن هناك مشاهير يستيقظون قبل الفجر، وبينهم المدير التنفيذي لشركة «أبل»، تيم كوك، الذي يستيقظ كل يوم نحو الثالثة و45 دقيقة صباحاً، معتبراً أن ذلك يجعله - على نقيض من يبقون في أسرّتهم - منتجاً أكثر.