عندما يصبح تغير المناخ والتلوث مصدر قلق عالمي متزايد، ويصبح من الصعب تجاهل تأثيره السلبي في البيئة والناس، فإن دولة الإمارات تظهر التزامها الجاد على الصعد المحلية والدولية بالحدّ من هذه الظاهرة، ومواجهة التحديات البيئية في خططها ومبادراتها التنموية، التي لها أكبر الأثر على الصحة والاستدامة في جميع أنحاء العالم.

تبذل الإمارات جهوداً كبيرة في التحول نحو الطاقة المتجددة، لأجل تحقيق بيئة تنمية مستدامة وخضراء في الوقتين الحالي والمستقبل، حيث أولت التوجه نحو استخدام حلول الطاقة النظيفة اهتماماً بالغاً منذ عام 2006، وقطعت أشواطاً مهمة في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة المبتكرة باستخدام أحدث تقنيات الطاقة الشمسية المركزة، والألواح الكهروضوئية، والطاقة الكهرومائية بالضخ والتخزين، والتقنيات الكهروضوئية العائمة، كما وضعت وزارة التغير المناخي والبيئة، حجر الأساس في مشروع محطة معالجة النفايات البلدية الصلبة، وإنتاج الوقود البديل منها في إمارة أم القيوين، والتي ستصل قدرتها الإنتاجية من الوقود البديل إلى 300 ألف طن سنوياً، إضافة إلى اعتماد هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، أول مواصفة للمركبات ووسائل النقل العامل بخلايا الهيدروجين في المنطقة.

 

  • مشروع الطاقة المتجددة المبتكرة باستخدام الألواح الكهروضوئية.

 

مشاريع عملاقة

تلعب «مصدر»، الشركة العالمية الرائدة في حلول الطاقة المتجددة، ومقرها أبوظبي، دوراً بارزاً في تعزيز رؤية الدولة الرامية إلى تبنّي حلول الطاقة المستدامة، وذلك انسجاماً مع خطى الدولة في هذا المجال، بوصفها أول دولة عربية وقّعت اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي انعكس لاحقاً على استراتيجيات الدولة الرئيسية في هذا الشأن، مثل «رؤية الإمارات 2021»، و«استراتيجية الإمارات للطاقة 2050»، و«الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017 – 2050».

مع انطلاق أعمال شركة «مصدر» عبر تنفيذ مشاريع عملاقة لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية مثل (محطة شمس 1)، و(نور أبوظبي) و(مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية) والمشروع الضخم الجاري العمل عليه في منطقة الظفرة حالياً، اعتمدت مجموعة من السياسات والاستراتيجيات الداعمة لتحول الطاقة وتطبيق منظومة الاقتصاد الأخضر، ومنها استراتيجية (الإمارات للطاقة 2050) والتي تستهدف زيادة حصة الطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي، وقد حلت في المرتبة الثالثة على مستوى العالم بالنسبة لإنتاج الطاقة الشمسية المركزة لعام 2013، بطاقة إنتاجية بلغت حوالي 140 ميغاوات.

الطاقة الشمسية المركزة

تماشياً مع (استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050)، تم الإعلان عن أحد أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في دبي للطاقة الشمسية المركزة في العالم بقدرة إنتاجية بلغت 1.000 ميغاوات حتى عام 2030. ويعتبر هذا المشروع أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة في العالم، وهو يتفوق في ذلك على أكبر برج في العالم لإنتاج الطاقة الشمسية المركزة في المغرب، بقدرة إنتاجية بلغت 150 ميغاوات.

 

  • استخدام الطاقة الشمسية في مدينة «مصدر».

 

حلول عالمية

لم تتوقف توجهات دولة الإمارات في التركيز على الطاقة المتجددة على الصعيد المحلي فقط وإنما عملت، ومن خلال سلسلة متواصلة وكبيرة من الدعم، على مد يدّ العون للدول النامية، عبر مساعدات وقروض وتمويلات؛ من أجل دعمها في تأسيس مشروعات حيوية ومستدامة، يتم فيها تبنّي حلول الطاقة النظيفة.

عالمياً، كذلك أخذت الإمارات بزمام المبادرة لتوسيع نطاق انتشار الطاقة المتجددة في العديد من دول العالم عبر إطلاق المبادرات المبتكرة وتفعيل التعاون متعدد الأطراف بين أعضاء الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، لمواجهة التحديات التي تواجه تعزيز التنمية المستدامة حول العالم، فمنذ عام 2013قدمت دولة الإمارات مساعدات بقيمة مليار دولار للدول النامية، لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة وتمثل المشاريع المتعددة التي أطلقها صندوق أبوظبي للتنمية بالتعاون مع (آيرينا) أحد الأمثلة المهمة على دور الإمارات في نشر هذه الحلول عالمياً، وتطوير تلك المشاريع في دول عدّة، منها: (مشروع توريسول في إسبانيا)، و(مشروع مصفوفة لندن لتوليد طاقة الرياح البحرية عند مصبّ نهر التايمز)، و(محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية في موريتانيا)، و(محطة الطفيلة لطاقة الرياح في الأردن) وهو أول مشروع تجاري لطاقة الرياح في منطقة الشرق الأوسط، و(محطة هايوينداسكتلند) وهي أول محطة رياح بحرية عائمة على مستوى تجاري في العالم، وغيرها الكثير.

 

  • أول مركبة تعمل بخلايا الهيدروجين باعتماد هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس.

 

25 دولـــــــة 

جاء اهتمام دولة الإمارات وتركيزها على تبنّي حلول الطاقة المتجددة، انطلاقاً من إدراكها أن مواصلة التنمية والازدهار مرهونة ببناء قطاع طاقة متنوع ومستدام، الأمر الذي جعل من «مصدر» أهم المسهمين في تنويع مزيج الطاقة في الدولة وخارجها، من خلال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، والاستثمار في مشروعات من هذا النوع باستخدام التقنيات الحديثة، حتى وصلت استثماراتها إلى 25 دولة حول العالم.