محمد العامري وعمه سعيد العامري في يوم الأب.. حب وتضحية حتى آخر العمر

سعيد العامري: الآباء، في كبرهم، يحتاجون إلى من يحنو عليهم.

سعيد العامري: الآباء، في كبرهم، يحتاجون إلى من يحنو عليهم.

محمد العامري: تعلمت من عمي سعيد الكثير من القيم الإماراتية الأصيلة.

من يقول إن الأب هو فقط من يحمل الأبناءُ اسمَهُ فقد أخطأ؛ فالأب هو روح الحياة وقائدها، وصمام الأمان والاستقرار الأسري، من يمنحنا الدعم والتشجيع، وهو السند الذي نتكئ عليه إذا مالت بنا الدنيا، صاحب هذه الصفات النبيلة، بحسب رجل الإطفاء محمد العامري، هو عمه سعيد عمير صالح العامري، الذي قام بتربيته ورعايته بعد وفاة والده، موضحاً أن الأبوة ليست كلمة صغيرة بمفهومها الضيق، لكنها تتسع لتتضمن من يضم الأبناء والأحفاد إلى حضنه الكبير، فينهلون من نهر حبه وحنانه؛ حتى يكونوا قادرين على شق طريقهم بخطوات واثقة.

يقول رجل الإطفاء محمد العامري، عن علاقته بعمه: أدين لعمي بالكثير من الشكر والتقدير، ولن توفيه الكلمات ولو جزءاً بسيطاً من حقه، فقد كان ولايزال كبير العائلة، والأب الذي يرعى الجميع، ويرشدهم إلى الطريق الصحيح، ننهل جميعاً من معين خبراته الواسعة بالحياة.

ويضيف قائلاً: تعلمت من عمي سعيد الكثير من القيم الإماراتية الأصيلة، خاصة التعامل مع كبار المواطنين، وكيفية رعايتهم واحترامهم وتقديرهم، فقد قاموا برعايتنا في شبابهم، والآن جاء دورنا لنرد لهم جزءاً من جميلهم علينا، كما كان عمي دائماً، ولايزال، خير قدوة لي في تعلم الصبر على الشدائد، والتفكير بحكمة؛ لحل الأزمات حتى تنفرج.

رجال المستقبل

الآباء، في كبرهم، يحتاجون إلى من يحنو عليهم، ويتعامل معهم باللين واليسر والمحبة.. هكذا بدأ «الوالد» سعيد عمير صالح العامري حديثه، والدموع تترقرق في عينيه، وهو يتذكر أبناءه وأبناء أخيه، عندما كانوا صغاراً، وكيف قام بدعمهم وتربيتهم، قائلاً: بذلت قصارى جهدي؛ كي أعلم أبنائي، وأبناء أخي، السنع الإماراتي (احترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير)، أيضاً تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وكنت أعدهم ليكونوا رجالاً يفخر بهم الوطن في المستقبل.. ولله الحمد نجحت في ذلك.

حب.. وتضحية

ويتابع: لن أنسى موقف محمد العامري (ابن أخي)، والذي أقل ما يقال عنه إنه موقف إنساني من الدرجة الأولى؛ عندما ضحى من أجلي بقطعة من جسده؛ ليهديني الحياة مرة أخرى، بعد أن يأس الطب من العلاج والدواء؛ عندما أصبت بالتهاب الكبد الوبائي، وقرر الأطباء أنني سأفقد حياتي؛ إذا لم أقم بعمل جراحة عاجلة لاستئصال الكبد، وزرع كبد جديدة، ويحتاج ذلك إلى متبرع، وعلى الفور كان ابن أخي محمد أول الذين قاموا بإجراء التحاليل الطبية، التي أثبتت تطابق أنسجتنا، وبالفعل ولله الحمد سافرنا إلى سنغافورة، وقمنا بعمل جراحة لنقل حوالي 45% من كبد ابن أخي إليَّ، وكان ذلك منذ 6 أعوام تقريباً، وتم الشفاء بأمر الله، وتعافينا وعدنا سالمين إلى أرض الوطن الحبيب.

وعن موقف محمد العامري، ومشاعره الجياشة نحو عمه (والده)، كما يطلق عليه، يعبر قائلاً: عندما مرض عمي، قمنا جميعاً (أنا وأبناؤه) بعمل تحاليل تطابق الأنسجة، وكنت أدعو الله أن أكون أنا سعيد الحظ، وأقوم بإهداء عمي جزءاً من كبدي؛ فهذا أقل واجب نظير ما قدم لي طوال حياتي من رعاية وحنان وعطف، فلا يمكنني أن أشعر بحلاوة الحياة، لو غادرها؛ فهو السند، والداعم، والأب، والقدوة، وكبير العائلة، وإذا عاد بي الزمن، وطلب مني كبدي بأكملها؛ فسأفعل.. دون تفكير.

ويتابع قائلاً: أجمل أوقات حياتي، عندما يقوم عمي بالدعاء لي في صلاته، وأسمع منه كلمات المدح والإطراء، وهو يقول لي أنت ابني الذي لم أنجبه، وأنا راضٍ عنك، وأتمنى دائماً أن أراك وأبناءك في أحسن حال، ولن أنسى عندما كنا في سنغافورة؛ لإجراء الجراحة، بعد أن أفاق عمي سعيد من التخدير بعد العملية، حينما أصر على أن يأتي إلى «العناية المركزة»، حيث كنت؛ ليطمئن عليَّ، رغم وهنه بعد الجراحة، وبالفعل لم يهدأ إلا بعد أن اطمأن عليَّ، وتأكد أنني بخير، وظل يراقب حالتي عن قرب حتى خرجنا معاً من المستشفى بعد حوالي شهرين من إجراء العملية، فما فعله ليس سوى مشاعر الأبوة الحقيقية، وما فعلته من أجله أيضاً هو واجب الابن البار تجاه والده.