رحل الشيخ خليفة.. وفتح جرح رحيل «بابا زايد» من جديد..

أحسَّ قلبي الوجعَ نفسه.. وذقت مرارة الفقدان مرةً أخرى..

وهل هناك حزنٌ يساوي غياب السند؟

بلاد زايد التي زينها «خليفة» بأفراح الإنجازات، كساها الحزن من جديد..

حزن لم تعشه الإمارات منذ 18 عاماً، عندما رحل المؤسس والباني والحكيم..

فاللهم أستودعك «بابا زايد» و«بابا خليفة».. وعظم الله أجرك يا وطن..

كانت ابتسامة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هي عنوان

دولة الإمارات.. وفي يده الممدودة بشموخ سر بناء الدولة..

ومن هذه اليد.. وتلك الابتسامة، نهل خليفته، الشيخ خليفة، رحمه الله؛ فلمسنا كرمه وطيبته و«حنيته»، ووصل بالإمارات وشعبها إلى مستويات عالمية.. بل إلى الفضاء

بعد تأسيس دولة الإمارات بأيام، قال الشيخ زايد: «ثروتي سعادة شعبي».. وهي الثروة التي ضاعفها الشيخ خليفة، فأصبحت السعادة في الإمارات منهجاً وأسلوب حياة، وجاءت في المرتبة الأولى عربياً لسنوات متتالية عدة، في تقرير السعادة العالمي.. وأصبحنا «أسعد شعب»..

تبكي عيون أبناء الإمارات رحيل الشيخ خليفة.. وهم يتذكرون أياديه البيضاء، التي انعكست على حياتهم.. في كل شيء.. المحتاج منهم، وغير المحتاج

كان حنوناً على من أرهقته الحياة والبنوك، فأمر بإنشاء صندوق عالج به ديون المواطنين المتعثرين..

وأشفق على الفقراء؛ فأمر بإحلال المساكن القديمة للمواطنين في خمس إمارات..

وأطلق العديد من المبادرات الكريمة، مثل: «أبشر»، و«أقدر»، وغيرهما..

ونصر المرأة، فمكنها من كل المواقع، وفتح أمامها كل المجالات بلا استثناء..

وفي عهده ازداد دور دولتنا رسوخاً كعاصمة عالمية للعمل الإنساني، حيث خصص، رحمه الله، عاماً للخير، وآخر للتسامح، تلك القيمة التي ازدادت عمقاً ومعنى بفضله..

إقرأ أيضاً:  د. مانع سعيد العتيبة يكتب: متى؟ (14)
 

يقولون إن العالم «يحسد» دولة الإمارات.. وأنا أعترف بأن دولتنا «محسودة».. ليس لأنها دولة غنية؛ فالدول الغنية كثيرة.. وليس لأنها ناجحة؛ فالنجاح يصنعه كثيرون.. لكن الجميع يحسدوننا على قادتنا.. يحسدون تلك العلاقة الخاصة جداً بين الحاكم والرعية.. يحسدون ديمقراطية من نوع استثنائي.. يحسدون انتقالاً سلساً للسلطة، تم في ثلاث دقائق، وفي مناخ أخوي، يندر حدوثه..

ومثلما لازلنا نبكي غياب الشيخ زايد، سنظل نبكي رحيل الشيخ خليفة.. لكن العزاء أن الغرس مستمر، لتبقى إماراتنا تسير إلى الأمام، وهي في يدٍ أمينة.. يد ابن آخر من أبناء المؤسس، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، الذي يرفع اليد الممدودة نفسها.. وفي ابتسامته الاطمئنان نفسه.. وفي كلماته «وحدة» البيت.. ومعه أبداً «لن نشيل هم».

في الطريق ذاته الذي رسمه زايد، وسار فيه خليفة، نمشي مطمئنين مع «خير خلف» نحو سنوات جديدة مليئة بالإنجازات.. ومستقبل نراه قادماً بمزيد من النجاحات لدولتنا، معاهدين سموه على الولاء، وداعين المولى عزَّ وجلَّ، أن يعينه على حمل الأمانة.