من منّا لا تستوقفه فكرة أن يكون محبوباً بين الناس؟ فبمجرّد قراءتكم هذه الجملة بالتأكيد حضرتكم فكرة أو أمنية أن يعرفكم الناس أو دائرتكم المقرّبة بالأفضل أو الأكثر إتقاناً لشيء ما، أو بمهارة، أو إنجاز حققتموه، وغيرها مما يشبهها من الأفكار. رمسة عاشة هذه المرة وُلدت من سؤال تلقيته في إحدى مقابلاتي مؤخراً، وتكرر في الماضي: هل تبحثين عن الشهرة؟ وهو سؤال مُهم ليس لي فقط، ولكن على المستوى المجتمعي للتزايد المستمر لأهمية العالم الرقمي و«السوشيال ميديا».

ردّي التلقائي كان أنني لا أبحث عن الشهرة، لكن ما أعتقد أنه جذب الناس إلى حساباتي في التواصل الاجتماعي وظهوري بشكل عام في الإعلام، هو أنني اخترت - منذ البداية - تطبيق وصفتي الخاصة، وهي أن يكون وجودي يُشبهني، ويشبه أيامي وروتيني اليومي، فلم أُقْصِرْ وجودي على الجانب المهني، أو عرض علاقتي بالعلامات التجارية (البراندز)، التي قد تعكس صورة اجتماعية معينة، لكنني جعلته مزيجاً من كلّ ما يدور في يومي ومحيطي، فأنا رسمية وخبيرة متحدّثة بمجالي في أوقات، ومستمتعة بهواياتي لحظات أخرى، ومتأملة ومشاركة لما راقني على «السوشيال ميديا»، وغيرها.

الكل يُحبون أن يرى الناس قيمتهم المعنوية، وأن يلمسوا ذلك في سلوكهم معهم، وعادة يُطلق على ذلك الشهرة، خاصة إن تحقق ذلك على مستوى واسع، لكنني أفضّل أن أسميه معنى الوجود في الحياة، أي لماذا أنت كشخصٍ معيّنٍ موجودٌ، وماذا يعني غيابك؟ والمعادلة للوصول إلى ذلك بسيطة جداً، وهي أن نظهر بطبيعتنا على المنصات، وفي سلوكنا مع المجتمع، ونقدّم لقطات من أيامنا.

إقرأ أيضاً:  الريم بنت عبدالله الفلاسي تكتب: شحالكم؟
 

عدم فهمنا الحد الفاصل بين الاهتمامات وما نُحب القيام به، وبين ما نعتقد أن الناس يريدون أن يروه منّا، هو ما يجعل كثيراً ممن نُطلق عليهم مشاهير مجرّد نُسخ من بعضهم بعضاً. وفهمنا للذة أن يكون الإنسان معروفاً ليس مسألة بسيطة، لكن يجب أن نحرص عليها، خاصة لو أردنا فهم أبنائنا واحتياجاتهم، وأن نكون قريبين منهم. فعرضهم لحياتهم على «السوشيال ميديا»، أو ما يسعون إلى تحقيقه يعتمد كثيراً على قدرتهم على جذب اهتمام أصدقائهم ومحيطهم. لذا، إن تمكنّا من مساعدتهم في ذلك، سنقوي علاقتنا بهم، ونكون عنصر تأثير غير عادي في حياتهم، وفهم ما يحتاجون إليه؛ ليكونوا ناجحين ومؤثرين في مستقبلهم، قبل غيرهم.

رمسة عاشة هذه، هي دعوة منّي لنتفق على أنّه لا ضرر من أن يكون لنا معنى في حياتنا وحياة من حولنا، لكن يجب ألا نقع ضحية ما يسمى الشهرة والبحث عنها، فمن المهم أن نعرف معنى وجودنا في الحياة، لكن الأهم أن نعيش حياتنا ليس لنعرضها، بل لنستمتع بها أولاً.