ياسمين حمد: العمران.. إبداع الماضي وذاكرته

استعارت المعمارية السودانية، ياسمين عادل حمد، ذاكرة المكان، لتبدع صوراً تنبض بالحياة والإلهام، وتخلق من مشاهد مدينة أبوظبي وذكرياتها القديمة، لغة بصرية تزخرف الوجدان بتواريخ الجمال في مسيرته الحضرية. ولدت ياسمين ونشأت في مدينة أبوظبي، وكانت دائمة الملاحظة والمتابعة للتطور المميز للمدينة، فقررت تناول

استعارت المعمارية السودانية، ياسمين عادل حمد، ذاكرة المكان، لتبدع صوراً تنبض بالحياة والإلهام، وتخلق من مشاهد مدينة أبوظبي وذكرياتها القديمة، لغة بصرية تزخرف الوجدان بتواريخ الجمال في مسيرته الحضرية. ولدت ياسمين ونشأت في مدينة أبوظبي، وكانت دائمة الملاحظة والمتابعة للتطور المميز للمدينة، فقررت تناول موضوع المستقبل العابر للتطوير الحضري في العاصمة، موثقة وباحثة عن المعرفة، ومتحمسة للاستكشاف. وتروي ياسمين خريجة الهندسة المعمارية من الجامعة الأميركية في الشارقة، في حوارها مع «زهرة الخليج» رحلة توثيقها للمباني المشيدة من عقود عدة؛ لتصنع من الماضي رؤية باذخة العطاء في استشرافها للمستقبل:

• ما الذي دفعك إلى البحث وراء البنايات القديمة، ومن أين ينطلق شغفك؟

- بعد أن أكملت دراسة الهندسة المعمارية في الجامعة الأميركية بالشارقة، وعدت إلى أبوظبي، أدركت على الفور أن فهمي للمدينة قد ازداد. حينها راودني فضول ورغبة بأن أختبر ما تعلمته في سنوات دراستي، وبدأت يومها رحلتي في استكشاف المدينة وتطوراتها بمنظور جديد، فلاحظت أن تصميم العديد من المباني والأحياء قد تغير، أخذت العديد من المباني الجديدة مكان القديمة التي أزيلت، حزنت لأن مباني أبوظبي وطرازها أحد أسباب حبي للمدينة واهتمامي الخاص بالأنماط المعمارية القديمة من الثمانينات والتسعينات، وتيقنت حينها أنه كان عليّ توثيق وحفظ ذكرى هذه المباني في صور تحفظ قيمتها الهندسية والتاريخية، فقررت البحث عن بقية المباني وتوثيقها.. ومن هنا انطلق الشغف.

• هل هناك أي مناطق تعاودك إليها النوستالجيا؟

- من بين المباني الكثيرة التي نالت الشهرة والسمعة، حظي السوق المركزي القديم والمجمع الثقافي وبناية الإبراهيمي بمكانٍ خاص في ذاكرتي. هنالك العديد من المباني ذات التصميم القوي والعملي الصريح، وسط المباني الجديدة ذات الجدران الزجاجية، والتي غالباً غابت عن أنظار واهتمام العابرين. لا تقتصر هذه الظاهرة على أبوظبي فقط، بل تنطبق على أغلب المدن في هذا الزمن، ولقد دربت نفسي على أن ألاحظ هذه المساحات والمباني حيثما وجدت. وبدوري كمصممة معمارية ومخططة حضرية، نميت مفهوم تخطيط المدينة من خلال مجهودي الخاص بالبحث، والحوارات المتعددة مع أشخاص شاركوني بمعرفتهم عن المنطقة، عندما كنت ألتقط الصور والأشخاص الذين تفاعلوا مع الصور التي نشرتها في حساباتي على منصات التواصل الاجتماعي.

إقرأ أيضاً:  تونس عروس البحر المتوسط
 

• ما أهم الأمور التي اكتشفتها؟

- جاء الكثير من الإلهام لهذا المشروع من ذكرياتي عن المدينة، عندما كنت أصغر سناً، إذ أشعر بأن ذاكرة المكان مرتبطة ومحفورة في هندستها المعمارية، وأن الإحساس بالمجتمع سيتم التعبير عنه دائماً في بيئته العمرانية. لقد أدهشني هذا الأمر حقاً وأنا أسير في جميع أنحاء المدينة. لقد تغيرت المدينة بالتأكيد عما كانت عليه قبل 20 عاماً، وفي الأوقات المتغيرة والتصميم الجديد للمباني والأذواق والأنماط، فقد شعرت بأن هذه المباني القديمة تقف كآثار تذكرنا بماضٍ جميل، ومثال مادي للثقافة وعلاقة الناس بالمدينة وعلاقتنا ببعضنا بعضاً، عبر الماضي القريب لهذه المدينة الفتية.

• كيف ترين علاقة المباني والإنسان، وكيف تربطين بينها في ذاكرتك؟

- كنا دائماً نقول: كم من الأشخاص الآخرين المرتبطين بهذه المدينة في أي وقت على مدار الأربعين عاماً الماضية، لايزالون يتذكرونها باعتزاز حتى يومنا هذا؟

• ما الملامح التي تكونت لديك عن الجيل الذي سكن هذه البنايات؟

- فوجئت بالعثور على مجموعات «فيسبوك» نشيطة للغاية، مخصصة لمشاركة الصور والقصص القديمة في زمانهم، لأن العديد من الأشخاص والجنسيات المختلفة كانوا مرتبطين وجدانياً وحسياً بهذه المدينة. وكنت متحمسة بشكل خاص، عندما شاركت بعض صوري مع تفاصيل بعض الأحياء على إحدى المجموعات، ومن خلال التعليقات تمكن العديد من الجيران من العثور على بعضهم بعضاً، وإعادة التواصل في ما بينهم.