في معظم برامج الحمية الغذائية، نضطر إلى الالتزام بقواعد صارمة واتباع نظام غذائي قاسٍ، واحتساب عدد السعرات الحرارية، تجنباً لاكتساب مزيد من الوزن، وهو ما يحرمنا من تناول بعض الأطعمة حتى الأساسية منها مثل (النشويات)، مع شعور بالقيد والملل، ومن هنا تأتي أهمية اتباع «الأكل الحدسي» حيث لا يوجد احتساب للوحدات الحرارية، ولا حتى حرمان من مأكولات معينة، ففكرته تتمحور في التصالح مع جميع الأطعمة، لكن ما قواعد الأكل الحدسي؟ وما فوائده؟ وهل يساعد حقاً في خسارة الوزن؟

تقول أخصائية التغذية في إدارة التغذية المجتمعية بمستشفى توام، التابع لشركة صحة، سارة عتيق الهاملي: «في الأكل الحدسي لا تنظر إلى الطعام على أنه (جيد) أو (سيئ)، بل تستمع إلى جسدك، ومن خلاله تستطيع أكل ما تشعر بأنه مناسب لك. قد يرى البعض أنه خلال ممارسة التغذية الحدسية نستطيع أكل ما نريد وفي أي وقت ولكن هذا غير صحيح». مشيرة إلى أن الخبراء يرون أن «الأكل الحدسي يعني أننا نستطيع الاستفادة من قدرة الجسم الطبيعية على تحديد إشارات الجوع والرضا، فعندما تأكل بشكل حدسي فإنك تتخلى عن فكرة الحاجة إلى إنقاص الوزن أو زيادته؛ لتستطيع التفكير بالطعام من منظور مختلف لم نعهده من قبل».

وتوضح الهاملي: الفكرة من هذه الحمية هي مساعدتك على التركيز أكثر على الأطعمة التي تعمل بشكل أفضل لصحتنا الجسدية والعقلية بشكل عام.

إشارات الجوع والشبع

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف يمكن أن نتبع نظاماً يعتمد على التغذية الحدسية؟

تقول أخصائية التغذية: بداية يجب تجنب أي نوع من الحميات والتي تكون بطبيعتها صارمة حول قواعد استهلاك الطعام وكمياته، خاصة إذا تم تجربة هذا النوع من الحميات وبشكل متكرر وكانت النتيجة النهائية عدم القدرة على مواكبة هذا التغيير. فعند تقييد بعض الأطعمة يحرم الجسم من بعض المغذيات الضرورية، وفي بعض الحالات، ولبعض الأشخاص، يمكن أن تؤثر هذه الحميات وتنعكس على شكل اضطرابات في الأكل، ما يزيد حجم المشكلة.

وتؤكد الهاملي أنه يجب على الشخص الثقة بجسده، والاستماع إليه للتعرف إلى إشارات الجوع الحقيقية. لذا يجب ألا تأكل لأنه قد حان موعد الطعام فقط، وإنما تناول الطعام دائماً وقت الجوع، كما أن تناول مجموعة مختلفة من الأطعمة قد تشعرك بالرضا، ولكن علينا التذكير بأنه من السهل أن نقع في الإفراط بها، والطريقة الأنسب هي الاستماع لإشارات الشبع عندما نأكل (انتبه للامتلاء)، وحاول التوقف بشكل متكرر للتحقق من مستوى الشبع لديك. يمكن أن تفكر أكثر في مذاق الطعام ومن خلال تقييم مستويات الجوع لديك سترى ما إذا كنت بحاجة إلى المزيد. 

إقرأ أيضاً:  الإمارات صديقة البيئة.. والأرض
 

وتشير الهاملي إلى أن الاستمتاع بتجربة الطعام يجعل تجربة الأكل مليئة بالرضا والشعور بأن هناك دائماً طعاماً كافياً ويمكن الحصول عليه في أي وقت. وهنا عليك دائماً اختيار الأطعمة التي تجعلك تشعر بالراحة، فالحرمان يؤدي إلى الشعور بالرغبة الشديدة في الإفراط في تناول الطعام. أما تناول الطعام بشكل حدسي فيؤدي إلى اختيار الأطعمة التي ترضي احتياجاتنا الصحية وحتى التذوق، فالاعتدال هو المفتاح الحقيقي نحو عادات غذائية أفضل وأكثر صحية، فقطعة من طعامك المفضل مثل الشوكولاته أو المثلجات أو رقائق البطاطا لن تكسبك الوزن الزائد، ولكن ماذا وكيف نأكل بمرور الوقت هو المؤثر الحقيقي في صحتك. 

أطعمة غير مثالية

تضيف أخصائية التغذية سارة الهاملي: «قد لا يعير بعض الأشخاص المشاعر التي تراودنا أثناء رغبتنا في تناول الطعام أي اهتمام، فالجوع ليس هو الدافع الوحيد، فاحترامنا لمشاعرنا ضروري ويجب أن يعرف الجميع أن الأكل وقت القلق أو الوحدة أو الغضب أو حتى الملل لن يغير شيئاً في الموضوع، بل قد يزيد الأمر سوءاً، فإذا كنت من الأشخاص الذين يعتمدون هذا الأسلوب في مواجهة المشكلات والتحديات، فقد يجب عليك استشارة مختص لحل هذه المشكلة.

وتكمل: حتى الشعور الذي ينتاب الكثير منا أثناء ممارسة الرياضة والتركيز على التعب والإرهاق، أمر في غاية الصعوبة وبدلاً من المشاعر السلبية، وجب توجيه التفكير في الشعور الذي ينتاب الجسد من نشاط وارتياح بعد الحركة وتذكر انعكاساته الإيجابية على الصحة.

إقرأ أيضاً:  اضطراب الرهاب الاجتماعي.. هكذا تتخلصين منه
 

وتنبه الهاملي إلى أن «الأكل الحدسي لا يعني تناول الحلويات وغيرها من الأطعمة المصنفة بأنها غير صحية كل يوم، لكنه المقدرة على اختيار أصناف تستمتع بتناولها يومياً وفي كل وجبة.. اختيارات تحترم صحتك وذوقك وتشعرك بالسعادة والرضا بعد تناولها ويمكن استهلاك بعض الأطعمة غير المثالية، فنحن لا نصاب فجأة بنقص المغذيات، ولا يجب تصنيف أنفسنا بأننا غير صحيين بعد تناول وجبة سريعة واحدة من وقت إلى آخر، لنتذكر دائماً أن بوسعنا أن نكون صحيين، وأن نستمتع بجميع الوجبات الصحية المختارة».