الطعام وقود الجسد، وخير الطعام العسل والتمر. الخبز، أيضاً، طاقة، أما اللحوم والألبان والأجبان فبروتينات. لكن، ماذا عن فيتامين (د)، الذي يُشكل حكاية استثنائية من هواجس كثير من النساء، خاصة في كلِّ مرة يقفن فيها أمام المرآة، ويتمايلن يميناً وشمالاً؛ خوفاً من تقوّس في الظهر.. فهل فقر فيتامين (د) في الجسم سببه فقط طبيعة الطعام، أم الشمس، أم علّةٌ ما كامنة في الجسد لا تنفع معها شمس أو ألبان أو أجبان؟

ليس الأمر حكراً على النساء؛ فالرجال يُعانون، أيضاً، نقص فيتامين (د)، وكذلك الأطفال يعانون، وهناك رجل يعاني من كل خمس نساء يواجهن ذلك. لكن، يبدو أن المسألة باتت تتكرر على كل شفة ولسان، كما الببغاء، من دون أن تعرف كثيرات، ويعرف كثيرون، ماذا يعني بالفعل نقص فيتامين (د)؟ 

لعلكم تبتسمون في سركم، اعتقاداً منكم أنكم تعرفون كل شيء عن فيتامين (د). نصيحة طبية: لا تفعلوا ذلك، بل ثقوا بأنكم قد تعرفون بالفعل شيئاً لكن، بلا شك، لا بُدّ أن أشياء كثيرة تغيب عنكم. فماذا في التفاصيل؟ قلة تعرف أن أحد أسباب الاكتئاب نقص فيتامين (د). وأحد أسباب عدم خسارة الوزن قد يكون، ولو جزئياً، نقص فيتامين (د)، كما أنه قد يكون مسؤولاً، أيضاً، عن الوهن الذي قد يشعر به الإنسان وعدم النشاط، وما نسميه «كسلاً»، وعن تلك الكسور التي قد تصيب ليس فقط المسنين، بل من هم أصغر سناً أيضاً. فماذا في كل التفاصيل التي تهم النساء، ويفترض أن تهم أيضاً الرجال؟ 

ترقق العظام

أستاذ جراحة العظام، الدكتور غسان معلوف، يتطرق إلى ترقق العظام في كل مرة يتحدث فيها عن فيتامين (د)، ويعود ليزيد كلمة ثالثة: «الكالسيوم»، ويقول: «تحسين مستويات فيتامين (د) في الجسم مهم جداً، من أجل الوقاية من الكسور، وتجنب التعرض للسقوط». ويشرح: «يصيب ترقق العظام امرأة من كل ثلاث نساء، ورجلاً من كل ثمانية رجال، ويؤدي إلى خسارة الكتلة العظمية، وتلف الهيكل العظمي، بشكل تدريجي، فتصاب العظام بالضعف، وتصبح أكثر عرضة للكسور. وأحياناً، قد يتطور ذلك على مدى سنوات، دون أعراض، إلى أن يصاب المريض بكسر ما. لهذا، ننصح بمراقبة مستويات فيتامين (د) في الجسم، فهو بحاجة إليه لكي يمتص الكالسيوم، وهو المعدن الضروري لتجنب الإصابة بترقق العظام. الكالسيوم يكون موجوداً بنسبة 99% منه في العظام، أما نسبة الـ1% المتبقية منه فمهمتها دعم نشاطات مختلفة، مثل: تقلص العضلات، ونبض القلب. بكلامٍ آخر، فيتامين (د) هو الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم، وتدني الأول يستتبع - حتماً وحكماً - نقصاً في الثاني، وحينما ينخفض مستوى الكالسيوم في الدم؛ يبدأ الجسم في سحب الكالسيوم من العظام؛ فتصبح ضعيفة.

في التفاصيل الإضافية التي تهم النساء كثيراً، الأبحاث دلت على أن الإنسان عندما يجلس في الشمس، التي يستمد منها عادة مستويات من فيتامين (د)، لا يشعر بالجوع. وهذا دلّ على أن هذا النوع من الفيتامينات يساعد في تثبيط الشهية، وبالتالي إنقاص الوزن، كما من شأنه تنظيم الهرمونات في الجسم، ما يسمح له بالعمل بكفاءة أعلى، ويساعد في إزالة السموم منه، وخفض مستويات تخزين الدهون. وفيتامين (د) يلعب دوراً أيضاً في التحكم بمستويات «السيروتونين» في الجسم، ما يؤثر في المزاج، ويساعد على تنظيم النوم. ومن ينم بشكل جيّد ينجح في التحكم بمزاجه بشكل أفضل، ومن يتمتع بمزاج جيّد يسهل عليه تناول الطعام الصحي.

  • جينيفر أنيستون.

فيتامين الشمس

فيتامين (د) له القدرة على المساعدة في تنظيم الحالة المزاجية، وأداء الجسم. هنا، في هذا المجال، بات الطبيب يطلب من مريض يراجعه بسبب كآبة تجتاحه، وأرق يلازمه، أن يجري فحصاً مخبرياً لمستوى فيتامين (د) في جسمه. فنقص فيتامين (د) يؤدي إلى تقليل نشاط «السيروتونين»، وبالتالي الشعور بالحزن والكآبة بشكل مستمر. وهذا لا يعني، طبعاً، أن يتناول كل من يشعر ببعض القلق أو الكآبة أو الكسل مكمل فيتامين (د)؛ فهذا خطير جداً؛ لأنه قابل للذوبان في الدهون، وارتفاع مستوياته يمكن أن يتسبب في تسمم. لذا، مراجعة الطبيب تبقى دائماً وأبداً مطلوبة. 

إقرأ أىضاً:  الهرمونات.. وظائف متعددة وأنواع كثيرة لحماية الجسم
 

تعانون مشاكل في الجهاز الهضمي والكلى والسكر في الدم؟ 

أهمية فيتامين (د) كبيرة لصحة الجسم العامة لا للعظام وحدها، ووجوده مهم لسلامة الجهاز الهضمي والعظام والكلى، كما أنه يساعد على ضبط مستوى السكر في الدم، ويحمي من بعض أنواع السرطانات، مثل القولون، ومن أمراض الشرايين والسل، وطبعاً الاكتئاب. على كل حال، حالات نقص الفيتامينات لا تنشأ بين ليلة وضحاها، بل بشكل تدريجي، وبلا أعراض أولية، وتحدد هذه المرحلة علمياً بنقص في حدية الفيتامين، أي في الحد الأدنى المطلوب توافره في الجسم، ثم تبدأ لاحقاً الأعراض في البروز، وبينها: الإرهاق، وقلة التركيز، والانفعال السريع، والكسل، والأرق عند البعض، أو الاستغراق الطويل في النوم عند البعض الآخر.

لا تتوقف فوائد فيتامين (د) عند هذا الحدّ، فهو يساعد على امتصاص الكالسيوم والفوسفات من الأمعاء الدقيقة، ويحافظ على نسبتهما في الدم، ويسهم في ترسيب عناصر الكالسيوم والفوسفات في العظام؛ فتصبح أكثر قوة. ويسهم في إنضاج خلايا العظم، وفي تنشيط جهاز المناعة، وفي مقاومة نشاط الخلايا السرطانية. ولهذا الفيتامين علاقة وطيدة بسرطان الثدي، والقولون، والزهايمر، ففيتامين (د)، إذاً، يستحق اهتماماً وعناية أكبر. 

الشمس.. ثم الشمس.. ثم الشمس. «ابتسموا.. فأشعة الشمس مفيدة لأسنانكم»، هي مقولة عربية رائجة. أما في ما يخص فيتامين (د)، فهناك من تحلو لهم تسميته «فيتامين الشمس»؛ فالجلد بحاجة للشمس لتكوين فيتامين (د)، والجسم بحاجة إلى فيتامين (د)؛ ليمتص الكالسيوم. اخرجوا إذا إلى الشمس، اخرجوا إلى الهواء الطلق، مدة لا تقل عن 15 دقيقة، ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع. وهنا لا تنسوا أنه في موازاة فوائد الشمس، فإنها تضرّ إذا بالغتم في الجلوس تحت أشعتها. احذروا، دائماً، المبالغة إذا أردتم أن تعيشوا أصحاء. 

تناولوا التونة.. وانتبهوا من حبوب منع الحمل 

الشمس ضرورية لتكوين فيتامين (د)، لكنها ليست وحدها كافية لذلك، فحمل أوزان والقفز ورفع الأثقال والركض تفيد جداً في منع حدوث ترقق العظام. واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، أيضاً في غاية الأهمية. وهناك أطعمة متنوعة غنية بفيتامين (د)، بينها سمك السلمون الدهني، والتونة، والماكريل. الكرنب، أيضاً، والسبانخ وفول الصويا والفاصولياء البيضاء وصفار البيض والحليب المدعم بفيتامين (د)..

نقص فيتامين (د)، الشهير بين النساء، وشاغلهنّ غالباً، ليس مزاحاً أبداً، لأنه يؤدي إلى هشاشة العظام، وخطر الإصابة بالكسور، وإلى مشاكل في الجهاز العصبي. وأكثر من يعانون، أو قد يعانون، هم من لديهم سمنة وأصحاب البشرات الداكنة أيضاً. لذا، نصيحة إلى هؤلاء، أكثروا من تناول عصير البرتقال، فكوب منه يومياً يوفر لكم الكميات المطلوبة من فيتامين (د)، والكالسيوم.

ومثلما هناك أطعمة تؤثر إيجاباً، هناك أطعمة أخرى تؤثر سلباً في مستويات فيتامين (د) بالجسم. وهناك أدوية، أيضاً، لها تأثيرها السلبي في توازن الفيتامينات بالجسم، بسبب تدني قدرته على امتصاصها وتخزينها. فالمضادات الحيوية، مثلاً، قد تؤثر في نسبة فيتامين (ب)، و(ج). وأقراص منع الحمل تؤثر في فيتامين (ب6)، وحمض الفوليك. كما أن المهدئات تؤثر في (ب6) أيضاً. والمسكنات في فيتامين (ج)، وحمض الفوليك، أما مدرات البول، فتؤثر في حمض الفوليك. 

من جانب آخر، يبلغ امتصاص الكالسيوم الغذائي من الحليب 30%، في حين أنه لا يزيد من المكملات الغذائية على 10%؛ لذا اجعلوا تلك المكملات خياراً أخيراً. على كل حال، قد تتضاعف فائدة ما نأكل إذا انتبهنا إلى أمور يفترض أن تتحول بديهية في حياتنا، كأن نأكل النقولات النيئة، إذا كان لا بد منها، وأن ننتبه إلى شراء أنواع الحليب والأغذية التي تذكر على علبها كلمة «كارسيلوك»، التي من شأنها زيادة فاعلية الغذاء في تثبيت الكالسيوم بالعظام وامتصاصه.

إقرأ أيضاً:  لا تتناولي هذه الأطعمة.. صباحاً
 

5  أسئلة وأجوبة 

1. هل هناك أشخاص بحاجة إلى فيتامين (د) أكثر من سواهم؟

- دلّت دراسات على أن الأشخاص الذين لديهم الكثير من الدهون في الجسم يحتاجون إلى فيتامين (د) أكثر من الأشخاص النحفاء.

2. ما صحة الكلام عن تأثير فيتامين (د) في الشعر؟

- صحيح ذلك، فهذا الفيتامين يُحفّز بصيلات الشعر، وقد يؤدي نقصه في الجسم إلى تساقط الشعر. ونشير هنا إلى أن حالات أخرى قد تؤثر، أيضاً، في تساقط الشعر، بينها اضطرابات الغدة الدرقية، وفقر الدم، وأمراض المناعة الذاتية، ومتلازمة المبيض المتعدد والتكيسات والصدفية والتهاب الجلد الدهني. 

3. نقص مستوى فيتامين (د) يتسبب في الأرق ليلاً.. فهل هناك فيتامينات أخرى مسؤولة، أيضاً عن هذه الحالة؟ 

- لا شك في أن الفيتامينات، على أنواعها، من العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاج إليها الجسم، وبالتالي الأرق الذي يتسبب به عوز فيتامين (د)، ينسحب، أيضاً على الخلل في مستوى فيتامينات: (أ، وب5، وب6، وب12، وس، وك). 

4. ماذا لو تناول الإنسان جرعات كبيرة من فيتامين (د)، وأصيب بفرط مستوياته في جسمه؟ 

- تراكم هذا الفيتامين بنسب عالية قد يؤدي إلى التقيؤ والغثيان والتبول المتكرر، وقد تتطور تلك الأعراض إلى آلام في العظام، ومشاكل في الكلى، وتكوّن حصوات، وانخفاض القدرة على التركيز.

5. كيف يمكن رفع مستوى فيتامين (د) في الجسم بسرعة؟

يتم ذلك من خلال ثلاث طرق: الخروج من المنزل لتعريض البشرة للشمس، وتناول مكملات فيتامين (د)، وزيادة تناول الأطعمة التي تحتوي على هذا الفيتامين. 

  • غوينيث بالترو.

فيتامينات كاردشيان.. وتوعية عجرم

• «قلّ لي أي فيتامين تتناول؛ أقل لك من أنت».. تحت هذه المقولة نسمع عن أشخاص يتناولون الفيتامين على شكل مكملات غذائية. فماذا عن المشاهير والفيتامينات؟ كلوي كاردشيان تتناول 23 نوعاً من الفيتامينات يومياً، ولطالما عبّرت عن أهمية ما تفعله لجمالها وصحتها، خاصة لتحسين صحة شعرها. 

• تعتقد الممثلة الأميركية، جينيفر أنيستون، أنها - مع تخطيها سن الخمسين - باتت تثق أكثر بضرورة تناول الفيتامينات، وهي تحمل دائماً معها حقيبة تحتوي على أنواع مختلفة منها، آملة أن تساعدها في إبطاء آثار تقدمها في العمر، والمحافظة على صحتها وصحة عظامها. 

• غوينيث بالترو تُكثر، بدَوْرها، من تناول الفيتامينات، لاسيما فيتامين (د)، وزيت السمك، والبروبيوتيك. نذكر، هنا، أن بالترو مريضة بهشاشة العظام منذ أعوام طويلة. 

• الأميركي مونتيل ويليامز، وهو مضيف تلفزيوني، يتناول يومياً فيتامين (د)، والكلوروفيل، الذي يحصل عليه غالباً من خلال الخضراوات الورقية الخضراء اللون. 

عربياً.. نادراً ما يتحدث المشاهير عن نقاط الضعف لديهم، ويتجنبون الكلام خاصة عن مشاكل هشاشة العظام بسبب نقص مستوى فيتامين (د)؛ اعتقاداً منهم أن ذلك لا يصيب إلا من يتقدمون في العمر. والعمر يخيف ليس المشاهير وحدهم بل 99,999% من العالم. على كل حال، الفنانة المصرية مديحة يسري عانت هشاشة العظام، ونقصاً في مستوى فيتامين (د). 

من جهة أخرى، سبق وشاركت نانسي عجرم، قبل أعوام، في توعية النساء من مرض هشاشة العظام، الذي يصيب نحو 30% من نساء منطقتنا العربية. وقالت يومها: أهتم بنسبة الفيتامينات التي أتناولها، وأمارس الرياضة.