حققت دولة الإمارات في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، إنجازات مهمة، وبصمات واضحة؛ جعلتها في مصاف كبرى الدول المتقدمة إقليمياً وعالمياً. وكانت السنوات التي تولى فيها الحكم مليئة بالعمل الدؤوب، والمبادرات الناجحة، وشهدت إنجازات عدة في جميع المجالات؛ لتجوب الأرض، وتصل إلى الفضاء، وعززت مكانة الإمارات بين دول العالم. وتمكّن المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، من قيادة الإمارات إلى الصدارة عالمياً وعربياً، في قطاعات استراتيجية مهمة، تحاكي - في مضمونها - الحاضر والمستقبل، إكمالاً للمسيرة التي بدأها والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في التركيز على التنمية البشرية المُستدامة، ورفع اسم الدولة عالياً على مُختلف الصعد.

في ما يلي، أبرز محطات المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، والإنجازات التي أسهمت في تمكين المواطن الإماراتي، وازدهار دولة الإمارات وتألقها.. محلياً وعالمياً.

 

 

النشأة.. والبدايات

وُلد المغفور له، عام 1948، في قلعة المويجعي بالعين، وهو النجل الأكبر للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ووالدته هي الشيخة حصة بنت محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان.

تلقى الشيخ خليفة، رحمه الله، تعليمه المدرسي في مدينة العين بالمدرسة النهيانية، التي أنشأها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، والذي كان يحرص على اصطحاب نجله الأكبر معه في معظم نشاطاته، وزياراته اليومية.

لازم المغفور له الشيخ خليفة المجالس العامة، والتي تعد مدرسة مهمة لتعليم مهارات القيادة السياسية في ذلك الوقت، ما وفّر له فرصة واسعة للاحتكاك بهموم المواطنين، وجعله قريباً من تطلّعاتهم وآمالهم، كما أكسبته مهارات الإدارة والاتصال. كما كان لجلوس الشيخ خليفة بن زايد في مجالس جده من جهة أمه (الشيخ محمد بن خليفة)، الذي عرف وقتها بحكمته، إضافة مهمة إلى مهاراته القيادية.

الحكم.. والتمكين

عندما انتقل المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلى مدينة أبوظبي؛ ليصبح حاكم الإمارة في أغسطس 1966، عين نجله الشيخ خليفة، رحمه الله - الذي كان عمره 18 عاماً في ذلك الوقت - ممثلاً له في المنطقة الشرقية، ورئيس المحاكم فيها.

سار الشيخ خليفة على خطى والده، واستمر في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى بالمنطقة الشرقية، خاصة تلك التي تهدف إلى تحسين الزراعة، وكان نجاحه الملحوظ في العين بداية حياة مهنية طويلة في خدمة الشعب، وبداية تولي دوره القيادي بسهولة، ومهارة سجلتها إنجازاته الكبرى.

خلال السنوات التالية، شغل الشيخ خليفة عدداً من المناصب الرئيسية، وأصبح المسؤول التنفيذي الأول في إمارة أبوظبي، وتولى مهام الإشراف على تنفيذ جميع المشاريع الكبرى. ففي 1 فبراير 1969، تم ترشيح الشيخ خليفة وليَّ عهد لإمارة أبوظبي. وفي اليوم التالي، تولّى مهام دائرة الدفاع في الإمارة. وأنشأ دائرة الدفاع في أبوظبي، التي أصبحت - في ما بعد - النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات. وفي 1 يوليو عام 1971، وكجزء من إعادة هيكلة حكومة أبوظبي، تم تعيينه وزيراً محلياً للدفاع والمالية في الإمارة. وفي 23 ديسمبر 1973، تولى منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني. بعد ذلك - بوقت قصير - في 20 يناير 1974، تولّى مهام رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والذي حل محل الحكومة المحلية في الإمارة. وأشرف الشيخ خليفة على المجلس التنفيذي في تحقيق برامج التنمية الشاملة في الإمارة، بما في ذلك: بناء المساكن، ونظام إمدادات المياه والطرق، والبنية التحتية العامة، التي أدت إلى إبراز حداثة مدينة أبوظبي.

وبعد وفاة المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تمّ انتخاب الشيخ خليفة، رحمه الله، رئيساً للدولة في 3 نوفمبر 2004، وظل في هذا المنصب حتى 13 مايو 2022.

 

 

إنجازات خالدة

قال مسؤولون، التقتهم «زهرة الخليج»، إن دولة الإمارات نجحت في تجسيد استراتيجياتها وخططها المستقبلية، طوال الـ18 عاماً، التي تولى خلالها المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، مؤكدين أن المكانة التي وصلت إليها الإمارات، وما تنعم به من طمأنينة ورخاء، هي ثمرة مسيرة طويلة من الجهد والمثابرة والعمل الشاق الدؤوب، قادها فقيد الوطن الكبير بحكمة وحلم وصبر، وقدم فيها الكثير إلى بلاده وأمته؛ حتى صارت دولة الإمارات نموذجاً للتطور والحداثة في منطقتنا والعالم.. بجميع المجالات.

ففي مجال التعليم، يقول معالي زكي نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، إن التعليم - بشقّيه: العام والعالي - شهد؛ بفضل الرؤية الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، قفزات نوعية؛ إيماناً منه بضرورة تعليم أجيال الإمارات، وإكسابهم مهارات عصرهم؛ ليواصلوا مسيرة الدولة التنموية المشهودة، إذ تمّ إنشاء المدارس والمرافق التعليمية والجامعات والكليات، ومضت الدولة في تأسيس منظومة تعليمية ريادية ومتطورة، أسهمت في تخريج أجيال إماراتية متعلمة، أسهمت - في ما بعد - في تدعيم مسيرة الدولة بالمجالات كافة.

ويشير معاليه إلى أن مسيرة التنمية والتميّز، خلال تولي المغفور له، شهدت محطات عدة من الريادة والإنجاز، ارتبطت بتحقيق مؤشرات الأجندة الوطنية الـ52 لـ«رؤية الإمارات 2021»، حيث احتلّ التعليم رأس أولويات القيادة الرشيدة للدولة؛ لبناء أجيال المستقبل، الذين تعوّل عليهم الدولة لاستكمال مسيرة التنمية في إمارات ما بعد النفط، وفق خطط ممنهجة ومدروسة؛ فجاء قرار توحيد السياسات التعليمية في الدولة؛ ليذيب المعوقات كافة، ويسبح النظام التعليمي في الدولة في فلك واحد.. بجهود موحدة، ومسارات موجّهة.

ويضيف أن الدولة أنشأت، في فترة وجيزة، نظاماً تعليمياً عالياً ومتطوراً، تمنح - من خلاله - مؤسساتُ التعليم العالي مواطنيها شهادات عليا في شتى التخصصات العلمية، التي تتنوع بين الدبلوم والبكالوريوس، تكون قائمة على التميّز الأكاديمي، والابتكار وأساليب البحث العلمي، وفقاً لأرقى المعايير العالمية في مجالات الطاقة المتجددة، والفضاء، وتحلية المياه، وعلوم البيئة، والاستدامة، والعلوم الصحية، والتصميم، والهندسة، وغيرها؛ لتحتلّ الجامعات بالدولة مكانة مرموقة في قائمة أفضل جامعات العالم، وأن الإمارات باتت مركزاً إقليمياً وعالمياً للتعليم العالي، ووجهة تعليمية مُفضّلة للطلبة والأساتذة الأكاديميين؛ لما تضمه من جامعات متقدمة مصنفة عالمياً، بالإضافة إلى فروع أفضل الجامعات الدولية ذات السمعة الأكاديمية المرموقة.

ويختتم معالي زكي نسيبة، قائلاً: لقد حظي التعليم باهتمام كبير من الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، وسنواصل مسيرة الريادة التعليمية بجوانبها كافة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله؛ لتكون جامعاتنا بوتقة، يتمّ فيها صهر أبناء الوطن؛ ليلتحم الجميع في نسيج واحد، هدفه مواصلة بناء الوطن، والحرص على تعزيز مركز الإمارات الريادي المرموق في العالم.

 

 

منجزات إنسانية

أسهمت «مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية» مساهمة فعالة في المشاريع الإنسانية المختلفة، في أكثر من 40 بلداً حول العالم، وأوجدت نموذجاً تنموياً قوياً ومتميزاً، أصبح محط أنظار العالم.

يقول سعادة محمد حاجي الخوري، المدير العام للمؤسسة، إن دولة الإمارات أضحت - خلال قيادة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان - رائدة للعمل الإنساني، ومن أكبر الدول الداعمة والمساندة في مجال إغاثة المحتاجين والمنكوبين، والحالات الإنسانية الطارئة.. محلياً، وعالمياً.

ويضيف: منذ إنشاء مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، في يوليو 2007، حققت نقلة نوعية في العمل الخيري والإنساني والتنموي، حيث استجابت للنداءات الإنسانية في مختلف الدول، ومدت أياديها البيضاء بتقديم الدعم الإنساني، وتنفيذ المشروعات الإنسانية، على المستويين المحلي والخارجي.

ويؤكد الخوري أن المؤسسة تبنت التعليم المهني والتدريب الصناعي، كاستراتيجية أساسية في مبادراتها الخاصة في جانب التعليم، وذلك من أجل التصدي لمشكلة البطالة، ودعم المجتمعات المحرومة في مواجهة تحديات الفقر والبؤس بمناهج تعليمية مهنية، تمكن الطلبة من امتلاك القدرات والمهارات المطلوبة، كما احتلت قضايا رعاية الطفولة والأمومة، والغذاء الصحي والتصدي لسوء التغذية، والمياه الآمنة، ودعم البحوث العلمية المتعلقة بالأمراض الفتاكة، اهتمام مساعدات المؤسسة المرتبطة بالشق الصحي.

ويضيف: أن المغفور له أطلق العديد من المبادرات والقرارات، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للوطن والمواطن، وتحقق الأولويات العليا للدولة، وأهدافها التنموية المستدامة.

ويشير إلى أنه، وبالتزامن مع شهر رمضان، وبدءاً من عام 2010، بدأت المؤسسة تنفيذ مشروع إفطار صائم، بالتعاون مع عدد من الأسر المواطنة، التي أسندت إليها مهام إعداد وتجهيز الوجبات للصائمين، ما أسهم في تشغيل عدد من الأسر المواطنة، وإدرار دخل عليها.

وفي المجال الطبي، يقول الخوري: دعمت المؤسسة البحث العلمي، وعملت على تطويره، وبناء تعاون وشراكات مع أرقى المؤسسات العلمية في مجالات البحث العلمي، خاصة الطبية، وعقدت لقاءات مع عدد من المؤسسات الطبية العالمية المرموقة، وتوجت هذه اللقاءات والاجتماعات بمذكرات تفاهم، تسهل إيفاد الأطباء الإماراتيين لمواصلة الدراسة والتخصص في الخارج، وكان أول مخرجات هذه الجهود إطلاق بعثة للأطباء المتميزين.

وعلى المستوى الدولي، يوضح الخوري أن المؤسسة قامت بإطلاق حملات إغاثية واسعة، شملت توزيع آلاف السلال الغذائية على أهالي الأحياء السكنية، والقرى النائية، في مختلف أنحاء العالم، ووزعت الفرق الإغاثية التابعة للمؤسسة معونات غذائية على مئات الأسر؛ لتخفيف معاناتها لمواجهة الظروف الصعبة التي تعيشها، كما تم - وبتوجيهات من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه - افتتاح المؤسسة الكثير من المستشفيات والمساجد حول العالم.

أصحاب الهمم

تؤكد سعادة ناعمة المنصوري، عضو المجلس الوطني الاتحادي، أن دولة الإمارات، في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، جعلت أصحاب الهمم ركيزة أساسية في مسيرة التنمية المستدامة، وأولتهم جُل اهتمامها.

وتقول إن الإمارات، بمؤسساتها المختلفة، حرصت على تنفيذ رؤى وتوجيهات المغفور له بتوفير الفرص المتكافئة لأصحاب الهمم، وصون حقوقهم، من خلال سن التشريعات والقوانين، التي تضمن دمجهم وتمكينهم في المجتمع، وممارسة حياتهم الطبيعية.

وتضيف: أن المغفور له أولى أصحاب الهمم اهتماماً كبيراً، ودمجهم في مسيرة التنمية؛ ليواصلوا دورهم الوطني في بيئة عادلة تلبي الاحتياجات الفردية كافة، وتقدم الخدمات التي تعينهم على مواصلة حياتهم، وقد ظهر هذا جلياً في «كود الإمارات للبيئة المؤهلة»، الهادف إلى تحويل جميع مباني ومرافق الدولة إلى أماكن ومدن صديقة لمختلف فئات المجتمع، خاصة أصحاب الهمم.

وتشير سعادتها إلى أن الإمارات وفرت الفرص لأصحاب الهمم، بما يكفل حقوقهم في التعليم، والعلاج، والوظائف، في إطار الاستراتيجية الوطنية لأصحاب الهمم، إضافة إلى دعم الدولة مقاصد الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى استضافة الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية (أبوظبي 2019)، الذي جعل من أبوظبي مقصداً لجميع الرياضيين من أصحاب الهمم حول العالم.

 

 

 

صحة الإنسان

وعن الإنجازات، التي تحققت بالقطاع الصحي في عهد المغفور له، تقول الدكتورة فاطمة العطار، استشاري ومدير مكتب اللوائح الصحية الدولية رئيس الفريق التقني الاستشاري لمكافحة الجائحات بوزارة الصحة ووقاية المجتمع: أولت القيادة الرشيدة، بتوجيهات من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، صحة الإنسان اهتماماً كبيراً ودعماً غير محدود، وكان ذلك من خلال تطوير القطاع الصحي في دولة الإمارات، تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة، وتحسين الحياة بطريقة مستدامة للأجيال القادمة.

وتابعت، قائلة: تم ذلك من خلال وضع نظام تشريعي صحي متكامل، وتوفير خدمات صحية مبتكرة وعادلة للمواطن والمقيم، من الأعمار والجنسيات كافة، باتباع أعلى المعايير العالمية، وركزت الأجندة الوطنية - في عهد التمكين، بقيادة المغفور له الشيخ خليفة - على جودة وكفاءة الكادر الطبي، وتعزيز القدرات الوطنية، ورفع كفاءة الكادر الطبي، وترسيخ الجانب الوقائي، مثل: تخفيض معدل الأمراض المزمنة المتعلقة بنمط الحياة، مثل: السكري، وأمراض القلب، والسرطان، والصحة النفسية؛ للوصول إلى تحقيق أعلى مستوى لجودة الحياة.

 

 

وتشير إلى أن الأجندة الوطنية قد سعت إلى تقوية نظام الاستعداد والجاهزية؛ لمواجهة المخاطر الصحية؛ ما جعل دولة الإمارات، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية، من أفضل دول العالم في استراتيجية الاستجابة والتعامل مع جائحة «كوفيد - 19»، وأن النموذج الإماراتي نموذج يُحتذى عالمياً في التعامل مع الأزمات والطوارئ، وإيجاد توازن وضمان استمرارية الحياة والأعمال؛ لتقليل تداعيات الوباء على القطاعات الحيوية في الدولة، مثل: قطاع التعليم، والاقتصاد، والسياحة، وغيرها.

يقول الدكتور حمد جمعة بن صراي العامري، أستاذ التاريخ في جامعة الإمارات: «لا يسعنا إلا أن نقول: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون). الشيخ خليفة كان صاحب أخلاق رفيعة، وذا قلب كبير، اتسع للقاصي والداني، المواطن والمقيم، فلم يفرق أبداً في تعامله مع الناس، بحسب جنسهم أو لونهم أو عرقهم، وستظل ذكراه في قلوبنا ما حيينا، ولن ننسى كرمه، وتواضعه، وسماحة وجهه البشوش».

ويتابع، قائلاً: التقيت المغفور له الشيخ خليفة في جلسات عدة، ولمست - عن كثب - نبل أخلاقه، ورحمته في التعامل مع الجميع، فعندما كان يتحدث، رحمه الله، كانت ابتسامته العذبة تسبق حديثه، قابلناه في أكثر من لقاء، وشاهدنا تواضعه عن قرب، فعندما كنا نتكلم ينصت بلا ملل، مهما طال الحديث، والجميع يتكلمون في وجوده، كأنه أحد أفراد العائلة. لم يكن يُشعر - أبداً - من يتحدث معه، رحمه الله، بأي نوع من الرهبة؛ كونه رئيس الدولة، لكن سماحة وجهه كانت تزيل أي حواجز مهما كان الحديث بسيطاً، وكل من يقابله يشعر بالأنس ولذة الحديث؛ حتى إنه لا يرغب في التوقف عن الكلام.

 

 

 

 

إرث كريم

ويقول المواطن محمد بلاع العامري: كان الشيخ خليفة، رحمه الله، قائداً وأباً عظيماً، لديه اطلاع على أمور الحياة، وخبرة ومهارات في التعامل مع الناس، ورثها من والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فدخل القلوب من أوسع أبوابها، ففتحت له على مصاريعها، فقد كانت الإنسانية من أهم صفاته، وكان يحنو على الكل، ويُشعرهم بأنه أب وأخ، قبل أن يكون قائداً عظيماً، ورئيساً للدولة.

ويوضح العامري، قائلاً: كان، رحمه الله، يبذل قصارى جهده لإسعاد شعبه، ويستقبل الناس بود، ويسأل كل شخص يقابله عن اسمه، وأحواله، ومطالبه. 

ويضيف محمد العامري: في عام 2009، أمر الشيخ خليفة، رحمه الله، بسيارة هدية لمواطنين من كبار السن، احتراماً لهم، وتقديراً لما قدموه في حياتهم، ومن بينهم والدي، الذي قام ديوان الحاكم بالاتصال به؛ لتناول الغداء مع الشيخ خليفة، رحمه الله، في قصر الروضة، وتسلم السيارة، وذهبت مع والدي، وكنا نجلس مع الشيخ خليفة، رحمه الله، على مأدبة الطعام نفسها، نأكل معه، ونتجاذب أطراف الحديث، حيث يستمع إلى ما يشغل المواطن، واحتياجاته دون أي وسيط، ويعلمنا دروساً في الاستقرار بين الحاكم والمحكوم، الذي يكون سبباً في استقرار الدولة، وتمتع جميع من يقيمون على أرضها بالأمن والأمان.

ويتذكر العامري، قائلاً: عندما مرض الشيخ خليفة، رحمه الله، ذهب والدي لزيارته في قصر البطين، عام 2017؛ ليطمئن على صحته، واستقبله الشيخ خليفة بنفسه؛ فقد كان، رحمه الله، مثالاً حياً للإنسانية، باحثاً عن أي سبب ليكرم المواطن. وأتذكر عندما كنت أحد الفائزين في مهرجان سباق الهجن، أمر الشيخ خليفة بتكريم كل من شارك في السباق، فائزين وخاسرين؛ فأصبح الكل فائزاً بمجرد المشاركة في الحدث، وقام بإرسال مئونة من الطعام إلى ملاك العزب.. إنه الكريم، ابن الكريم، أخو الكريم.. طيب الله ثراه، ورحمه، وأدخله فسيح جناته؛ لما قدم إلى شعبه من خير، ومحبة، وعدل، ومساواة.

 

 

«عهد الولاء»

ويقول الفنان التشكيلي والخطاط، محمد مندي، مدير بيت الخط بالمجمع الثقافي في أبوظبي، متذكراً: عندما تولى الشيخ خليفة، رحمه الله، كانت هناك وثيقة تسمى «عهد الولاء» تكتب على قماش «كانفس»، وتلف بشكل أسطواني، ثم توضع في صندوق، ويبدأ الشيخ خليفة بالتوقيع عليها، ومن ثم تنقل إلى جميع الإمارات، وأي إنسان في الدولة يمكنه الكتابة عليها، لمبايعة رئيس الدولة، وصون العهد (فهي وثيقة عهد وولاء)، وتشرفت أنا بالتكليف بكتابتها، وعندما شاهدها، رحمه الله، سأل الموجودين، وكنت أحدهم: من كتب هذه الوثيقة؟ فأجابوه: محمد مندي، وعندها قام بتوجيه الشكر إليَّ، وأبدى إعجابه بها، ووقع عليها فوراً، وكانت هذه اللحظة من أجمل لحظات حياتي.

ويتابع: من حبي للشيخ خليفة، رحمه الله؛ قمت برسم لوحة له، مكثت في رسمها مدة 8 أشهر، تحمل صورته بخطوط اسمه، وقدمتها له عن طريق مدير مكتبه في ذلك الوقت، معالي أحمد جمعة الزعابي، وقد أثنى، رحمه الله، على اللوحة، وأبدى إعجابه الشديد بها، وقام بتكريمي بعد ذلك. فقد كان، رحمه الله، مثالاً للكرم، والإنسانية، والتواضع؛ لذلك ستظل ذكراه خالدة في قلوبنا.