إذا لم تفلح كل مستحضرات العناية بالبشرة الموجودة على الأرض في محو التجاعيد، والبثور المزعجة، والبقع الداكنة، والمسام الواسعة، والندوب المشوهة، فلماذا لا نصنع بشرة ثانية مثالية؟.. هكذا فكر العلماء في اليابان، إلى أن قاموا بتطوير تقنية الألياف الدقيقة «Fine Fiber Technology». فما هي، وكيف تم توظيفها للحصول على بشرة «المستقبل» في بضع ثوانٍ؟

في رحلة البحث عن البشرة المثالية، تتقدم اليابان المسيرة، بقدرة خارقة على دمج التقنيات الحديثة مع الإرث التجميلي الآسيوي العريق، ما أثمر مستحضرات ثورية يُشار إليها بالبنان. وفي مطلع الشهر الماضي، أعلنت شركة «Kao Corporation»، الرائدة في منتجات التجميل، عن نتائج دراسة جديدة، كانت قد أجرتها مؤخراً، حول إمكانية الجمع بين تقنية «الألياف الدقيقة» الخاصة بها، واستعمال مستحضرات التجميل. وأكدت النتائج المدهشة أنه عند توزيع المكياج أعلى البشرة الثانية التي تنسجها الألياف الدقيقة، يبدو الوجه مثالياً وطبيعياً وناعماً، وأن هذه الطبقة التي تعلو الجلد قادرة على الانسجام التام مع أية مستحضرات تجميل، يتم توزيعها أعلاها.

ناعمة كالحرير

البداية كانت عام 2018، حينما أعلنت شركة «كاو» عن تطوير تقنية خاصة بها، هي «الألياف الدقيقة». وبالتعاون مع شركة «باناسونيك»، استطاعت ابتكار جهاز إلكتروني، يتم حمله يدوياً لرش طبقة من الألياف في صورة سائلة رقيقة للغاية على البشرة، سرعان ما تتحول إلى غشاء رقيق غير مرئي، ويحمل كل معاني النعومة والصفاء، ويجعل البشرة ملساء كأحد أفخر وأخف أنواع الحرير الياباني، المعروف باسم «كويشيمارو» (Koishimaru). وقد دام هذا التعاون قرابة الـ10 سنوات، من أجل تصميم الجهاز بأصغر حجم ممكن.

 

ما تقنية «FF»؟

تسمح تقنية Fine Fiber» (FF)» بتعليق الخلايا الليفية الصغيرة في السوائل، والتي عند رشها على الجلد، يتم تنشيط الألياف لتكوين شبكة مجهرية مرنة تشبه الجلد. ويبلغ سمك الطبقة الرقيقة من الألياف أقل من جزء من الألف من الملليمتر. ولقد استلهمت شركة «كاو» اليابانية فكرة تقنية «الألياف الدقيقة» من طريقة الغزل الكهربائي المستخدمة في صناعة الأقمشة غير المنسوجة، حيث يتم الدفع بألياف فائقة الدقة، يبلغ قطرها أقل من ميكرومتر واحد (1/100 من قطر الشعرة الواحدة)، إلى سطح البشرة (بطول 200 ألف متر من الألياف الدقيقة)، ما يغلفها بطبقة رقيقة وناعمة للغاية تشبه جلداً ثانياً، يمكنك تركها على البشرة طوال الليل، وإزالتها في صباح اليوم التالي؛ لتكتشف بشرتك بعدها سراً جديداً من أسرار النعومة غير المتناهية.

مثل «الدفيئة»

يعمل هذا الغشاء كحاجز للرطوبة، فلا تفقدها البشرة، ولا تصاب بالجفاف، وإنما تظل الأنسجة رطبة، بينما يسمح لها بالتنفس لساعات عدة، فيما يشبه تأثير الدفيئة أو الصوبة الزجاجية. وبناء على هذه التقنية، قامت «كاو» بطرح مستحضرات تعتمد فكرتها على تلك التكنولوجيا في خطين من المستحضرات، هما: «Sensai Biomimesis Veil»، و«est Biomimesis Veil». ورغم ثمنهما الباهظين، فقد بلغ الإقبال عليهما أَشُدَّه، خاصة مع الميل نحو تفضيل العلاجات المنزلية في السنوات الأخيرة.

إقرأ أيضاً:  Penélope Cruz
 

لا للفلاتر

وبهذه التقنية الثورية، تكون الشركة اليابانية قد حققت حلم كل امرأة بالحصول على بشرة ناعمة ملساء، كأنها قد خضعت لفلاتر تجميلية. وفي الحقيقة، إن ملمس البشرة الطبيعية لا يبدو موحداً أو أملس تماماً، وإن توزيع كريم الأساس والبودرة عليه كفيل بإظهار العيوب الطبيعية في الملمس، بل وإلقاء الضوء عليها، وإبرازها بصورة مزعجة. والكثيرات - للأسف - يعتقدن أن المكياج يطمس التجاعيد، مع أنه في الواقع يبرزها أضعافاً مضاعفة. ومن هنا جاء عشق تطبيق الفلاتر على الصور والفيديوهات، بعد وضع المكياج. ويشير الخبراء إلى أنه للاستمتاع بالبشرة الشبيهة بملمس الحرير، لابد من جعل سطحها أملس، لكن محاولة تغطية أية عيوب بطبقة كثيفة من كريم الأساس لن تؤدي إلا إلى نتيجة اصطناعية، وغير طبيعية بالمرة. 

تقييم النعومة

إن توزيع غشاء الألياف الدقيقة قبل المكياج يمكن أن يقضي على هذه المشكلة، ويمنح البشرة مظهراً طبيعياً مثالياً. وقامت الشركة بابتكار برنامج مخصص؛ للوقوف على مدى الفرق الذي يُحدثه هذا الغشاء، في ما يتعلق بنعومة البشرة، أطلقت عليه «Kirei Skin AI»، حيث يعمل على تقييم الفرق في النعومة موضوعياً وكمياً، بالاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. وقد أظهر البرنامج أن البشرة أصبحت أكثر نعومة؛ عندما اكتست بغلاف الألياف الدقيقة، قبل توزيع المكياج عليها.

وتمت الاستعانة بثلاثين امرأة يابانية، ممن تراوح أعمارهن بين 30 و54 عاماً، لقياس مدى التحسن، على مدار أسبوعين. وخلصت النتائج إلى أن 90% منهن أكدن أن بشرتهن أصبحت ناعمة كالحرير، وأن المسام قد اختفت، ما جعلهن أكثر ثقة بأنفسهن.

إقرأ أيضاً:  عند تطبيق ظلال العيون.. تجنبي هذه الأخطاء
 

 ضحايا الحروق

ويتوقع العلماء أن يتم استعمال هذه التقنية في المستقبل بالمجالات الطبية، ولأغراض علاجية، لاسيما لدى ضحايا الحروق. وتوجد تقنيات مماثلة بالفعل الآن، بما في ذلك تلك التي تستخدم الخلايا أو البوليمرات، لكن تقنية «كاو» تركز على الألياف، فهي أكثر مرونة، ويصعب أن تتفتت حتى مع تحريك عضلات الوجه. وترى «كاو» أن المبيعات قد تصل إلى 100 مليار ين (ما يعادل 918 مليون دولار)، إذا تم توسيع نطاق تلك التكنولوجيا؛ لتشمل الأسواق الطبية. وفي الولايات المتحدة، تبيع شركة «Renova Care» مسدساً للبشرة «SkinGun»، يصدر رذاذاً لطيفاً من السائل الممزوج بالخلايا الجذعية البشرية؛ لمساعدة ضحايا الحروق على إصلاح الجلد التالف. بينما تقوم شركة «ReCell» بتسويق إسبراي «Spray-on Skin Kit» مماثل؛ للتعويض في حالات فقدان الجلد، ولتسريع عملية الشفاء من الآفات، والقروح المفتوحة، وحتى الشقوق الجراحية البسيطة.