يعتبر عسر المزاج Dysthymia أحد أشكال الاكتئاب الخفيف، لكنه طويل المدى، وعادة تستمر الأعراض لمدة عامين على الأقل، وغالباً تستمر لمدة أطول من ذلك، وقد يتعارض عسر المزاج مع القدرة على العمل والاستمتاع بالحياة، بحسب موقع healthline الطبي.
عند الإصابة بعسر المزاج، يفقد المصاب الاهتمام بالأنشطة اليومية العادية، ويشعر باليأس وتقل الإنتاجية ويقل تقدير الذات ويتملكه الشعور بالعجز، والخوف المبالغ من نقد الآخرين، فما أعراض عسر المزاج، وأسبابه، ومضاعفاته، وكيفية تشخيصه وعلاجه؟
أعراض عسر المزاج
كثيرة هي الأعراض التي تؤدي إلى تغيير في المخططات اليومية للمصابين، فالراشدون يفقدون الاهتمام بالأنشطة اليومية، إضافة إلى الشعور بالحزن، واليأس، والتعب وضعف الطاقة، وانخفاض تقدير الذات وانتقادها المستمر، وعدم القدرة على التركيز أو اتخاذ القرارات، والهياج والغضب المفرط، وقلة النشاط والإنتاجية، وتجنب الأنشطة الاجتماعية، والشعور المفرط بالذنب، وفقدان الشهية أو فرط الأكل، ومشكلات النوم.

 

 

أما لدى الأطفال، فقد يحدث عسر المزاج مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) أو الاضطرابات السلوكية أو التعلمية، أو اضطرابات القلق، أو إعاقات النمو، وتتضمن أمثلة الأعراض ما يلي: الهياج، مشكلات سلوكية، ضعف الأداء في الدراسة، التشاؤم، ضعف المهارات الاجتماعية، وانخفاض تقدير الذات.
ومضاعفات عسر المزاج: تردي نوعية الحياة، الاكتئاب، سوء استعمال العقاقير، صعوبات العلاقات والمشكلات العائلية، العزلة الاجتماعية، مشكلات في المدرسة والعمل، انخفاض الإنتاج، القلق، اضطرابات الأكل، والأفكار والسلوكيات الانتحارية.
ومن الطبيعي جدًا أن يشعر الإنسان بالحزن أو الغضب في بعض الأحيان، أو ألا يشعر بالسعادة إزاء المواقف المجهدة في حياته، لكن عند الإصابة بعسر المزاج، تستمر هذه المشاعر لسنوات، وتعيق تكوين العلاقات والعمل والأنشطة اليومية، ما يستوجب زيارة الطبيب.
ولايزال السبب الدقيق وراء الإصابة بعسر المزاج غير معروف، ويمكن أن تكون الأسباب شبيهة بأسباب الاكتئاب الرئيسي، ومن بينها: أسباب بيولوجية، أسباب كيميائية وتغيرات في النواقل العصبية الموجودة في المخ، الجينات: حيث تشيع الإصابة بعسر المزاج في العائلات، والبيئة: الأسباب البيئية هي مواقف حياتية يصعب على الفرد التكيف معها.
كما أن هنالك عوامل تزيد من مخاطر الإصابة بعسر المزاج، منها: أن يكون قريب من الدرجة الأولى مصاباً بعسر المزاج أو الاكتئاب الرئيسي، أو أحداث حياتية مليئة بالضغط النفسي، مثل: فقدان حبيب أو الوقوع في مشكلات مالية، أو السمات الشخصية مثل: السلبية، والاعتمادية المفرطة على الآخرين، وفقدان الثقة بالنفس، والتشاؤم والنقد المستمر للذات، أو وجود تاريخ مرضي لبعض الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل اضطرابات الشخصية.

 

 

ويتم تشخيص عسر المزاج عبر أدوات تشمل:
- الفحص الجسدي: لاستبعاد المشكلات البدنية التي قد تسبب أعراضاً تشبه أعراض عسر المزاج.
- الاختبارات المعملية: اختبار عدّ الدم الكامل، ومستويات الفولات وفيتامين (د)، واختبار الغدة الدرقية.
وهنالك، أيضاً، معايير تشخيص الإصابة بعسر المزاج، فيجب أن تجد المعايير المذكورة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM)، وتختلف المعايير لدى البالغين عنها عند الأطفال، فالمؤشر لدى البالغين هو استمرار الاكتئاب أغلب اليوم لمدة سنتين أو أكثر. والمؤشر لدى الأطفال استمرار الاكتئاب أو الهياج أغلب اليوم لمدة عام واحد على الأقل.
علاوة على ذلك، لا بد أن يعاني المصاب اثنين على الأقل من الأعراض التالية: فقدان الشهية أو فرط الأكل، مشكلات النوم، التعب أو ضعف الطاقة، انخفاض تقدير الذات، اليأس، ضعف التركيز، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، إضافة لتعطل الحياة، وعدم القدرة على ممارسة مهام الحياة، خصوصاً عند التعرض للضغوط.
العلاجان الرئيسيان لعسر المزاج، هما: الأدوية والعلاج النفسي، والجمع بينهما قد يكون أكثر فاعلية، ويعتمد تحديد طريقة العلاج على عوامل متعددة، منها ما يلي: حدة الأعراض، التفضيلات الشخصية، طرق العلاج السابقة، مدى القدرة على تحمل الأدوية، والمشكلات العاطفية الأخرى.
وتستخدم مضادات الاكتئاب لعلاج عسر المزاج، ومنها: مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)، مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنوريبينيفرين (SNRI)، ومضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات (TCA).
يبدأ الطبيب عادة بوصف مضادات الاكتئاب من مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، لأنها جيدة في علاج هذه الحالة كما يمكن تحمل آثارها الجانبية بشكل أفضل من غيرها.
إذا حدثت آثار جانبية مزعجة، فينصح بعدم التوقف عن تناول مضاد الاكتئاب؛ حيث يمكن أن تسبب أعراض الانسحاب ما لم تقلل الجرعة تدريجياً، وبالاتفاق مع الطبيب، حيث يتسبب التوقف عن تناول الدواء فجأة في تفاقم حالة الاكتئاب، وفي بعض الحالات، قد تزول الآثار الجانبية عندما يتكيف الجسم مع الأدوية.
يمكن للعلاج النفسي أن يساعد الشخص في تعلم المزيد عن حالته، ومشاعره، وحالته المزاجية، وأفكاره، وسلوكياته، كما يعلمك مهارات التكيف الصحية والتعامل مع الضغط النفسي.
وهنالك إجراءات أخرى تساعد على العلاج، أهمها: عدم التخلف عن حضور جلسات العلاج والاستمرار في تناول الأدوية حتى وإن شعرت بتحسن، والقراءة عن اضطراب عسر المزاج، وممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة، وتجنب تناول العقاقير غير المشروعة والكحول. واستخدام العلاجات التي تعمل على تحقيق الانسجام بين العقل والجسم، ومنها: العلاج بالإبر الصينية، ممارسة اليوغا أو تاي تشي، التأمل، التخيل الموجه، العلاج بالتدليك، أساليب الاسترخاء، العلاج بالموسيقى أو الفن، الممارسات الروحانية، محاولة تبسيط حياتك وتقليل الالتزامات، عدم الانعزال عن المحيطين بك، تعلم طرق الاسترخاء، والتعامل مع الضغوط.

إقرأ أيضاً: خفف الضغط النفسي بهذه الطرق السريعة