حينما نقول طارق العلي، يقف فن الكوميديا فنبتسم، يمر في الذاكرة شريط من المشاهدات، المسرح، السينما، الدراما، والبرامج التلفزيونية، فيحضر هذا الفنان بصوره المتعددة، ودائماً الضحكة مفتاح العبور إلى القلوب.

كانت انطلاقته التي أخذته إلى الشهرة في مسرحية «هالو بانكوك»، ثم توالت أعماله، والتي كان أحدثها مسلسل «حريم طارق»، العمل الذي تابعناه، مؤخراً، في ماراثون دراما رمضان 2022، والذي أعادنا إلى بعض الأعمال، لاسيما صورة الفنان الراحل نور الشريف في «الحاج متولي».. حول فن الكوميديا، وأدواره المتعددة، والكيمياء الخاصة بينه وبين الممثلات، كان لـ«زهرة فن» مع طارق العلي هذا الحوار:

 

 

* عملك الأخير «حريم طارق» يعيدنا إلى أعمال تناولت تعدد الزوجات، لاسيما «الحاج متولي».. لماذا تسلط الدراما التلفزيونية العربية الضوء على الزوج المتعدد الزيجات؟

ـ الدراما تُعنى بفتح أبوابها على الحياة، وتأخذ منها مقاطع وقصصاً، لتقدمها بفنية خاصة، ومن هذه الحكايات الزوج المتعدد الزيجات، وفي مقابله أربع نساء، وهذا موجود على أرض الواقع. وهنا، يأتي دور الكوميديا كفن يشابك الحكاية، ويقدمها بروح المتعة، لنرى تصرف الزوج (شخصية البطل)، وكيف يتعامل مع الوضع، إنها حالة تدعو إلى الضحك أحياناً، وهو ما نقدمه.

 

حالة كوميدية خفيفة

* على سبيل التجربة.. هل أنت متعدد الزيجات، وإلى أي درجة يسهم عمل الفنان في هذا التعدد؟

ـ لست متعدد الزيجات، لكن في العمل الذي قدمته «حريم طارق» ركزنا على غياب العدل بين الزوجات، وهذا يخالف الشرع، ورغبة الزوج بامرأة دون أخرى، والمرأة نفسها ودورها في استدراج الزوج إليها، والصراع بين الزوجات. كل هذا حاولنا صياغته بلغة بصرية وبروح كوميدية، وبرأيي إن الزوج متعدد الزيجات نادراً ما يعدل بين زوجاته، والأسباب كثيرة ومتعددة وراء ذلك.

* كيف تصف تجربتك في «حريم طارق»، وما رأيك بردود فعل الجمهور عليه؟ وهل هناك جزء ثانٍ منه؟

ـ أعتبرها تجربة ناجحة، وخاصة وممتعة، لاسيما وجودي بين فريق عمل متعاون، ووجوه متعددة، ومواهب جديدة تمنح العمل دماً جديداً، وروحاً وملامح، إذ تم اكتشاف مواهب جديدة، مثل: خالد الشمري، وعمر وأحمد. سعيد جداً بردود الجمهور; كوني قدمت حالة كوميدية خفيفة أسعدت المشاهدين، وبالنسبة لوجود جزء ثانٍ الفكرة قائمة، وقد طرح عليّ هذا المشروع، لكنني لم أتخذ القرار بعد; كوني مرتبطاً بعدد من الأعمال الأخرى.

 

 

 

* ماذا يعني لك فن التمثيل، وكيف يتبدل الأداء بين التلفزيون والمسرح؟

ـ التمثيل فن أداء عالٍ، محمول على الصوت والحركة، وقراءة العالم «الجواني» للشخصيات، فن يأخذنا إلى إبداع نص مكتوب، إلى تجسيد حياة مقنعة، وهذا لا نصل إليه إلا بإحساس وثقافة وقراءة لروح العمل. لاشك أن التمثيل يعني لي كل ما هو جميل، من أحاسيس داخلية ومشاعر أكتشفها أثناء أداء الأدوار التي أقدمها، فصورة الأب تختلف عن صورة العاشق، والعامل والصعلوك، والعبثي، فكل شخصية عالم. أما الفرق بين الأداء التلفزيوني والمسرحي وربما السينمائي، فالمسرح أبوالفنون، نظراً لما فيه من مواجهة أمام الجمهور، وبالطبع هناك اختلاف بين الأداء التلفزيوني والمسرحي من خلال الحركة والصوت والإيماءات، لكن بسبب التقنيات الحديثة، بات الممثل يقلل انفعالاته على سبيل المثال، ويترك للجسد مساحات الصمت، والحركة التعبيرية المحمولة على روح النص، ورغم هذا أرى أن الأداء المسرحي شبيه بالتلفزيوني، وشغفي هو المسرح، فالحياة هناك أجمل، والعوالم مختلفة، والجمهور جزء من العرض.

* ما رأيك في الأعمال الدرامية المشتركة؟

ـ في رأيي الأعمال الدرامية المشتركة تمنح قرباً اجتماعياً ومعرفياً، وتبادلاً خاصاً للثقافات، والخبرات والأفكار، وحتى اللهجات، وأنا أؤيد هذه النوعية من الأعمال بشدة.

* ما العمل الدرامي الذي شدك وأعجبك.. مؤخراً؟

ـ شاهدت حلقات من العمل الذي أثار ضجة «من شارع الهرم إلى»، وبالتأكيد أتمنى لفريق عمله التوفيق على الجهود المبذولة، لكنني لم أشاهد أعمالاً أخرى بسبب كثرة انشغالاتي.

* أين تجد نفسك ضمن كوكبة الممثلين الخليجيين، ولماذا اخترت الفن الأصعب (الكوميديا)؟

ـ الكوميديا فن الصعب، فن الإضحاك، وما أحوجنا إلى الضحك، والفرح، والسخرية. الكوميديا لا تركب إلا على شخصية حيوية، تمتلك القدرة على الإضحاك مهما كانت تعيش الحزن، والعزلة. أما كيف وأين أجد نفسي بين نجوم الخليج، فالجمهور هو من يقيّم الفنان ويضعه بين النجوم، لكنني أجد نفسي في مصاف الفنانين الأوائل، من خلال التجربة، والعمر الفني بين نجوم الخليج، ولقد اخترت الكوميديا; لأن الرسالة تصل أسرع من خلالها إلى المتلقي، وتخاطب العقل والفكر وليس العاطفة فقط.

 

 

 

* الكوميديا فن يزدهر وقت الأزمات.. كيف نجعل تراجيديا الحياة فن الضحك؟

ـ اليوم، الكوميديا لها دور مهم في رفع الروح المعنوية للإنسان خلال الأزمات، وهذا ما حدث خلال فترة «كورونا»، حيث قدمت عملاً بعنوان «يا ليلة ما تمت»، فالضحكة والابتسامة تخففان آلام الناس، وما أكثر الأزمات. من هنا، فإن الكوميديا تزدهر كنوع من الانتصار للحياة، والسخرية من الوضع والإخفاقات.

* اليوم باتت «السوشيال ميديا» منفتحة على كل الفنون، كيف تتعامل معها، وإلى أي درجة تشعر بأهميتها وخطرها؟

ـ «السوشيال ميديا» لابد منها في حياتنا، فقد عوضتنا عن الصحف والبحث عن الأخبار، وأيضاً على صعيد الإعلان، إنها مثل التلفزيون المصغر. وعلى طرف آخر، أعتبرها عالماً مليئاً بالمتناقضات والشوائب، وللأسف إنها تجد من يتابعها ويطبل لها. أيضاً، هناك أشخاص رائعون يطرحون مواضيع مهمة وجميلة، لكن الكفة السيئة تطغى ولها متابعوها. أشعر بخطر من «السوشيال ميديا» وتأثيرها على الناس.

 

 

 

 

سيرة ذاتية

* تاريخ طويل تختزنه أثمر الكثير من الأعمال.. هل فكرت يوماً في أن تسجل أو تكتب سيرتك الشخصية؟

ـ نعم فكرت، وأخطط وأبحث عن كاتب يكون له باع طويل في هذا المجال، لأن كتابة السيرة الذاتية تحتاج إلى الصبر والمتابعة والبحث.

* ما جديدك.. في الدراما والمسرح؟

ـ عرض عليَّ نصان تاريخيان للمنتج محمد سامي العنزي وخليل تميمي، وأيضاً عمل عربي تراثي، ومازلت أقرأ النصوص. وعلى صعيد المسرح، جديدي مسرحية «الطمباخية»، التي تعرض في الكويت حالياً، ومن المقرر عرضها في دبي الشهر القادم، خلال عيد الأضحى، وأيضاً ستكون هناك جولة خليجية.

* شاركت في لجنة التحكيم ببرنامج «أراب كاستينج».. ما رأيك في هذه النوعية من البرنامج؟

ـ برنامج جميل جداً، وحاز مكانة كبيرة، وقد صدّر مواهب مهمة، وكان مدروساً جداً. لكن، للأسف لم يكمل مشواره.