هناك دراسات تقول إن الأشخاص الذين يستعملون اليد اليمنى هم أكثر ذكاء، وهناك دراسات أخرى تقول إن الأعسر أذكى، ونتائج الدراسات في هذا الخصوص غامضة بشكل مدهش للغاية لدرجة تدفع إلى الحيرة، لكن الحيرة الحقيقية عندما نكون أمام شخص ليس أعسر اليد وحسب، بل هو منحرف كلياً إلى اليسار، إذ نراه أعسر اليد وأعسر العين وأعسر الأذن وأعسر المشي. إذا كان ابنكم (أو ابنتكم) يفضل استعمال اليد اليسرى فاتركوه على سجيته.
يشير موقع healthline الصحي إلى أن العديد من المفكرين والفنانين والعظماء كانوا يستخدمون اليد اليسرى أكثر من اليد اليمنى، أو ما يمكن أن يطلق عليهم وصف أعسر، ومن هؤلاء نذكر على سبيل المثال: الفيلسوف أرسطو، عملاق الموسيقى الكلاسيكية موزارت، النحات المعماري ليوناردو دافنشي، طبيبة العلاج بالأشعة ماري كوري، الزعيم الهندي غاندي، الإسكندر الأكبر، نابليون بونابرت، آينشتاين، بيل غيتس، رونالد ريغان، بيل كلينتون، جورج بوش، باراك أوباما، ليونيل ميسي، أوبرا وينفري، توم كروز، بول مكارتني، الأمير تشارلز، والأمير وليام.

 

 

والقاسم المشترك الذي يجمع هؤلاء أنهم كلهم عُسْرٌ، والشخص الأعسر هو الذي يستخدم يده اليسرى في كل ما يقوم به، كتناول الطعام والكتابة وممارسة الأنشطة الرياضية والطهي والعناية الشخصية وما شابه ذلك.
يشكل الأشخاص العسر نسبة 10% من سكان الكرة الأرضية، ومازال قسم كبير منهم يعيش حياة أقل ما يمكن أن توصف بأنها قاسية نظراً للمعاناة التي مازالت تحل بهم في بعض المجتمعات التي لا تتقبل فكرة وجود شخص يكتب بيده اليسرى. وفي ألمانيا مازالت إحدى مفردات كلمة أعسر، تشير إلى الشخص الذي ارتكب فعلاً مستهجناً، وإلى الآن لم يستطع الباحثون فهم سبب تحول 10% من سكان العالم إلى عُسر.
لعقود خلت، كثرت التساؤلات حول الخصائص التي تميز الأعسر. فمنذ أمد والجدل قائم حول من يستعمل يده اليسرى، ففي العصور القديمة كان يعامل الأعسر كشخص منبوذ. وفي العصور الوسطى كان العسر يخافون من اتهامهم بالسحر والشر والشذوذ، وكان يعتقد أن الشيطان أعسر.
وفي أوائل القرن العشرين، كان المعلمون في الولايات المتحدة الأميركية يعاقبون العسر من الطلبة، ويجبرونهم على إعادة تدريب ميولهم من أجل أن يصبحوا أيامن لاعتقادهم أنهم سيفشلون في الدراسة إذا ثابروا على الكتابة باليد اليسرى.
وحتى الأبحاث الحديثة لم تبخل في الربط بين سيطرة اليد اليسرى، وزيادة مخاطر التعرض لبعض الأمراض، مثل: الفصام، وصعوبة القراءة، وسرطان الثدي، والموت المبكر، من دون أن يعني ذلك وجود علاقة سببية. كما أظهرت بحوث حديثة أن الأشخاص العسر قد يكونون أقل عرضة للإصابة بالقرحة والتهاب المفاصل، وأنهم يتعافون بسرعة أكبر من السكتات الدماغية.
ولعل الجدل الأكثر تداولاً بين أهل العلم وغيرهم، هو القول بأن الأعسر أذكى ويتمتع بمهارات لفظية، وأنه أقدر على الابتكار والإبداع من أقرانه مستعملي اليد اليمنى.

 

 

ووجدت دراسة شملت 150 شخصاً، ونشرت نتائجها عام 2007 في مجلة الأكاديمية الهندية للعلم التطبيقي، أن المشاركين الذين استخدموا اليد اليسرى كانوا أكثر قدرة على إجراء اختبار الذكاء من أقرانهم الذين استعملوا اليد اليمنى، وقد احتاج أصحاب اليد اليمنى وقتاً أطول لإكمال الاختبار.
وفي دراسة تناولت فحص بيانات ما يقارب 40000 شخص، اكتشف العلماء أن شقي الدماغ الأيمن والأيسر، مرتبطان بشكل أفضل وأكثر تنسيقاً في المناطق التي تنطوي على اللغة لدى الأفراد العسر.
نوهت دراسة في علم الأعصاب ومراجعات السلوك الحيوي Neuroscience biobehavioral reviews أجراها باحثان من جامعة أثينا اليونانية، إذ ألقيا نظرة فاحصة على 18 دراسة أخرى تقيس درجات معدل الذكاء عند أكثر من 20000 شخص، فكانت النتيجة أن وجد العلماء أنه لا فروقات تذكر في متوسط درجات معدل الذكاء بين أصحاب اليد اليمنى وغير المستخدمين لها، أو بين أصحاب اليد اليمنى ومستعملي الأيدي المختلطة، أما عند المقارنة بين مستخدمي اليد اليمنى واليد اليسرى فكان هناك تأثير ذو دلالة إحصائية، إذ لوحظ أن معدل الذكاء كان أعلى قليلاً لدى أصحاب اليد اليمنى، مقارنة بأصحاب اليد اليسرى، غير أن الفروقات بين الفريقين كانت ضئيلة بشكل عام وليس لها تأثير جوهري في الحياة الواقعية.
في عام 2015، جمع باحثون هولنديون نتائج أكثر من 30 دراسة سابقة شملت أكثر من نصف مليون شخص، فلم يجدوا أي صلة بين استخدام اليد والقدرة اللفظية، فقط وجدوا ميزة صغيرة لأصحاب اليد اليمنى تتعلق بالقدرة المكانية.
ووجدت دراسة حديثة أخرى تستند إلى بيانات لعشرات الآلاف من الأشخاص أن استخدام اليد اليسرى كان أكثر شيوعاً ً بين الذين يعانون من انخفاض شديد في معدل الذكاء مقارنة بالأشخاص الذين لديهم معدل ذكاء عادي.
وأجرى فريق من علماء النفس من جامعة ليفربول البريطانية وميلان الإيطالية، دراسة شارك فيها ألفان وثلاثمائة طالب في المرحلة الابتدائية والثانوية، تم تكليفهم بحل مشاكل رياضية متفاوتة في التعقيد، ثم طلب منهم تحديد اليد التي استعملوها في أداء المهمات.

 

 

وبعد إلقاء نظرة فاحصة على نتائج الاستبيانات التي أجاب عليها الطلاب، كشف القائمون على الدراسة أن أولئك الذين استعانوا باليد اليسرى يتفوقون في حل المسائل الرياضية المعقدة، مقارنة بنظرائهم الذين استخدموا اليد اليمنى، ومع ذلك، لم يجد الباحثون أي اختلافات بينهم في أداء المهام الأقل صعوبة وتطلباً.
أيضاً، وجد العلماء تحسناً في الاتصال بين نصفي الدماغ الأيمن والأيسر لدى العسر، وقد تبين امتلاك أصحاب اليد اليسرى جسماً ثفنياً أكبر حجماً، مقارنة بنظرائهم أصحاب اليد اليمنى، ومن باب العلم إن الجسم الثفني هو عبارة عن حزمة من الألياف العصبية التي تربط نصفي المخ، ويعتقد العلماء أن هذه الميزة هي التي تمنح العسر قدرة أكبر على معالجة المعلومات.
في المقابل، يقول البعض إن الفكرة التي تدعي أن الذين يستخدمون اليد اليسرى هم أكثر ذكاء من أقرانهم الذين يستعملون اليد اليمنى هي مجرد خرافة، ففي دراسة تحليلية قام بها باحثون هولنديون شملت نتائج أكثر من 30 دراسة سابقة طالت أكثر من نصف مليون شخص لم يجد الباحثون صلة بين استخدام اليد والقدرة اللفظية.

إقرأ أيضاً: أغلى أنواع التوابل في العالم