عندما يصل الطعام إلى جوف المعدة، يمكث فيها فترة من الوقت ريثما يتم طحنه وعجنه، ومن ثم تقوم عضلات المعدة القوية بدفعه إلى الأمعاء الدقيقة، لكن لسبب من الأسباب تتباطأ حركة المعدة أو قد لا تعمل إطلاقاً، الأمر الذي يحول دون إفراغ المعدة من محتوياتها بشكل صحيح، ويطلق على هذه الحالة اسم كسل المعدة "GASTROPARESIS".
ليس واضحاً دوماً ما الذي يؤدي إلى كسل المعدة، لكن يعتقد أنه ناجم عن اعتلال في العصب الحائر، الذي يتحكم في عضلات المعدة بحسب موقع medicalnewstoday الصحي، فهذا العصب يشرف على إدارة العمليات المعقدة في الجهاز الهضمي، ومن بينها: إرسال إشارة إلى عضلات المعدة كي تتقلص من أجل دفع الأكل صوب الاثني عشر (الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة)، حيث إن العصب التالف لا يستطيع إرسال إشارات إلى عضلات المعدة بشكل عادي، ما يتسبب في بقاء الطعام بالمعدة لفترة أطول بدل انتقاله بشكل طبيعي إلى الأمعاء الدقيقة من أجل استكمال هضمه.
الأسباب المعروفة لكسل المعدة، تشمل: ضعف السيطرة على داء السكري بنوعيه الأول والثاني، ومضاعفات بعض أنواع الجراحة، مثل: جراحة السمنة، وجراحة قص المعدة.
أما الأسباب المحتملة، فهي: الأدوية مثل: المخدرات، وبعض مضادات الاكتئاب، والشلل الرعاش، وهو مرض يتعرض فيه جزء من الدماغ للتلف التدريجي على مدى سنوات. كما أن مرض تصلب الجلد، وهو مرض غير شائع، يؤدي إلى نشوء مناطق صلبة في الجلد، وأحياناً إلى ظهور مشاكل في الأعضاء الداخلية، والداء النشواتي، وهو مجموعة من الأمراض الخطيرة، التي تسببها رواسب بروتينية شاذة في الأنسجة والأعضاء المختلفة في الجسم.
ولا يعطي كسل المعدة أعراضاً أو علامات واضحة لدى الكثيرين من المرضى، وإذا وجدت فهي تضم: الشبع المبكر، الغثيان، قيء الطعام غير المهضوم، فقدان الشهية، الحرقة المعدية، النفخة البطنية، ألم في البطن أو الشعور بعدم الراحة، وفقدان الوزن، إضافة إلى ضعف السيطرة على مستوى السكر في الدم.
وقد ينتهي كسل المعدة بحزمة من المضاعفات، هي: يمكن أن تتخمر الأطعمة الراسية في المعدة لفترة طويلة، ما يشجع على نمو البكتيريا. كما يمكن أن يتحد الطعام مشكلاً كتلة قاسية تؤدي إلى انسداد الأمعاء، والجفاف، فضلاً عن سوء التغذية، وعدم استقرار مستوى السكر في الدم.

 

 

 

ويشخص كسل المعدة بناء على الأعراض والتاريخ الطبي، وقد يطلب الطبيب فحصاً للدم، وربما فحوصاً أخرى تجرى في المستشفى، مثل:

- فحص أشعة الباريوم:
يتم فيه ابتلاع سائل يحتوي على مادة الباريوم الكيميائية، التي يمكن رؤيتها بواسطة الأشعة السينية، أثناء تقدمها في أنبوب الهضم.

- فحص إفراغ المعدة:
يتم فيه إطعام المريض شيئاً، غالباً يكون البيض الذي يحتوي على مادة مشعة يمكن رؤيتها خلال الفحص، فإذا بقي أكثر من 10% من الطعام في المعدة بعد مضي 4 ساعات، فوقتها يشخص وجود كسل المعدة.

- اختبار الكبسولة اللاسلكية:
يتم فيه ابتلاع جهاز إلكتروني صغير، يرسل معلومات عن سرعة تحركه في مجرى الهضم إلى جهاز تسجيل.

- الفحص بالمنظار:
يتم فيه تمرير أنبوب مرن رفيع عبر الفم إلى المعدة لرؤية بطانة المعدة عن كثب، واستبعاد الإصابة بأسباب أخرى محتملة.

وكسل المعدة مشكلة مزمنة لا بد من التعايش معها، والتقيد بتعليمات مسؤولي الرعاية الصحية بشأنها للتخفيف من وطأة الأعراض الملازمة لها، وبشكل عام يمكن القول إن خطوط العلاج تشمل:
- التعليمات الغذائية، وهي تستدعي التقيد ببعض النصائح المفيدة:
1. الحد من تناول الأطعمة التي يتطلب هضمها وقتاً أطول، وجهداً أكبر من جانب المعدة كي تتعامل معها.
2. الحد من الأغذية الدهنية، كونها تحتاج إلى الكثير من الوقت لهضمها وإفراغها من المعدة.
3. تناول 5 أو 6 وجبات صغيرة على مدار اليوم بدل ثلاث وجبات، فهذا يعني إدخال كميات قليلة من الطعام يسهل هضمها من قبل المعدة.
4. تناول الأطعمة السائلة اللينة أو الأطعمة سهلة الإفراغ، لأنها تمر من المعدة بسهولة.
5. مضغ الطعام جيداً.
6. شرب الكثير من السوائل غير الغازية مع كل وجبة.

- الأدوية:
قد يصف الطبيب بعض العقاقير، التي تحرك الطعام في المعدة، أو التي تمنع الشعور ببعض أعراض المرض.

- التحفيز الكهربائي:
عندما تصبح أعراض كسل المعدة مستعصية على العلاج بالتدابير الغذائية والدوائية، فإنه يمكن أن يطبق علاج جديد نسبياً، هو زرع جهاز كهربائي تحت جلدة البطن، لتحفيز الجهاز الهضمي عن طريق إرسال نبضات كهربائية، تحث العضلات المشاركة في السيطرة على عبور الطعام من خلال المعدة، ويتم تشغيل الجهاز من خلال جهاز تحكم خارجي محمول.

- حقن البوتوكس:
قد يتم علاج الحالات الأكثر خطورة من كسل المعدة بحقن توكسين البوتولينيوم مباشرة في العضلة العاصرة، التي تقع بين المعدة والأمعاء الدقيقة، ويعمل التوكسين على إرخاء هذه العضلة العاصرة، وإبقائها مفتوحة لفترة أطول من الوقت حتى يمر الطعام، وليس هناك إجماع من قبل الأطباء حول استعمال هذه الطريقة؛ إذ وجدت بعض الدراسات أنها قد لا تكون فعالة بما فيه الكفاية.

- أنبوب التغذية:
ويوصى به لمن يعاني من اعتلال شديد في المعدة، وهناك أنابيب تغذية مؤقتة ودائمة، الهدف منها إيصال المواد الغذائية مباشرة إلى الأمعاء الدقيقة، دون أن تمر بالمعدة.

- الجراحة:
عندما تفشل الحلول السابقة في السيطرة على أعراض كسل المعدة، تبقى الجراحة هي الحل الأخير، وهناك عدة أنواع من العمليات الجراحية، التي يمكن أن يقترحها الطبيب المعالج:
1. النوع الأول هو إدخال أنبوب إلى جوف المعدة، من خلال جدار البطن، ويمكن فتح هذا الأنبوب بشكل دوري، للتخلص من الغازات، وتخفيف النفخة البطنية.
2. أما النوع الثاني، فيقوم على إنشاء فتحة جديدة بين المعدة والأمعاء.
3. يبقى النوع الثالث هو وصل المعدة مباشرة بالجزء الثاني من الأمعاء الدقيقة الذي يعرف بالصائم، ويهدف الحلان الأخيران إلى تحريك الطعام بسهولة أكبر.