لا يأتي الناس إلى "جزيرة لاندوين" في ويلز، بهدف استكشاف طبيعتها الساحرة، ولا حتى لمشاهدة تلك الطيور، التي تعشش في الجروف الصخرية، لكنها تأتي لسبب آخر هو "الحب".

تقع "لاندوين" بمحاذاة ساحل جزيرة أنغليسي، وتطل على خليج كارنارفون، ومتنزه سنودونيا الوطني في البر الرئيسي لويلز، وهي غير مأهولة بالسكان، ويتم الذهاب إليها من خلال طريق رملي يقطعه قاصدوها قدوماً من جزيرة أنغليسي، وهو ذات الطريق الذي كان يقطعه الكهنة طيلة الفترة الواقعة، ما بين سنة 100 قبل الميلاد و60 ميلادياً.

وترتبط قصة هذه الجزيرة حسبما نشر تقرير لشبكة BBC بقصة قديسة تدعى "دوينوين"، وتعرف بويلز بأنها قديسة العشاق التي لاقت مصيراً بائساً، والتي لايزال سكان ويلز يحيون ذكراها سنوياً.

وتقول الأسطورة، التي يتناقلها السكان إن هذه الجزيرة الخالية من الأشجار، والتي كانت منسية لآلاف السنين، استقرت فيها الأميرة دوينوين، ابنة أحد الملوك الأيرلنديين في القرن الخامس، وساعدت في لم شمل آلاف العشاق.

وتحمل أسطورة دوينوين، كذلك، الكثير من أوجه الشبه مع أحداث مسرحية "روميو وجولييت"، وتقول بعض الروايات إن الأميرة دوينوين تقدم لخطبتها ميلون دافودريل، الذي لم يكن شريك الحياة المناسب لها، ورفضت الأميرة كل محاولاته للاقتراب منها قبل الزواج.

  فيما تنقل روايات أخرى أن الأميرة دوينوين حزنت حزناً شديداً، بعد أن رفض أبوها ميلون دافودريل، الذي كانت تحبه، وكان أبوها يرتب لتزويجها بأمير آخر.

  وتتفق جميع الروايات، التي تنقل هذه الأسطورة بأن دوينوين خاب أملها وانفطر قلبها حزنا وأسى، فجاءها ملاك ليواسيها في أحد أحلامها، ومنحها عدة أمنيات، وتمنت دونوين أن يلبي الله أماني جميع العشاق الحقيقيين في كل مكان، وأن تظل عازبة إلى الأبد.

  وتكمل الأسطورة أن دوينوين قررت الفرار من مملكة أبيها بريكينيوغ، إلى لاندوين، وكرست حياتها للعبادة، وأصبحت راهبة.

  ولم يتم تناقل رواية تنهي أحداث قصة دوينوين، التي يؤكد السكان أنها لو اكتملت لكان دوينوين ودافودريل قد نالا شهرة أوديسيوس وبينيلوبي أو لانسلوت وغوينفير، التي لاتزال تلهب مخيلة كتاب القصص الرومانسية إلى الآن.

وتتبع جزيرة لاندوين لجزيرة أنغليسي الشهيرة، التي تضم بين ثناياها أول ممشى في العالم يمتد على طول ساحل ويلز بمساحة 1,400 كيلومتر.

ويعتقد سكان أنغليسي أن جميع القادمين لزيارة لاندوين، يأتون بحثاً عن الحب، ولن يصدقوا أنهم جاؤوا بدافع الفضول أو الاستكشاف، ولا حتى زيارة الكنيسة التاريخية الواقعة فيها.

إقرأ أيضاً:  «صيف أبوظبي الرياضي».. فعاليات وأنشطة ممتعة في 1 يوليو
 

  وقد باتت الجزيرة فعلاً مقصداً لآلاف الناس، الذين يأتون إليها على أمل العثور على شريك الحياة المناسب، لاسيما في يوم 25 يناير، الذي اتخذته ويلز يوماً بديلاً للحب، لأن الأسطورة تقول إن هذه الجزيرة تلم شمل العشاق، وقد اعتاد العشاق في هذا اليوم زيارة جزيرة لاندوين، لإعلان خطبتهم، أو لتجديد عهودهم.

وتوفر تضاريس لاندوين، التي تضربها الرياح من جميع النواحي، مكاناً مناسباً لسرد الأساطير، إذ تبدو الجزيرة، التي تمتد على مساحة 74 فداناً، كأنها مأخوذة من القصص الخيالية في ويلز، فتغطيها نباتات الحزازيات الذهبية النادرة، والحشائش الكبدية والتوت البري.

  كما أن الجزيرة تضم القليل من آثار القديسة دوينوين، منها النصب التذكاري المغطى بالعشب الأخضر، والصليب الكبير المنتصب على ربوة صغيرة في الطرف الشمالي الغربي من الجزيرة، الذي نحتت عليه عبارة: "في ذكرى القديسة دونوين 25 يناير عام 465".

  وطالما ساد الصمت المطبق هذه الجزيرة، ولم يكن يقطعه سوى صوت الأمواج العالية، وعلى ارتفاع منخفض توجد أطلال كنيسة القديسة دوينوين، المبنية في القرن السادس عشر على أنقاض الكنيسة، التي أقامتها بنفسها، وأطلال بئر دوينوين.

وتقول الأسطورة إنها كانت تتكهن بمدى إخلاص العاشق بالنظر إلى حركة ثعابين الماء في البئر.