في عرض مدهش وغريب تحت الماء، يسرد متحف موسان - الفريد من نوعه - قبالة سواحل «أيا نابا» في قبرص، قصة العديد من الرموز حول عزل البشر عن البيئة، والعلاقة بين الأجيال المختلفة وتغير المناخ، وذلك من خلال أعمال فنية مبدعة تناقش بشكل أساسي القضايا الاجتماعية، لكن في شكل شعاب مرجانية حية تتنفس. إذا كنت متجهاً إلى البحر الأبيض المتوسط هذا الصيف؛ فتأكد من إحضار معدات الغوص؛ حيث لا يمكن الاستمتاع بالمشاهدة إلا إذا كنت ترتدي أنبوب التنفس.

 

 

يقع المتحف في منطقة محمية بحرية في «بيرنيرا»، على بعد 200 متر من الساحل الجنوبي الشرقي لقبرص، وتم اختيار هذا الموقع - على وجه التحديد - من أجل التأكيد على وضعه المحمي. وتم تركيب الأعمال على طول الطريق حتى حوالي 10 أمتار، وموزعة على أكثر من 167 متراً من الرمال، وتم وصفه بأنه أول متحف تحت الماء في البحر الأبيض المتوسط، وهو من بنات أفكار النحات وعالم البيئة والمصور جيسون دي كايرس تايلور، المعروف بمعارضه الشبيهة تحت سطح البحر حول العالم، مثل: متحف «أتلانتيكو»، أول حديقة منحوتات تحت الماء في أوروبا، بالإضافة إلى متحف «سوباكواتيكو دي آرتي» المكسيكي في كانكون، الذي تم إطلاقه عام 2009، وقد قام ببنائه خصيصاً؛ لمساعدة التنوع البيولوجي على الازدهار في المنطقة. ويسعى - من خلال معارضه - إلى إنشاء موطن للحياة في المحيط، أثناء دراسة تأثير الإنسان في العالم الطبيعي.

 

 

أشجار هجينة

تبلغ أعمال متحف موسان الفنية 93 قطعة، وهي مصنوعة من مزيج من الفولاذ المقاوم للصدأ البحري العالي الجودة، وخرسانة متعادلة الأس الهيدروجيني، ويعد المتحف أول غابة تحت الماء في العالم تدعو الحياة البحرية إلى بدء النمو عليها تماماً مثل الشعاب المرجانية الاصطناعية. إذ لا توفر تجربة غوص ممتعة ورائعة للسياح فحسب، بل إنها أيضاً بمثابة موطن آمن وداعم للكائنات البحرية، وتم وضع القطع على عمق 8-10 أمتار، وعلى طبقة أساسية صلبة بما يكفي للسماح للشعاب المرجانية بالتشكل بشكل طبيعي، وتزن ما مجموعه 250 طناً. وتتميز المنحوتات بسطح محكم يسمح للشعاب المرجانية والإسفنج والكائنات الدقيقة الأخرى بالالتصاق والنمو. وهذا بدوره يخلق منازل ومصادر غذائية للحياة البحرية الأخرى.

 

 

الهدف في متحف موسان، مثل المواقع الأخرى، هو أن تتطور المنحوتات بمرور الوقت؛ ما يجعل البدائل الاصطناعية جزءاً مهماً من الحفاظ على الكائنات تحت الماء، كما تعني المياه الصافية في المنطقة أنها مناسبة للغواصين والسباحين على حد سواء، لزيارة المعرض المغمور فيها بالكامل، ويعد المتحف تجربة بصرية وبيئية حية، مع أعمال فنية تتفاعل مع الطبيعة، وتتطور بمرور الوقت.

ومن أجل تجربة سريالية للمشي عبر غابة كثيفة تحت الماء، تم إنزال أشجار هجينة تزن 13 طناً في البحر، ووضعت هذه التركيبات على أعماق مختلفة من قاع البحر إلى سطحه، بحيث تطفو بعض أشكال الأشجار تحت السطح مباشرة، ويوفر الهيكل - بأكمله - بيئة معقدة للحياة البحرية على جميع المستويات.

 

 

غموض الطبيعة 

في أقسام أخرى، يحتوي متحف موسان على العديد من الروايات المختلفة بداخله، ويتمحور أحد الموضوعات الرئيسية حول قوة المعلومات، وقدرتها على إحداث التغيير. ويتم تمثيل ذلك من خلال صور الأطفال الذين يقفون في منتصف الغابة، وهم يلعبون «الغميضة»، ويوجهون جميع الكاميرات إلى بعضهم بعضاً، وكذلك إلى الجنس البشري كنقد للطريقة التي يتعامل بها العالم حالياً مع الطبيعة، حيث أصبح الأطفال أكثر استبعاداً من الأماكن البرية، التي كانت موجودة في السابق، على أمل مستقبل يعود فيه غموض الطبيعة، وسحرها.

وتعد جميع أعمال دي كايرس تايلور جزءاً من حركة فنية بيئية، يتفاعل فيها العمل الفني مع محيطه، ويتطور بطرق غير متوقعة. ولا يوجد منتج نهائي، لكنه منظر بحري دائم التغير. في النهاية، سيحل عمل الطبيعة محل عمل الفنان، وسوف تستهلك الكتلة الحيوية البحرية الأشجار المنحوتة، والأطفال الذين يلعبون بينها، وستوفر لهم الطعام والمأوى مجموعة متنوعة من الكائنات.. لكن من المهم تذكيرنا بأننا طبيعيون.

إقرأ أيضاً: خولة أبوصالح: أتحدى الخيال في أعمالي