الأبوة ليست سهلة أبداً، وتتطلب الكثير من الجهد، خاصة في عصرنا الحالي، حيث تجاوزت الأدوات والاحتياجات المادية القيم الإنسانية، لكن لايزال بإمكان الآباء تربية أطفال مدركين اجتماعياً ومسؤولين.
يتناول موقع parenting.firstcry الصحي معاناة بعض الآباء، الذين يقولون إن أطفالهم لا يقدرون أي شيء يفعلونه من أجلهم! 
كم مرة قلت هذا عن أطفالك؟ فأنت تعمل ساعات إضافية لتوفر لهم شيئاً يريدونه حقاً. وعندما تعطيه لهم أخيراً يكونون سعداء ومتحمسين. ثم بعد يوم أو يومين، عندما تطلب منهم الحفاظ على أغراضهم، يستجيبون بتغطرس وانزعاج وأسلوب غير محترم يزعجك.
لتبدأ تسأل نفسك وتتذكر طفولتك عندما كان والداك أقل قلقًا بشأن سعادتك، وآخر همهما ملء غرفتك بأحدث الأشياء وأعظمها. ومع ذلك، لم تكن تجرؤ على التحدث إلى والديك بالطريقة التي يتحدث بها أطفالك معك.
علينا أن نعترف بحقيقة "لقد تغير العالم، وتغير الأطفال معه"، وإذا كنت ترغب في إخبار طفلك كيف "كانت الأمور في السابق"، فعليك أن تتراجع خطوة إلى الوراء، وتدرك أن هذا هو خطأك! كيف؟ في ما يلي أسباب الجحود أو نكران الجميل لدى الأطفال وطرق التعامل معهم.

 

 

 

علامات الطفل غير الممتن أو الجاحد: 
يواجه معظم الأطفال صعوبة في تنظيم عواطفهم، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالاحتياجات المادية. لكن هناك فرق بين عدم الرضا في مواقف معينة غير متكررة، والجحود وعدم الامتنان. في ما يلي صفات الطفل الجاحد غير الممتن:
1. لا يستطيع طفلك سماع كلمة "لا": 
أحد أفضل الإجراءات لتحديد ما إذا كان طفلك غير ممتن هو أن ترى كيف يتعامل مع حرمانه من الوصول إلى شيء ما. فكلما كان الطفل أكثر صبراً في المواقف التي يحرم فيها من شيء ما، كان أكثر قدرة على شق طريقه بنفسه، وأصبح غير مدلل أو جاحد.

2. ازدراء الهدايا التي لا يرغب بها: 
إن قبول الهدية بامتنان، حتى لو كان الطفل لا يحبها ولا يرغب بها، هو أمر يحتاج الطفل إلى إتقانه. فإذا تصرف الطفل بطريقة غير لائقة تجاه الهدية التي تقدم له، أو أبدى رد فعل عصبياً وغاضباً، كان ذلك دليلاً على جحوده.

3. رفض اتباع القواعد: 
إذا تصرف طفلك بعدوانية أو غضب عندما تطلب منه التوقف عن مشاهدة التلفزيون أو لعب ألعاب الفيديو، فهذا علامة على أنه غير ممتن لما يمكنه الاستمتاع به.

4. نوبات الغضب المتكررة: 
مع أن الغضب أمر شائع وطبيعي لدى الأطفال للتعبير عن استيائهم وكرههم لأي شيء، لكن إذا عانى طفلك نوبات غضب شديدة ومتكررة على أشياء بسيطة، فهذا يدل على أنه غير ممتن لما لديه.

5. الأدب والأخلاق هما مفتاح سلوك الطفل: 
إذا كان طفلك لا يشكر شخصاً ما على أصغر لفتة أو يعبر عن امتنانه حتى عندما يُطلب منه ذلك، فهذا مؤشر إلى أنه لا يعرف أهمية الامتنان.

 

 

فوائد الامتنان: 
- يمكن أن يؤدي التعبير عن الامتنان إلى زيادة هرمون الأوكسيتوسين في الدماغ، ما يعزز التعاطف والاسترخاء والكرم والهدوء والثقة والتعلق والحميمية والشعور بالأمان. كما أنه يقلل هرمون التوتر، الذي بدوره يقلل القلق.
- يمكن أن يؤدي التفكير في ما نشكر عليه إلى إعادة توجيه انتباهنا بعيداً عن المشاعر السامة، مثل: الاستياء والندم والمرارة.
- غالباً يكبر الأطفال الممتنون ناجحين عاطفياً وجسدياً واجتماعياً. 
- الأطفال الذين يمكنهم النظر إلى حياتهم والشكر لما لديهم، غالبًا تكون لديهم مستويات منخفضة من الاكتئاب والحسد والمادية.
- يمكن للأطفال الشاكرين التعرف على الخير في حياتهم، ما يساعدهم على الشعور بمزيد من الارتباط والحب.
- الامتنان يؤدي إلى الكرم. وتشير الدراسات إلى أنه كلما زاد امتنان الشخص، زادت احتمالية منحه للآخرين.
- الاعتراف بالامتنان يعزز العلاقات.
- يمكن للامتنان تدريب الدماغ ليكون أكثر حساسية تجاه الآخرين بمرور الوقت، ما يؤدي بعد ذلك إلى حياة وصحة نفسية أفضل!


سبب الجحود أو عدم الامتنان لدى الأطفال 
أول شيء يجب على الآباء إدراكه هو أن تربية الطفل الذي يشعر بالامتنان لا تتعلق بتربية الطفل على الأخلاق. فالطفل الذي يقول: "من فضلك"، و"شكراً لك"، ليس بالضرورة ممتناً.
على سبيل المثال، ادخل فصلاً دراسياً، سواء كان في روضة أطفال أو مدرسة، سيكون هناك الكثير من الصغار الذين يبدو عليهم حسن الخلق والالتزام! وقم بزيارة نفس المجموعة خلال حفلة لتقديم الهدايا، بسبب النجاح مثلاً، وقم بتقديم الهدايا، من المحتمل أن تسمع 30 شكراً لك، يليها 25 رداً جاحداً على الهدايا التي تلقوها. بعضهم يقول لِمَ الطفل الفلاني حصل على هذه الهدية وأنا هذه؟! مع العبوس والتذمر. 

وفي ما يلي أسباب الطبع الجاحد أو غير الممتن لدى الأطفال:
- إعطاء الطفل كل ما يريده عندما يريد قد يخلق إحساساً خاطئاً بالاستحقاق. مثلاً، يمكن أن يخلق الإفراط في تناول الطعام والحلويات توقعات غير واقعية، وغير مبررة وغير مناسبة لحالة المعيشة، وما يمكن أن يوفره الوالدان. أيضاً، في محاولة لإبقاء طفلهم سعيداً، يخضع الآباء لكل طلب ويخلقون إحساساً مفرطاً بأهمية الذات.

- الحفاظ على الطفل بصورة مفرطة، بمعنى آخر، قد تكون الحياة الخالية من المقارنات خطرة على الطفل. فإذا نشأ في عالم لا يكون فيه على دراية بالأحداث في الخارج، فقد يخلق صورة غير واقعية لماهية الحياة في الواقع. لهذا، من المهم أن تجعل الأطفال يتعلمون التبرع بألعابهم، وأن يكونوا على دراية بأن الجميع لا يتمتعون بامتيازات متساوية.

- هناك علاقة بين الشعور بالامتنان والمكافأة، من المرجح جداً أن يقدر الأطفال قيمة الشيء الذي يتلقونه مكافأةً على جهودهم، وسيكونون أكثر امتناناً. أظهرت الدراسات أنه حتى هدايا عيد الميلاد يجب أن ترتبط بسلوكهم ومستويات نضجهم المتزايدة. ثم يدرك الأطفال أن جهودهم ستكافأ، وأنهم ممتنون أكثر لكرم المانح.

- أحياناً يكون الأطفال غير ممتنين فقط لأنهم يعتقدون أنهم بحاجة إلى الاستقلالية ليقرروا ما إذا كانوا بحاجة إلى أن يكونوا شاكرين أم لا. وقد يكون هذا شائعاً بين المراهقين الذين يدخلون مرحلة جديدة في حياتهم. ومهما كان العمر، يجب على الجميع أن يكونوا شاكرين لما لديهم، والمراهقون ليسوا استثناء.

كيفية تأديب الطفل الجاحد: 
إذا حددت أياً من الأسباب المذكورة أعلاه، ووجدت أن طفلك تظهر عليه علامات عدم الامتنان، فلا داعي للقلق بعد الآن. في ما يلي بعض الاستراتيجيات التأديبية، التي يمكن أن تساعد الطفل على أن يصبح أكثر امتناناً:
1. عندما تسمع طفلك يقول أو يفعل شيئاً يظهر جحوداً للامتنان، قف عند تلك النقطة وناقشه فيها. ليس عليك أن تكون غاضباً، فقط كن حازماً، وذكره بأنه يجب أن يكون شاكراً لما بين يديه. 
2. يحتاج الطفل إلى معرفة أن كلماته وأفعاله تؤثر على الآخرين. واطلب منه أن يأخذ لحظة ويفكر في شعوره إذا تم التحدث إليه على هذا النحو.
3. لن يحصل الأطفال أبداً على فرصة ليكونوا ممتنين وشاكرين إذا جرت تلبية مطالبهم على الفور. إن تأخير مكافآتهم يوماً أو يومين سيجعلهم يدركون أهمية الانتظار. وهناك طريقة أخرى لتأخير الإشباع، هي ربط الامتيازات بالسلوك، وتأكد من جعل طفلك يفهم أنه سيشاهد "الآيباد" أو سيسمح له باللعب فقط إذا أظهر سلوكاً مقبولاً.
4. من خلال كونك نموذجاً جيداً، يمكنك تعزيز الشعور بالامتنان لدى طفلك، وتأكد من قضاء الوقت مع طفلك، وعلمه أهمية الشعور بالامتنان، واجعله ممتناً لما لديه.
5. اجعل طفلك يرافقك عندما تقوم بمهمة لأحد أفراد الأسرة المسنين أو الجيران، واجعله يشارك في العمل التطوعي، فستساعد مساعدة الآخرين طفلك على تطوير نظرة أقل تركيزاً على الذات.

إقرأ أيضاً: 5 أطعمة أضيفيها إلى نظام طفلك الغذائي