لا يختلف اثنان على غرابة تصرفات محمد رمضان، التي قد لا يجد البعض لها تفسيراً على الإطلاق، فهو في معظم أعماله يوجه رسائل أقرب للتهديد والتقليل من قيمة أشخاص مجهولين لا يعرفهم أحد، كما أنه يعمد إلى إظهار نفسه بأنه أفضل من الجميع، ولعل لقب "نمبر ون" الذي أطلقه على نفسه، وقدمه بأغنيته الشهيرة التي حملت ذات الاسم، تحمل دليلاً دامغاً على هذا الأمر.

ولا يمكن إغفال المفاخرة بالذهب والأموال والسيارات وحتى الطائرات، من توصيف تصرفات رمضان بالغرابة الشديدة، وربما تكون الكف الذهبية التي ارتداها الممثل والمغني المصري الشهير في آخر ظهور له استكمالاً لمشوار مليء بالتباهي أمام ملايين المتابعين.

وتفسر الأستاذة المساعدة في علم النفس الإكلينيكي، فداء أبوالخير، في حديث خصت به "زهرة الخليج"، الكثير من تصرفات رمضان، وتوضح إن كانت هذه التصرفات ناتجة فعلاً عن معاناة اضطرابات نفسية أم لا.

تقول أبوالخير إن عالم النجومية والشهرة يحمل الكثير من التحديات والمشاكل لأي شخص يدخل به، وإن العديد من المشاهير الذين كانوا يتواصلون معها أبلغوها بأنهم، وخوفاً من الاندماج بعالم المشاهير، وما يحمله من تبعات نفسية واجتماعية، يعمدون إلى الرجوع للمناطق الشعبية والفقيرة، ويتجولون بها ليشعروا بأنهم مايزالون على طبيعتهم.

وتضيف أبوالخير أن هنالك نقاطاً محددة في بيئة الشهرة والنجومية، تحفز بعض الأمور التي قد تكون موجودة أصلاً لدى الشخص، أو أنه يحمل ميولاً لها.

وتخص الخبيرة النفسية النجم محمد رمضان، الذي تابعته لفترة طويلة، وراقبت العديد من تصرفاته واستمعت لأعماله، بالقول إن تكرار أغانيه والاستماع لها والتعلق بها يؤثر بشكل كبير في تشكيل البنى المعرفية لدى الإنسان، وإننا لو جمعنا معظم أغاني رمضان، فإننا نلحظ وجود الكثير من التفاصيل التي تشجع بعض الأمور والعادات غير الحميدة منها: البذخ، والقوة والسيطرة والتفرد، وهذه الأمور كلها تعزز التشوهات المعرفية التي تشكل جزءًا من خلل نفسي عند الإنسان، خاصة إذا كان في بيئة محفزة، ويحمل ميلاً لهذا الأمر بالأساس.

وتكمل: "لو تابعنا مسيرة رمضان وأعماله وتصرفاته واستعراضه لما يملك، فإننا نجد أن الموضوع مرتبط بأكثر من علامة، سواء كان ذلك بحفلاته ومشيه على المسرح وما يرتديه من ملابس والكثير من تصرفاته، إذ إنها تمنح بعض المؤشرات، إلا أنها لن تكون جازمة كونه لا يمكن تشخيص أي إنسان من خلال مشاهدة ما يظهر فقط عبر السوشيال ميديا ووسائل الإعلام".

وتضيف: "لكن توليفة رمضان وسلوكياته عموماً، وتجميع ما يظهر منه تصب جميعها في قالب واحد، هو إعطاء انطباع كامل بأنه يعاني النرجسية، التي يصنفها علم النفس بأنها واحد من الاضطرابات النفسية، لكنها ليست من تلك الاضطرابات التي تمنع الإنسان ممارسة حياته بشكل طبيعي والقيام بوظائفه اليومية بشكل معتاد".

وتفسر أبوالخير هذا الأمر بأن معظم الاضطرابات النفسية تشخص بوجود خلل في أداء الوظائف الحياتية بشكل عام، لكن بعضها لا تسبب بالضرورة هذا الخلل، وتعتبر نمطاً ثابتاً من الشخصية، ولا يلاحظها حاملها، لكنها تلفت نظر الآخرين بشكل كبير، كما أن أحد معايير تشخيص وجود هذه الاضطرابات هو شعور الشخص نفسه بحالة من الكرب أو العجز، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على اضطراب النرجسية، ولا يذهب معظم من يعانونه إلى عيادة الطبيب النفسي، ولا يلحقون ضرراً بأنفسهم، وإنما يقع الضرر غالباً على الأشخاص الذين يتعاملون معهم بشكل مباشر، وقد يذهب المتضررون إلى العيادة بدلاً من مسبب الضرر.

إقرأ أيضاً:  «كيرة والجن» ينضم إلى قائمة أعلى 10 أفلام إيراداً في تاريخ السينما المصرية
 

وتصف الأخصائية النفسية الأردنية النرجسية بأنها تعتمد على حب الذات المبالغ به، وأن الشخص المصاب بها يرغب دائماً بأن يكون مركز ومحط اهتمام الآخرين به، وهو الأمر الذي يفسر وجود رمضان بشكل كبير في بعض الأماكن العامة، ووقوفه بين جماهيره والتقاط الصور معهم، كون هذا الأمر يغذي شعوره بـ"الأنا" تماماً، ويشعره بالتميز أكثر، وبأنه الأهم كما يعزز الصورة بحب الذات المبالغ به، فوجوده في الشارع معاكس تماماً لتعمده إظهار نفسه بأنه يملك ما لا يملكه الآخرون بوقت صعب وظروف اقتصادية صعبة وزمن صعب، وهذه الأمور جميعها تصب بنفس المغزى وتعزيز الأنا.

وعن تعمده تقمص شخصيات فقيرة في معظم أعماله الدرامية، تشرح أبو الخير أن هذه الشخصيات تتطور عادةً لتكون شخصية متميزةً تمتلك القوة الكبيرة، والسلطة، فهو يقوم بتصوير نفسه خلال الدراما بأنه يملك ما لا يملكه الآخرون، لكن كل ذلك ليس مقياساً كون الدراما تقدم بالنهاية كعمل مقابل أجر معين وقناعات واختيار الأدوار المميزة، التي تعزز الشعور بالقدرة على تقديم الشخصية ونقيضها، ما يزيد الشعور بالتفرد.

وختاماً.. لا ينكر أحد أن عالم الشهرة قد يصيب الكثيرين بالنرجسية والتعالي، لكن هذا الأمر يبدو ظاهراً لدى رمضان أكثر من غيره، بل إنه يتعمد إظهاره لجمهوره العريض.