يوصف التنويم المغناطيسي بأنه حالة شبيهة بالنوم، يصل فيها الأشخاص الخاضعون له إلى مرحلة الاسترخاء الكامل والعميق عن طريق إطلاق الطبيب أو مقدم الرعاية لسلسلة من التعابير اللفظية أو الصور الذهنية، التي تخلق لديهم إحساساً بالأمان وتجعلهم في غاية التركيز والانتباه بحيث يكونون أكثر انفتاحاً وتقبلا للإيحاءات والمقترحات.

قد يبدو الأشخاص الخاضعون للتنويم نائمين كأنهم في عالم آخر، إلا أنهم على أرض الواقع في حال من الوعي المفرط يسمعون للتوصيات والمقترحات المقدمة اليهم ويتمكنون من تذكرها بعد الجلسة.

يعود استخدام الحالات الشبيهة بالتنويم إلى آلاف السنين، إلا أن التنويم المغناطيسي بدأ في الظهور على أرض الواقع في أواخر القرن الثامن عشر على يد العالم الألماني فرانز ميسمر Franze mesmer، الذي كانت طريقته تسمى "المسميريزم" Mesmerism.. نسبة إليه.

بدأت ممارسة ميسمر للتنويم بداية سيئة بسبب آرائه الصوفية، إذ كان يعتقد بوجود قوى غامضة خفية، لكن في النهاية تحول الاهتمام بالتنويم في ما بعد إلى نهج أكثر واقعية، بحسب موقع verywellmind الصحي. 

وأصبح التنويم المغناطيسي أكثر أهمية في مجال علم النفس، اعتباراً من أواخر القرن التاسع عشر، واستعمله جان مارتن شاركوت في علاج النساء اللاتي عانين حالات الهيستيريا. وتأثر عالم النفس سيغموند فرويد بتقنية التنويم المغناطيسي، فلجأ إليها في تطوير التحليل النفسي.

 

 

 

 

هناك 3 أنواع من التنويم المغناطيسي، هي: التنويم المغناطيسي الموجه، والتنويم المغناطيسي العلاجي، والتنويم المغناطيسي الذاتي، فما هي:

1. التنويم المغناطيسي الموجه: 
يقوم هذا النوع من التنويم على استخدام أدوات مثل التعليمات المسجلة والموسيقى لحث المريض على الدخول إلى عالم التنويم المغناطيسي، وغالباً يستخدم هذا النوع من خلال تطبيقات موجودة على الأجهزة الإلكترونية المحمولة أو من برامج مسجلة على الإنترنت.

2. التنويم المغناطيسي العلاجي: 
يتم عن طريق شخص وسيط مؤهل لتقديم هذا النوع من الرعاية، إذ يقوم بخلق الجو المناسب الذي يجعل المريض في حال من اللاوعي يكون فيها أكثر تلبية وطاعة للمقترحات والإيحاءات وبالتالي إلى تقبل الحلول الجيدة.

3. التنويم المغناطيسي الذاتي: 
في هذا النوع لا يوجد وسيط، الذي هو الطبيب أو مقدم الرعاية، إذ يقوم المريض نفسه بتقديم الرعاية بعد أن يتعلمها بشكل صحيح من المختصين بهذا الأمر. يستخدم هذا النوع من التنويم كوسيلة مساعدة للتنويم الإيحائي من أجل تحقيق الهدف المرجو من العلاج، مثل: السيطرة على الألم أو إدارة الإجهاد.

قد يقرر شخص ما الدخول في تجربة التنويم المغناطيسي للمساعدة في إدارة بعض الحالات، مثل: الألم المزمن، أو للتخفيف من الألم والقلق الناجمين عن بعض الإجراءات الطبية، مثل: الجراحة أو الولادة. 

في ما يلي عدد من تطبيقات التنويم المغناطيسي التي أمكن إثباتها من خلال البحوث:

- السيطرة على الألم أثناء إجراء بعض المداخلات على الأسنان.
- علاج الآلام المزمنة المصاحبة لبعض الأمراض، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي.
- علاج وتحفيف آلام الولادة.
- الحد من التقيؤات والغثيان لدى مرضى السرطان الذين خضعوا للعلاج الكيميائي.
- الحد من أعراض الخرف.
- إدارة بعض أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- القضاء على بعض الأمراض الجلدية المزمنة، مثل: الثآليل والصدفية.
- تخفيف وطأة الأعراض المصاحبة لمتلازمة القولون العصبي.
- المساعدة في الإقلاع عن التدخين وفي إنقاص الوزن وفي التغلب على التبول في الفراش.
- علاج بعض حالات الأرق والقلق والرهاب الاجتماعي.
- علاج بعض اضطرابات الأكل مثل الشراهة على تناول الطعام.
- التخفيف من نوبات الهبات الساخنة المرافقة لانقطاع الطمث.

وعلى الرغم من كون التنويم المغناطيسي، الذي يقوم به مقدم الرعاية المتدرب والمختص هو إجراء آمن، ومع ذلك فقد لا يكون مناسباً للمصابين ببعض الأمراض العقلية، مثل: الفصام والهلوسة.

فقد يعاني البعض آثاراً جانبية في الفترة التي تلي جلسة التنويم، إلا أنها نادرة وعابرة، وتشمل هذه الآثار: النعاس، الصداع، الدوخة، القلق والضيق، وتكوين ذكريات خاطئة.

 

 

ويعتقد الكثير من الناس في التنويم المغناطيسي، وغالبيتهم يمكن تنويمهم، وتشير الأبحاث إلى أن:

- من 10 إلى 15% من الناس يستجيبون بشدة للتنويم المغناطيسي.
- حوالي 10% من البالغين يعتبرون أنه من الصعب أو من المستحيل التنويم المغناطيسي.
- الأشخاص الذين يمكن إدخالهم بسهولة في عالم التخيلات هم الأكثر استجابة للتنويم المغناطيسي.
- يميل الأطفال إلى أن يكونوا أكثر عرضة للتنويم المغناطيسي.

وبنفس الوقت، ازدهرت الخرافات المتعلقة بالتنويم المغناطيسي خاصة في عالم التلفزيون والسينما والمسرح والسيرك، لدرجة أنها خلقت نوعاً من الخشية لدى الكثير من الناس الذين باتوا ينظرون إلى التنويم المغناطيسي بعين الشك والحذر، إلا أن الكثير مما يجول في عقول الناس حول هذا التنويم هو هراء في هراء، تعالوا نستعرض سوية أشهرها:

1. التنويم المغناطيسي يساعد على استعادة الذكريات المنسية: 
- الحقيقة: هناك اعتقاد شائع أن التنويم المغناطيسي يساعد على إنتاج ذاكرة قوية تخدم في استعادة الذكريات المنسية، ولكن الباحثين المخضرمين وجدوا أن التنويم لا يخدم بشكل جيد كطريقة لاستعادة الذكريات المنسية. عدا هذا، قد يقع بعض الأشخاص الذين جرى تنويمهم في مطب عواطف قوية تعطيهم انطباعاً كأن ذكرياتهم دقيقة، ما يساهم في صنع ذكريات خاطئة وكاذبة.
.
2. يمكن فقط التنويم المغناطيسي للضعفاء عقلياً: 
- الحقيقة: إنها أسطورة أن يكون الضعفاء عقلياً هم من يمكن تنويمهم، بل العكس هو الصحيح، فكلما زاد ذكاء الشخص زادت سهولة تنويمه، من هنا فلا غرابة أن تنشأ صعوبات في تنويم الأشخاص المعاقين عقلياً.

3. يمكن تنويم الشخص رغماً عنه: 
- الحقيقة: نسمع هنا وهناك قصصاً تروي أن أشخاصاً تم تنويمهم رغماً عنهم، وهذا غير صحيح البتة، إذ إن التنويم يتطلب مشاركة طوعية من جانب المريض.

4. يكون الأشخاص تحت التنويم المغناطيسي عاجزين ومنصاعين كلياً: 
- الحقيقة: إنها أسطورة من نسج الخيال، إذ إنه من الصعب جداً جعل الناس يفعلون أشياء تتعارض مع رغباتهم.

5 . عندما تستيقظ من جلسة التنويم المغناطيسي لن تتذكر أي شيء حدث لك أثناء التنويم: 
- الحقيقة: قد يحدث فقدان عابر ومؤقت في الذاكرة لدى بعض الأشخاص، إلا أنها تبقى حالات نادرة جداً، وبشكل عام، يمكن القول إن الأشخاص يتذكرون تماماً كل ما حصل لهم أثناء التنويم.

6. التنويم المغناطيسي هو النوم: 
- الحقيقة: يبدو الناس كأنهم في عالم النوم أثناء جلسات التنويم المغناطيسي، لأن عيونهم تكون مغلقة ومستسلمة. في الواقع، إن الأشخاص تحت التنويم المغناطيسي ليسوا نائمين، بل هم في حالة اسمها النشوة المنومة hypnotic trance، أي أنهم في حالة تركيز عالية يكونون فيها مستيقظين ومتنبهين ومستجيبين للغاية، وهذا ما أكدته مخططات كهربائية الدماغ التي أظهرت مستويات عالية من موجات ألفا التي تختلف عن تلك الموجودة عند الشخص النائم.

7. تكفي جلسة واحدة للعلاج بالتنويم المغناطيسي: 
- الحقيقة: إن القصص التي يرويها البعض بأن جلسة واحدة من التنويم تكفي لعلاج أي مرض هي خرافة بل أم الخرافات، إذ لا أحد تقريباً يشفى من جلسة واحدة، فالعلاج بالتنويم المغناطيسي يحتاج إلى 6 جلسات وقد تصل هذه إلى 20 جلسة في بعض الأحيان.

8. لا يستطيع الناس الكذب وهم نائمون مغناطيسياً: 
- الحقيقة: إن التنويم المغناطيسي ليس بمصل الحقيقة، صحيح أن الشخص الخاضع للتنويم يكون أكثر انفتاحاً على المقترحات المقدمة له أثناء التنويم، إلا أنه لا يزال يملك الإرادة الحرة ويستطيع أن يتفوه بأي شيء بما فيه الكذب.

9. يمكن التنويم المغناطيسي الذاتي عن طريق الإنترنت: 
- الحقيقة: تروج العديد من تطبيقات الهواتف الذكية ومقاطع الفيديو أن التنويم المغناطيسي الذاتي ممكن، لكنها على الأرجح غير فعالة.

10. يحتاج المنومون إلى أن يكونوا من ذوي المهارات العالية لإنتاج استجابة كبيرة: 
- الحقيقة: إن صورة المنوم المغناطيسي على أنه ساحر يستطيع تنويم من يشاء هي صورة عشوائية وأسطورية، إذ لا يتطلب التنويم المغناطيسي سوى القدرة على تطبيق الإجراءات والتمتع بالمهارات الاجتماعية الأساسية، مثل تأسيس علاقة مع الآخر.

إقرأ أيضاً: ما متلازمة باريس؟.. ومن الذي يصاب بها؟