تظهر أعراض اضطراب طيف التوحد على بعض الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة. وقد ينمو أطفال آخرون مصابين بذلك الاضطراب بشكل طبيعي خلال الأشهر أو السنوات القليلة الأولى من حياتهم، لكن فجأة يصبحون انطوائيين أو عدائيين أو يفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها بالفعل. ويتميز كل طفل مصاب باضطراب طيف التوحد بنمط سلوكي فريد، ومستوى معين من حدة الاضطراب، يتأرجح بين انخفاض وارتفاع الأداء الوظيفي.
يقول أخصائي الأطفال واستشاري أمراض التوحد، الدكتور محمد المومني، إن مرض التوحد Autism نوع من أنواع الاضطرابات النمائية التطورية، أي التي تحدث أثراً في نمو وتطور الأطفال، وتشخص الحالات غالباً في العام الثالث من عمر الطفل، وتحدث هذه الاضطرابات نتيجة خلل في الجهاز العصبي المركزي الذي يؤثر في بعض وظائف المخ، محدثاً اضطرابات النمو والمشاكل السلوكية، التي تميز مرضى التوحد. ويؤثر اضطراب طيف التوحد في كيفية إدراك الطفل للآخرين والاندماج معهم، ويتجلى هذا الاضطراب في جوانب أساسية من نموه، مثل: التفاعل، والتواصل، والسلوك الاجتماعي.

 

 

أعراض التوحد عند الأطفال:
يقسم الدكتور المومني أعراض إصابة الأطفال بمرض التوحد إلى ثلاث فئات:
الأولى: يظهر على الطفل عدة أعراض، هي: 
- لا يستجيب عند مناداته باسمه، أو يبدو كأنه لا يسمعك في بعض الأوقات.
- يرفض العناق والملامسة، ويبدو أنه يفضل اللعب بمفرده، منسحباً إلى عالمه الخاص.
- لا يتواصل بصرياً، أو يكون تواصله ضعيفاً، وتغيب تعبيرات الوجه.
- لا يتكلم أو يتأخر في الكلام، أو قد يفقد قدرته السابقة على التلفظ بالكلمات والجمل.
- غير قادر على بدء محادثة أو الاستمرار فيها، وقد يفصح عن طلباته أو يسمّي الأشياء.
- يتكلم بنبرة أو إيقاع غير معتاد، فقد يستخدم صوتًا رتيبًا، أو يتكلم مثل الإنسان الآلي.
- قد يكرر الكلمات أو العبارات حرفياً، دون أن يعي كيفية استخدامها.
- يبدو كأنه لا يفهم الأسئلة أو التوجيهات البسيطة.
- لا يعبر عن عواطفه أو مشاعره، ويبدو كأنه غير مدرك لمشاعر الآخرين.
- لا يدلّ على الأشياء، ولا يجلبها لمشاركة اهتماماته.
- تفاعله الاجتماعي غير ملائم، كأن يكون بليداً أو عدائياً أو مخرّباً.

الثانية: تظهر عليه بعض السلوكيات التي تدل على إصابته بطيف التوحد، وهي: 
- يقوم الطفل بحركات متكررة، مثل: التأرجح أو الدوران أو رفرفة اليدين، أو قد يقوم بأنشطة تُسبب له الأذى، مثل ضرب الرأس.
- يعتمد أفعالاً روتينية أو طقوساً معينة، وينزعج عندما يطرأ عليها أدنى تغيير.
- يتحرك باستمرار.
- يعاني من مشكلات في التناسق الحركي، فيتحرك بتهور مثلاً، أو يسير على أصابع قدميه، ولديه لغة جسد غريبة أو متيبسة أو مبالغ فيها.
- قد ينبهر بتفاصيل جسم ما، مثل حركة عجلات السيارة، دون أن يدرك الصورة الإجمالية لهذا الأمر.
- قد يكون حساساً بشكل مفرط تجاه الضوء والصوت واللمس، ورغم ذلك نجده غير مدرك للألم.
- لا ينخرط في ألعاب التقليد أو التمثيل.
- قد يكون غير متعاون أو يقاوم التغيير.
- قد يظل محملقاً بجسم أو نشاط ما بحماسة، أو بتركيز متواصل.
- قد تكون لديه تفضيلات غريبة من الأطعمة، مثل: تناول القليل من الأطعمة فحسب، أو تناول الأطعمة ذات قوام معين فقط.

الثالثة: مستويات الذكاء والقدرة على التأقلم: 
يعاني معظم الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد من بطء في اكتساب المعرفة أو المهارات، وبعضهم لديه علامات على ذكاء دون الطبيعي. لكن هناك من يراوح معدل الذكاء لديهم من متوسط إلى مرتفع، فيكون بإمكانهم التعلم بسرعة، إلا أنهم يجدون صعوبة في التواصل وتطبيق ما تعلموه في الحياة اليومية والتكيف مع المواقف الاجتماعية. وعدد قليل من الأطفال المصابين بذلك الاضطراب ممن يعدون موهوبين، وتكون لديهم مهارات استثنائية في الفنون مثلاً أو الرياضيات أو الموسيقى. 
يبين الدكتور المومني أنه ليس هناك سبب واحد معروف للإصابة باضطراب طيف التوحد، ونظراً لتعقيد ذلك الاضطراب وتنوع أعراضه وحدّته، فمن المحتمل أن يكون له عدد من الأسباب، وقد يكون للعاملين الوراثي والبيئي دور في ذلك.

- المشكلات الوراثية: 
يبدو أن هناك عدة جينات مختلفة ذات صلة بحدوث اضطراب طيف التوحد. وبالنسبة لبعض الأطفال، من الممكن أن يرتبط ذلك الاضطراب باضطراب وراثي، مثل: متلازمة ريت، أو متلازمة الصبغي X الهش.
وفي حالة الآخرين، قد تجعل التغيرات الوراثية الطفل أكثر عرضة لاضطراب طيف التوحد أو تخلق عوامل مخاطر بيئية. فضلاً عن ذلك، لاتزال هناك جينات أخرى قد تؤثر في نمو الدماغ أو طريقة اتصال خلايا الدماغ ببعضها بعضاً، أو قد تحدد مدى حدة الأعراض. ويبدو أن هذه المشكلات الوراثية قد تكون موروثة أو تحدث تلقائيًا.

 

 

- العوامل البيئية: 
يحاول الباحثون في الوقت الحالي اكتشاف ما إذا كان لبعض العوامل، مثل: العدوى الفيروسية، أو حدوث مضاعفات خلال فترة الحمل أو ملوثات الهواء، دورٌ في تحفيز الإصابة باضطراب طيف التوحد.

علاج التوحد عند الأطفال 
لا يوجد علاجٌ شافٍ بعد لاضطراب طيف التوحد، وليست هناك طريقة علاج واحدة تناسب جميع الحالات. والهدف من العلاج هو زيادة قدرة الطفل على أداء الأعمال بأكبر قدر ممكن، من خلال الحد من أعراض اضطراب طيف التوحد ودعم النمو والتعلم لديه.

- العلاجات السلوكية والاتصالية: 
تعالج عدة برامج مجموعة من الصعوبات الاجتماعية واللغوية والسلوكية المرتبطة باضطراب طيف التوحد. وتركز بعض البرامج على الحد من السلوكيات المثيرة للمشاكل، وتعليم مهارات جديدة. في حين تركز غيرها من البرامج على تعليم الأطفال كيفية التصرف في المواقف الاجتماعية، أو كيفية التواصل مع الآخرين على نحو أفضل. وعلى الرغم من أن الأطفال لا يتخلصون دائماً من أعراض اضطراب طيف التوحد، فإنهم قد يتعلمون كيفية أداء الأعمال بشكل جيد.

- العلاجات التربوية: 
غالباً يستجيب الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد جيداً للبرامج التربوية التي تتميز بدرجة عالية من التنظيم. وغالباً يظهر الأطفال قبل سن المدرسة ممن يحظون بتدخلات سلوكية فردية مركزة تقدماً جيداً.

- العلاجات الأسرية: 
يمكن أن يتعلم الآباء وأفراد الأسرة الآخرون كيفية اللعب والتفاعل مع أطفالهم المرضى بطرق تحفز المهارات الاجتماعية، وتعالج المشكلات السلوكية وتعلمهم مهارات الحياة اليومية والتواصل.

- الأدوية: 
ليس هناك أي دواء بإمكانه تحسين العلامات الأساسية لاضطراب طيف التوحد، ولكن هناك أدوية معينة تساعد في السيطرة على الأعراض. فعلى سبيل المثال، قد يصف الطبيب أحياناً مضادات الاكتئاب الموصوفة لعلاج القلق، والأدوية المضادة للذهان لعلاج المشكلات السلوكية الحادة. وهناك أدوية أخرى قد توصف لطفلك في حال كان يعاني فرط النشاط.

إقرأ أيضاً: لهايات الأطفال.. مخاطر قد تفوق فوائدها