يتفق الجميع على أهمية الرضاعة الطبيعية لصحة الطفل الجسدية والنفسية والعاطفية، وفوائد هذه الرضاعة تلوح في الأفق منذ نعومة أظافر الصغير، لترافقه حتى سن البلوغ في السراء والضراء. 
وبغض النظر عن مدة الرضاعة الطبيعية فهي تقدم للطفل فوائد جمة، إذ تقوي مناعته وتساعده على التعافي من أمراض كثيرة تتربص به. وقد تبين أن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية هم أقل عرضة لمتلازمة الموت المفاجئ، والتهابات المعدة والأمعاء والإسهال، والتهابات الجهاز التنفسي، والتهاب الأذن، والتهاب السحايا، والارتجاع المعدي المريئي، وسوء إطباق الأسنان، والبدانة، وسرطان الدم، وداء السكري بنوعيه الأول والثاني، ومرض كرون، والتهاب القولون، والحساسية، والإكزيما، وداء الربو.

كما يحصد المراهقون والبالغون الذين تربوا على حليب أمهاتهم خلال فترة طفولتهم، فوائد ترافقهم مدى الحياة كونهم سيكونون أقل عرضة للإصابة بالذئبة، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والأمراض القلبية الوعائية، ومرض التصلب المتعدد، وسرطان الثدي قبل وبعد انقطاع الطمث، وداء البطانة الرحمية، وارتفاع ضغط الدم. وإلى جانب هذا وذاك، لفتت دراسات عدة إلى وجود صلة بين الرضاعة الطبيعية وزيادة معدل الذكاء عند الطفل. 

ويدعم العديد من الدراسات الاعتقاد بأن الرضاعة الطبيعية تحسن من الذكاء، ففي دراسة تابعت 3500 طفل خلال فترة المراهقة وحتى سن البلوغ، تم تقييمهم في سن الثلاثين، لوحظ أن أداء أولئك الذين رضعوا رضاعة طبيعية بشكل أساسي عندما كانوا أطفالاً، سجلوا معدلات أفضل في اختبارات الذكاء، كما حصلوا على تعليم ومداخيل أعلى.

إقرأ أيضاً:  هدايا الآباء قد تكون خطيرة على صغارهم.. فاحذروها!

وفي دراسة أخرى، أجريت على 14000 طفل تلقوا الرضاعة الطبيعية، وتمت متابعتهم حتى سن السادسة والنصف، وبعد تقييم ذكاء الأطفال وحالتهم الأكاديمية من قبل الأطباء والمعلمين، جاءت النتائج لتقول بوجود علاقة قوية بين الرضاعة الطبيعية الحصرية والتطور المعرفي للأطفال.
وأفادت دراسة نشرت في فبراير عام 2022، شملت 111 فتاة، راوحت أعمارهن بين 7 و9 سنوات، تم توزيعهن على ثلاث مجموعات: الأولى تلقت الرضاعة الطبيعية حصراً، والثانية أخذت الرضاعة الاصطناعية، أما الثالثة فتناولت رضاعة مختلطة طبيعية واصطناعية. وبعد مقارنة معدل الذكاء لدى المشاركات، وجد الباحثون أن مجموعة الفتيات اللواتي تلقين رضاعة طبيعية، حصلن على درجات ذكاء أعلى من المتوسط مقارنة بالمجموعتين الأخريين.

وسواء كان الطفل يتلقى رضاعة طبيعية أو اصطناعية، فإن الحصول على العناصر الغذائية المناسبة لنمو الدماغ هو أمر في غاية الأهمية، لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه بالإضافة إلى التغذية، هناك عوامل أخرى تساهم بدورها في بناء الصحة الإدراكية والمعرفية للطفل:
- إدارة فترة الحمل بشكل جيد، إلى جانب ابتعاد الأم عن الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر سواء عليها أو على الجنين. 
- اتخاذ الأب والأم خيارات خلال مرحلة الرضاعة والطفولة من شأنها أن تشحذ الذكاء عند الطفل.
- لا ننسى أن ذكاء الطفل ونجاحه الأكاديمي يرتبطان أيضاً بالوراثة، ومعدل ذكاء والديه، ومستواهما التعليمي، ودخلهما.