رغم  مرور عامين على الحادثة الأكثر إيلاماً في الأردن والتي تفاعل معها العالم أجمع، حيث تم بترت ذراعي الفتى صالح حمدان المعروف بـ"فتى الزرقاء"، وفقأ إحدى عينيه من قبل مجرمين أقدموا على اختطافه، إلا أن قصة الفتى ما تزال عالقة في أذهان كل من عاصرها، إذ شكلت هذه الحادثة نقلة نوعية في حياة صالح، رغم أنه لم يكن قد بلغ السادسة عشر من عمره.

وبإرادة من حديد، تجاوز صالح محنته وانطلق للحياة بذراعين صناعيتين، مؤكداً أن الإرادة تهزم المستحيل، فها هو اليوم يجتاز امتحان الثانوية العامة، بعد أن اعتقد الجميع أن حياته انتهت فعلاً، وانه سيكون بعداد الأحياء الأموات.

يصف  صالح مشاعره خلال حديثه لــ"زهرة الخليج" مؤكداً أنها تفوق كل وصف، ولا تشبهها أي فرحة في الدنيا، ويقول: "أمتلك شعوراً مميزاً، وفرحة لا تساويها فرحة، تعبت كثيراً، لم أكن كأي طالب عادي، فظروفي كانت صعبة جداً بسبب عدم قدرتي على الكتابة بسهولة ويسر، كما أن  أموري النفسية لم تكن بأحسن حال، الحمد لله تخطيت الصعاب التي تهد الجبال واستطعت أن أصل إلى حيث أريد".

ويكشف  صالح في حديثه مع "زهرة الخليج" عن طموحه المقبل، مشيراً إلى أنه يرغب في دراسة القانون، لكنه لا يريد أن يكون محامياً وإنما سيكمل سعيه خلف حلمه ليصبح قاضياً ينصف المظلومين، مبرراً هذا الأمر بأنه أحد الأشخاص اللذين ذاقوا مرارة الظلم.

ورغم أنه استطاع تحصيل حقه، وفق قوله، ووقف الجميع إلى جانبه وقدموا له الدعم الكبير، إلا أن أشخاصاً آخرين ربما لا يجدون من يساعدهم وينصفهم، فيبقى الظلم يطاردهم مدى الحياة، لذا فهو يريد أن يكون منبراً للعدالة يدافع عنهم، ولا يريد لقصته أن تتكرر مع أحد غيره، متمنياً أن ينال قبولاً في الجامعة  بالتخصص الذي يريد.

مفاجأة  كبرى

ويكشف صالح أنه قبل الحادثة، لم يكن يرغب بإكمال دراسته، ولم يكن بمخيلته أن يصل للثانوية العامة أصلاً، وجل طموحه كان لا يتعدى الالتحاق بأحد الأجهزة الأمنية للعمل بها، لكن الفاجعة التي ألمت به غيرت مسار حياته بالكامل ودفعته لتحقيق ما لم يكن يحلم به.  وهو الأمر الذي أكدته والدته مريم الكرزون لـ "زهرة الخليج"، مبينةً أنه لم يكن يفكر بالدراسة، لكنه بعد لملمة جراحه وآلامه بدا إصراره كبيراً على إكمال دراسته.

وعبرت "أم صالح" عن فرحتها بنجاح فلذة كبدها، مؤكدة أنه يعوضها شيئاً من الحزن الذي عاشته، والظروف القاسية التي مرت بها، ورغم آلامها الكبيرة التي لا يمكن أن تمحى بسهولة، إلا أن نجاح ابنها أدخل الفرحة إلى قلبها بشكل حقيقي للمرة الأولى منذ زمن طويل.

واستطاع  صالح حمدان "فتى الزرقاء"، تجاوز امتحان الثانوية العامة محصلاً علامةً جيدةً جداً وهي 85.15%، وتصدرت الصور الخاصة بكشف علاماته مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، وتفاعل معها الكثير من العرب.

إقرأ أيضاً:  طيف الأميري: نستبق الأحداث ولا ننتظرها
 

وكانت أعلى محكمة قضائية في الأردن وهي محكمة التمييز، أقرت إعدام ستة من المعتدين على الشاب صالح حمدان، إضافة لإصدارها أحكاماً بالأشغال الشاقة لمتهمين آخرين في القضية.