يعتبر الكثيرون أن الجدل والصراخ وتبادل الكلمات الحادة والمؤذية أمر شائع بين الأزواج، إلا أن الإساءة اللفظية هي من أكثر أنواع الإساءة شيوعاً في العلاقات، والتي يمكن أن تسبب ضرراً واسعاً لتقدير الذات لدى أحد الشريكين. فإذا كنت تتعرض أو تشك بتعرضك للإساءة اللفظية فاستمر في القراءة؛ لمعرفة علاماتها، وكيفية حماية نفسك منها.

بعبارات بسيطة، يمكن وصف الإساءة اللفظية بأنها أي شكل من أشكال التواصل، الذي يهدف إلى إحداث ضرر عاطفي للآخرين. ونظرًا لأنه ليس من السهل تحديد الإساءة اللفظية، مثل: الإساءة الجسدية، أو التنمر، أو الاعتداء الجنسي، فقد يكون من الصعب معرفتها في البداية.

  وعادة يدفع الأذى العاطفي الناجم عن الإساءة اللفظية الضحية للتشكيك بصحته النفسية وثقته بنفسه وبذاته. وغالبًا يشعر ضحية الإساءة اللفظية بأنه عديم القيمة، أو غير ملائم، أو بقيمة أقل تجاه نفسه، لأن المعتدي يعرّفه باستمرار بعبارات مهينة.

على الجانب الآخر، يستمر الشخص المعتدي بالإساءة اللفظية بالاهتمام لأمر الضحية، بحسب موقع parenting.firstcry  الصحي.

  ويمكن أن تكون الإساءة اللفظية مدفوعة بعدة عوامل، منها: الحاجة إلى البقاء مهيمنًا، والسيطرة على الشخصية الأخرى. وغالباً يُلاحظ أن الأشخاص الذين يسيئون لفظياً كانوا ضحايا للإساءة اللفظية هم أنفسهم كأطفال، وأن قدرتهم على الشعور بالألم العاطفي والأضرار التي تلحق بالشخص الآخر قد تضاءلت، ومازالت تتضاءل بمرور الوقت.

  ويتأثر بعض المسيئين اللفظيين بالاضطرابات العقلية التي تحرك سلوكهم، مثل: الاضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب الشخصية الحدية، أو كرب ما بعد الصدمة، أو الفصام، كما أن أولئك الذين يمارسون العنف المنزلي يميلون أيضاً إلى أن يكونوا مسيئين لفظياً.

  وهنالك عدة علامات، تبين أنك تتعرض للإساءة اللفظية في العلاقة:

- أنت تخشى التعبير عن نفسك بحرية، خوفاً من أن ينتقد شريكك كل ما تقوله، كأنك تسير على قشر البيض، حيث سيتعين عليك توخي الحذر الشديد بشأن كل ما تقوله أو تعبر عنه.

- ستجد أن شريكك غالباً يتخطى حدود السخرية، ويذهب إلى التعليقات التي تحط من قدرك من حيث الجنس، أو الدين، أو الخلفية، أو العرق. وتدريجيًا، يصبح هذا أمراً متكرراً، لاكتساب مستوى من التحكم بك والتفوق عليك.

- يتم إلقاء اللوم عليك دائماً بسبب مزاج المسيئين السيئ. فإذا كانوا في حالة مزاجية سيئة، فسيجدون طريقة لربطها بسلسلة من الأحداث التي تقود في النهاية، وتثبت أنك مسؤول عن كل ما حدث بشكل خاطئ.

- أي تفاعل لفظي مع شريكك الذي يسيء معاملتك سينتهي به الأمر إلى شعورك بالإرهاق والذنب. وجعل الأمر يبدو كأن كل شيء سيئ حدث بسبب خطأك، ويلومك على الأشياء التي تسوء، ويقنعك بأنك مخطئ.

إقرأ أيضاً:  الشحي والمنصوري والحمادي صمود أمام التحديات
 

-  يقلل شأنك بشكل متكرر من خلال النكات والتعليقات الساخرة. وعندما تحاول التفاعل والضحك معه؛ لتبين أن الأمر مجرد فكاهة، فإنه يتجاوز الحد إلى التقليل من شأنك وإحراجك، حتى يرى الشعور بالحرج في عينيك.

-  يستعمل معك أسلوباً يجعلك تشكك في واقعك وذاتك، حيث يبدو الأمر كأنه يتلاعب بك، فإذا وجدت أنك مرتبك بشأن سلامتك العقلية، أو أنك تشكك في نفسك بعد كل تواصل معه، فهذه علامة واضحة على تعرضك للإساءة اللفظية.

  ويمكن التعامل مع الإساءة اللفظية عبر عدة طرق، أهمها:

  1. تفهم الوضع:

  كل موقف مسيء له أركان، بمعنى له محفز ومشاعر ناتجة. وعليك أن تفهم الحدث، وتفهم مشاعرك، عندها ستدرك أن المشكلة لا تتعلق بنواقصك، لكن بمحاولة الشخص المسيء السيطرة عليك. وهذه الخطوة مهمة جداً، وتجعلك تدرس الموضوع جيداً، بدلاً من الانجراف بعيداً والتشكيك بنفسك.

  2. تعلم كيفية تمييز الإساءة:

  بمعنى أنه يمكن أن تكون المشاعر السلبية الصحية الناتجة عن خطأ حقيقي مفيدة في دفعك لحل المشكلة. من ناحية أخرى، تولد المشاعر السلبية غير الصحية الغضب أو الإحباط أو الشك الذاتي، ما يرسلك إلى دوامة غير منتجة من الشعور بعدم الكفاءة أو اليأس تجاه نفسك.

3. وضع حدود واضحة:

  بمجرد أن تفهم الإساءة، ضع حدوداً واضحة لما تريده، وما لن تتسامح بشأنه من شريكك. وتكمن قوة المعتدي في قدرته على تجاوز والتهام كل الحدود الشخصية لمحاولة التلاعب بك. ويُمكنك وضع حدود واضحة بحيث ترسل إشارة للشخص المسيء، وتمنعه من التحكم في أفكارك وعواطفك.

4. الحد من التعرض للشخص المسيء:

  إذا كنت تقضي وقتاً طويلاً مع شريكك الذي يسيء إليك، فحاول قضاء بعض الوقت بعيدًا عنه لإعادة تقييم علاقتك، والحصول على منظور أفضل للأشياء. ويتيح لك الحد من التعرض للمسيء أيضًا رؤية الأشياء بوضوح، من خلال إبعادك عن اضطرابات الإساءة.

5. طلب المساعدة:

سواء من صديق أو فرد من العائلة أو مختص نفسي، ستحتاج إلى منظور مختلف عن حالتك، كما أن الحصول على الدعم من الخارج سيجعلك تشعر بأنك أقل سلبية وأذى، وسيتحكم في الموقف بشكل أفضل.

6. قطع دائرة الإساءة:

  عندما يحاول الشخص المسيء استخدام الإساءة اللفظية لإحباطك، أخبره بأنك قد عرفت أسلوبه وسلوكياته المتلاعبة بك. وبهذه الخطوة ستجبر المسيء على التوقف، لأنك عندما تصارحه فإنك ستفسد توازنه، وما كان يريد قوله والفكرة التي يسعى لتوصيلها إليك.

  7. الابتعاد عن الموقف:

  إذا وجدت أن المحاولات السابقة لم تعمل، فاترك الغرفة أو المكان وابتعد. وأخبره بأنك لا ترغب في التحدث معه، أو حتى الاستماع إليه؛ ما لم يغير طريقته المسيئة.

  سواء كانت الإساءة اللفظية تحصل خلال الزواج أو أي علاقة، فإن آثار الإساءة يمكن أن تلحق أضراراً بالغة بالضحية. ويمكن أن تكون الإساءة اللفظية خفية، ويصعب اكتشافها، خاصة عندما يستخدم المعتدي أسلوب التشكيك والتلاعب، لإبقاء الضحية محاصراً. ومن الضروري طلب المساعدة من الأصدقاء أو العائلة أو مستشار؛ إذا شعرت بأنك ضحية للإساءة اللفظية. وبعد تحديد موقفك، يمكنك اتخاذ الخطوات اللازمة للتعامل والخروج من تلك العلاقة السامة لتقوية نفسك.