نحتار كثيراً في فهم أنماط علاقاتنا مع شركائنا، فبعضنا منفتح للعلاقات، ويشعر بالأمان فيها، وبعضنا الآخر يكون قلقاً، ويخشى هجر الآخرين ورفضهم له، فيلتصق بهم، ويحتج على بعدهم، ويطالبهم بتحقيق كل احتياجاته، وأن يكونوا متاحين له على الدوام. وهناك من يحب الانزواء في ركن بعيد، مفضلاً تجنب الآخرين.

ونمط تعلقنا في الطفولة يتسق مع أنماط تعلقنا بعد البلوغ، ويؤثر في علاقتنا العاطفية. فنمط التعلق لا يعتبر سمة من سمات الشخصية الثابتة، التي لا يمكن تغييرها، ورغم صعوبة تغيير نمط التعلق، فإن وجود علاقة ارتباط واحدة آمنة، سواء مع شريك الحياة، أو صديق، أو معالج، يمكن أن تصنع فرقاً كبيراً.

العالم والباحث والمحلل النفسي البريطاني جون بولبي (1907 - 1990)، قدم نظريته الشهيرة المعروفة بنظرية التعلق "attachment theory"، التي يناقش فيها أصل فشل العلاقات الزوجية في مرحلة لاحقة، مرتكزاً على كيفية نشوء الأفراد منذ صغرهم وسط عائلاتهم.

الكبار الذين يبحثون عن شركاء حياة وعلاقات طويلة، يرغبون في شركاء سريعي الاستجابة، وعلاقات تتسم بالانتباه والدفء، وعلى الرغم من جاذبية هذه الصفات الآمنة، فإن كثيراً من الزيجات فيها على الأقل شريك واحد أو شريكان يشعران بعدم الأمان، بسبب طغيان معتقدات الطفولة، وطريقة تنشئتهما على تلك العلاقة.

وتوضح نظرية التعلق أن معظم العلاقات الزوجية، الفاشلة، يكون سببها عدم الثقة بالشريك، وأن الأمر له علاقة بالحاجز الذي يضعه الشريك غير الآمن أمام شريكه، ما يؤدي إلى طلبه الانفصال.

ولحماية العلاقة الزوجية من الفشل، ينصح الخبير الأسري والتربوي، عبدالعزيز الخضراء، الزوجين باتباع ما يأتي:

  - لا جدال بعد التاسعة مساء:

إذا كانت لديك أي مشكلة، أو أمر ما تودين مناقشته مع شريك العمر، فمن الضروري أن يتم ذلك قبل التاسعة مساء، خاصة إذا كنت تتوقعين ارتفاع حرارة الحوار. فبعد هذا الموعد، يتهيأ المخ تلقائياً للخلود للراحة، والتخلص من التوترات، والإجهاد الذهني. وفي ظل ذلك، تختفي المنطقية إلى حد ما، ومن ثم يصعب التفاهم. لذلك، سوف ترهقين نفسك، وشريكك كثيراً، إذا فتحت أي نقاشات جدلية، عقب هذا التوقيت. وإذا حدث أي نزاع ليلي، فلابد أيضاً من استخدام ذكائك للتغلب على ذلك. فإذا وصل الجدال إلى ذروته في المساء، وفشلت المساعي كافة بينكما للتغلب على هذه الحالة، فلا مانع من الخلود إلى النوم. وفي هذه الحالة، يقل مستوى الأدرينالين بالجسم، وهو هرمون الغضب، وسوف تشعرين بحالة من الأمان النفسي في الصباح، ومن ثم يسهل التواصل، والتقارب من جديد. هذه هي أولى قواعد الذكاء العاطفي، التي يجب تجنيدها، كي لا تترك النزاعات، تنهش جسد حياتك الزوجية؛ إذا غفلت عنها.

  - السكوت عند الشعور بالغضب: هناك قواعد قديمة، يرددها البعض دون أن يدركوا أنها تضر أكثر مما تنفع. من ضمن  هذه القواعد، مثلاً، ضرورة أن تتحدثي إلى شريكك، بما تشعرين به تجاهه وقت الغضب، وهذا شيء جميل، لكن من الأفضل في هذه الحالة تفادي الصراخ، وفقدان السيطرة على الذات، والتحلي بالهدوء، وتأجيل النقاش إلى وقت آخر، أو بعد أن يتبدد الشعور بالغضب. 

  - لا تفرط في التفاؤل:

دائماً توجه النصائح للزوجات بضرورة التحلي بالتفكير الإيجابي في المواقف كافة. لكن هذا لا يعني الإفراط بالتفاؤل على الدوام. وهذه ليست دعوة منا للتشاؤم بقدر ما هي دعوة إلى وضع الأمور في نصابها. فعندما تفرط في التفاؤل وتتوقع المزيد من الإيجابيات، فإنك حتماً ستصاب بحالة من الإحباط في حال عدم تحقق توقعاتك. لهذا السبب ينصح دائماً بقراءة الواقع من حولك، ومن ثم بناء الآمال والتوقعات التي تتناسب مع الظروف المحيطة بك.

إقرأ أيضاً:  هؤلاء المربيات اللواتي راقبن أطفال العائلة الملكية.. إحداهن لقبت بـ«الخائنة»
 

  - التواصل: 

التواصل الفعال هو الوسيلة الوقائية الأهم، التي تمنع وقوع مثل هذه الخلافات. ومن الضروري أن تضع ذلك ضمن أولويات حياتك الزوجية. في عصرنا الحديث الذي نعيشه، أسهم العديد من الاختراعات العصرية في قطع سبل هذا التواصل. نذكر على وجه التحديد الإنترنت والتلفزيون، فليس هناك أدنى شك في أن هذه الوسائل أسهمت بشكل فعال في القضاء على أواصر التواصل بين الزوجين، ولابد أن تحرص على تخصيص وقت معين للتواصل اليومي مع الشريك.