الرحلة إلى مقر أقدم شركات الساعات في العالم، لا تشبه أي زيارة أخرى. ويشي تصميم المكان الرائع بما يتضمنه من تميز وفرادة، يعبران عن «ڤاشرون كونستنتان»، دار الساعات التي تأسست عام 1755، وتواصل إنتاجها دون انقطاع منذ أكثر من 260 عاماً؛ لتكرّس - بكل أمانة - تراثاً ريادياً في صناعة الساعات الراقية والمتطورة على يد أجيال من الفنيين المحترفين.

وكل ما يتعلق بالإنتاج والإبداع يحصل داخل مبنى الشركة القائمة في «بالن - ليه - زوات» بالقرب من جنيف، وهو المقر الدولي لدار ڤاشرون كونستنتان. وتضم الإدارة أقسام: التصميم، الأبحاث والتطوير، التراث، وخدمة الزبائن والترميم، بالإضافة إلى قسم التدريب. وتم تنظيم الإنتاج حول ورش عمل مخصصة لذلك، تضم: التعديل، التعليب، التعقيدات، توربيونات بآلية كرونوغراف، التعقيدات الكبرى، ومجموعة المهن الفنية (النقش، الزخرفة بالمينا، الترصيع بالجواهر، والزخرفة بالنقش المتكرر guillochage) ليه كابينوتييه، إضافة إلى الاختبار والشهادات.

صرحان معماريان

عام 2005، تم الانتهاء من البناء، الذي أنشأه المهندس المعماري الفرنسي السويسري برنارد تشومي، ثم جرت توسعته عام 2015، في حدثين بارزين يقابلان الذكرى السنوية الـ250، والـ260 لتأسيس الدار. فهذان المبنيان المشيدان بتصميم فني عالي التطور، والمكونان من 17000 متر مربع من المعدن والخرسانة والفولاذ والخشب والزجاج، بحيث تُستوفى - بشكل طبيعي - المعايير الصديقة للبيئة في يومنا هذا، تم تصميمهما بروح تعتز بها «ڤاشرون كونستنتان»، تقوم على السعي إلى تحقيق الانسجام. فالمواد الثمينة تنسجم مع الطبيعة المستدامة للهيكل، فيما تكشف الخطوط الأنيقة عن جوهر إتقان العمل والصنعة الدقيقة. وينقل الضوء الطبيعي - المتدفق من نوافذ البناء الواسعة - الأصالة والعيش المشترك المغروسين هناك، حيث تم تصميم البناء بأكمله؛ لتشجيع الإبداع، والتدفقات الطبيعية، والتفاعل الشخصي.

إقرأ أيضاً: أزياء "Nemozena" تكرّم الحلم الأميركي
 

وتجسد «ڤاشرون كونستنتان» تراثاً لا يُضاهى، وروحاً ابتكارية، من خلال مجموعاتها الرئيسية: «باتريموني»، و«ميتييه دار»، و«أوڤرسيز»، و«فيفتي سيكس»، و«هيستوريك».

تحديات جديدة

في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، تصنع أجزاء الساعة فرادى - سواء كانت ذهبية أو فولاذية، مرئية أو غير مرئية، أجزاء رئيسية أو مسامير صغيرة - ويجري تزيينها واختبارها بالعناية الدقيقة ذاتها. فلا مجال للتسويات أو الأخطاء هنا، بل يستعاض عن ذلك بالتواضع الكبير. كما يقول أحد صانعي الساعات الرئيسيين في الدار: «إذا نسينا أن نكون متواضعين، فإن الساعة تذكرنا بمكان توازن القوى». وفي أجواء من الهدوء والصبر والاحتفاظ بأعلى المعايير، يضع صانعو الساعات أنفسهم بصورة دائمة أمام تحديات جديدة، حيث يقوم الأكثر جرأة بينهم بإعادة ابتكار مهنتهم. ويضيف: «عليك أن تمضي قدماً؛ فالتصميم المفضل لديَّ هو دائماً التالي». أدوات شحذ، تقطيعات مشحوذة في غاية الدقة، مصقولة، تشطيب بخطوط مرسومة بتطبيع دائري. موضحاً: «نحن نتلاعب بالضوء، بالتناوب بين الأسطح المطفأة اللمعة وتلك الساطعة؛ وذلك لإضفاء لمسة من الحيوية على الرسوم الزخرفية».

رقي طبيعي

انتصرت دار ڤاشرون كونستنتان على دائرة من المبتدئين، وهواة المجموعات المتيمين بصناعة الساعات. ويعود ذلك إلى شعور هؤلاء بقرابة طبيعية مع هذه الأناقة غير المعلنة، ومع هذا التعطش للمعرفة، وليس للعرض، وهذا الإحساس المتأصل بالرقي الطبيعي. وبعد أن ظلت بشدة متناغمة مع عصرها، تحرص «ڤاشرون كونستنتان» على تلبية متطلبات هؤلاء الأفراد المتميزين، من خلال صنع ساعات مصممة خصيصاً للحياة العصرية، مع الحفاظ على هويتها، ومعاييرها الصارمة.