عند زاوية من زوايا التاريخ، تقف المرأة الإماراتية في الثامن والعشرين من أغسطس؛ لتعلن عن وجودها وكيانها كعنصر فاعل في تاريخ دولة الإمارات، فمنذ بداية الوجود الإنساني في صحراء دولة الإمارات، قبل أكثر من ستة آلاف عام، والمرأة تقاسم الرجل رحلة الوجود، مساندة ومتولية دورها في مسيرة المجتمع، طبقاً لمعطيات الزمن والبناء الثقافي للمجتمع، ولم تتخلَّ يوماً المرأة الإماراتية عن دورها، الذي تصاعد مع التاريخ حتى قيام الاتحاد؛ لتبدأ رحلتها مع العصر الحديث منذ قيام الاتحاد؛ لتظهر قدراتها الكامنة والمتكئة على خبرات تاريخية، ترسخت في ثقافتنا المجتمعية.

ظلت المرأة الإماراتية - طوال تاريخها في ما قبل الاتحاد - كفراشة تتكون داخل شرنقتها، ومع تراكم الخبرات الحياتية؛ تنتقل تلك الخبرات جيلاً وراء جيل، وظلت تعيش في شرنقة التكوين حتى جاء يوم إعلان الاتحاد النسائي، الذي كان بمثابة اللمسة الأولى لجدار الشرنقة؛ فبدأت في التشقق ليتسلل نور الشمس للفراشات. ورويداً رويداً، مع كل حراك أو قانون جديد يعطي المرأة مساحة جديدة؛ انفتحت الشرنقة حتى خرجت الفراشات، وفردت أجنحتها الملونة، التي تستمد ألوان السعادة من روح المرأة الإماراتية، والتي انطلقت نحو الأفق تحلق، وكلها شغف بتحقيق الذات، والتأكيد على رهان القيادة أنها رهان فائز نحو إعادة التوازن الإنساني الطبيعي إلى المجتمع. 

وجود المرأة في الحياة متوازٍ مع وجود الرجل، ليس حقاً مكتسباً، بل هو حق تاريخي مستعاد من قبضة التقسيم الجندري، الذي ظل خاضعاً لعباءة المجتمع الأبوي، ليس في الإمارات فقط بل حول العالم. والسؤال: هل استطاعت المرأة الإماراتية أن تحلق بكامل قوتها، أم مازالت الفراشات غير قادرة على الطيران؟

المتعمق في الرؤية سيدرك أن هناك الكثير من الحجارة، التي مازالت مربوطة بأجنحتها الرقيقة؛ فكان طيرانها بطيئاً منخفضاً، فالمرأة الإماراتية لديها في مخزون خبراتها الجمعي الكثير من القدرات غير المكتشفة. ومن أهم الأحجار المعلقة بأجنحة المرأة هي المرأة نفسها.. فحينما تستسلم المرأة لمبدأ المجتمع الأبوي، وتصير الأم والمعلمة والأخريات متبنيات مفاهيم المجتمع الأبوي، الذي يتعامل مع الابنة، أو النساء بصفة عامة، أنهن ناقصات عقل، وليس لهن الحق الكامل في الاختيار، وليس لهن نفس حق الابن، أو أي شاب في تحديد مستقبلهن العلمي والأسري والعملي، وترسيخ مفهوم أنهن ناقصات عقل بمعناه الظاهري والسطحي الذي يُنقص من أهليتها في التفكير واتخاذ القرار؛ تُبقي الفراشات غير قادرة على الطيران بطول أجنحتها وقدرتها الفعلية، وتظل تطير مجهدة من القيود والأحجار التي تمزق جمال أجنحتها.

يا أيتها السيدات المتدثرات بعباءات الآخرين، استعدْنَ طبيعتكن، وكنَّ فراشات، وامنحن الفراشات الصغيرة مساحتها للطيران والتحليق، وتأملن بعدها جمال النتائج والقدرات، التي ستظهر؛ لتكون إضافة حقيقية إلى التاريخ الإنساني.