قليلة هي العائلات، التي تحول وضع أبنائها الصحي المزمن إلى قصص نجاح تُروى. ومن هذه القصص، حكاية الشاب حمزة ياسر عكروش (22 عاماً)، الذي اكتشف ذووه إصابته بـ"طيف التوحد"، منذ أن كان في الثانية من العمر.
قبل عشرين عاماً، قال الأطباء للكاتب والباحث الإعلامي ياسر عكروش، الذي يشغل اليوم منصب مدير الإعلام في مؤسسة الضمان الاجتماعي بالأردن، ولزوجته المحامية سهير عكروش (توفيت قبل خمس سنوات)، إن طفلهما مصاب بمرض يدعى "طيف التوحد"، وإن عليهما التعايش مع المرض، دون أن يقدما للعائلة مقترحات تعينها أو أفكاراً قد تشجعها على تقبل الألم الذي حل بها، دون أن تحسب له حساباً.

 

  • شاب أردني يتحدى "طيف التوحد" بالموسيقى وصنع الإكسسوارات

 

لكن ياسر، وسهير، أصرا على أن "حمزة" طفل طبيعي، لا ينقصه شيء لكي يكون مثل أقرانه، فوفرا له كل ما يحتاجه الأطفال في سنه، وبقيا إلى جانب العلاج الذي يقدمانه لـ"حمزة"، مصرين على أن يكون لطفلهما شأن يميزه عمن هو في عمره.
يقول ياسر عكروش، لـ"زهرة الخليج": "لم نفقد إيماننا بأنفسنا وبقدرة حمزة على أن يكون مختلفاً بإيجابية، فمنحناه كل الفرص المتاحة ليكون طفلاً مميزاً، ووجدنا أنه يميل للموسيقى، ولصنع الخرز والإكسسوارات".

 

 

لا ينكر ياسر أن وفاة زوجته أثرت نفسياً على العائلة بشكل كبير، وعلى "حمزة" بشكل خاص، فقد كان متعلقاً بها كثيراً، لكن الإصرار على أن يكون "حمزة" مختلفاً، دفع والده لتحمل ألم فقدان رفيقة دربه، وتجاوزه ظاهرياً، مصراً على مواصلة مشوار الاهتمام به.
يقول ياسر: "لامني معارفي، عندما دفعت بحمزة للعمل في أحد المخابز، قلت لهم إن حمزة رغب بأن يساعد الناس، بعدما رآهم ذات مرة وهم يقفون في طابور طويل لشراء الخبز، ولم يكن يعمل بالمخبز سوى شخص واحد، فذهبت واتفقت مع صاحب المخبز على أن يعمل معهم حمزة لعدة أيام تطوعاً، كونه يريد مساعدة الناس".

 

 

ويشير ياسر إلى أن نجاح الفكرة شجعه على إلحاق "حمزة" بإحدى مؤسسات التدريب المهني، لتعلم شك الخرز وتشكيل الإكسسوارات بناءً على رغبته، وكون "حمزة" يملك طاقة كبيرة، فإنه كان يتعلم بنفس الوقت العزف على البيانو.
نتيجة كل ما حصل عليه "حمزة" من اهتمام عائلي وحب وتضحية، كان الشهر الماضي مثالياً معه، حيث حول والد "حمزة"، أحد البيوت الريفية القديمة في مدينة الفحيص إلى بيت يشع أملاً وحياة سماه "دارة حمزة للثقافة والفنون والإبداع"، افتتحها بالتزامن مع مهرجان المدينة السنوي، حيث صار زوار المهرجان، وجمهوره، يقصدون "دارة حمزة" بشكل يومي، لالتقاء الشاب الذي تحول بدعم عائلته إلى منتج حقيقي للفرح والإبداع.

 

 

يقول ياسر: "دارة حمزة لا تخصه وحده، بل هي مكان داعم لذوي الاحتياجات الخاصة، يُقدم لهم الخدمات التعليمية والتدريب، فضلاً عن تقديم الرعاية الطبية والتعليمية للذين يمرون بـ(طيف التوحد)، ونهدف إلى جعلهم أعضاء طبيعيين مُندمجين ومقبولين ومُنتجين بالمجتمع".
وتحتوي "دارة حمزة" على غرفة مخصصة لمشغولات "حمزة" من الخرز والإكسسوارات، كما تحتوي على مكتبة بأمهات الكتب العربية والعالمية والروايات، كما أن هناك ركناً خاصاً للرسم. وفي الساحة الخارجية، تقام أمسيات فنية أسبوعية، بعضها بمشاركة "حمزة"، الذي يتقن العزف على البيانو، كما تحضر الأكلات الشعبية، التي تقدم لزوار المكان مجاناً، مساء كل يوم خميس.
 

إقرأ أيضاً: كيم كارداشيان تمشي على الماء.. وهذا سعر إطلالتها