لأن‭ ‬المدرسة‭ ‬هي‭ ‬منبع‭ ‬العلم،‭ ‬والمنارة‭ ‬التي‭ ‬تضيء‭ ‬لسواعد‭ ‬المستقبل،‭ ‬وعقله،‭ ‬الطريق،‭ ‬وفيها‭ ‬يقضي‭ ‬الطلاب‭ ‬يومياً‭ ‬أوقاتاً‭ ‬ليست‭ ‬بالقليلة،‭ ‬أضحى‭ ‬من‭ ‬المهم‭ - ‬مع‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المقاعد‭ ‬الدراسية‭ - ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭ ‬النفسية،‭ ‬التي‭ ‬تنمو‭ ‬مع‭ ‬صحتهم‭ ‬الجسدية،‭ ‬فعندما‭ ‬يتمتعون‭ ‬بصحة‭ ‬نفسية‭ ‬سوية؛‭ ‬يتمكنون‭ ‬من‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد،‭ ‬ويتفوقون‭ ‬في‭ ‬دراستهم،‭ ‬ويبدعون،‭ ‬ويمرون‭ ‬بعام‭ ‬دراسي‭ ‬سعيد‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭.. ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬التالي،‭ ‬التقت‭ ‬‮«‬زهرة‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬الدكتورة‭ ‬نسرين‭ ‬السعدوني،‭ ‬استشاري‭ ‬ورئيس‭ ‬قسم‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬بمستشفى‭ ‬ميدكلينك‭ ‬في‭ ‬أبوظبي،‭ ‬وهي‭ ‬أيضاً‭ ‬أستاذ‭ ‬مساعد‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬بكلية‭ ‬الطب‭ ‬جامعة‭ ‬المنصورة،‭ ‬وأخصائي‭ ‬العلاج‭ ‬المعرفي‭ ‬السلوكي؛‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬للطفل،‭ ‬ونحن‭ ‬نستشرف‭ ‬عاماً‭ ‬دراسياً‭ ‬جديداً‭ ‬بأمان‭.‬

 

  • نسرين السعدوني

 

•‭ ‬ماذا‭ ‬تعني‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬للطفل‭.. ‬بإيجاز؟

ـ‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬للطفل‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬الاهتمام‭ ‬بأمور‭ ‬عدة،‭ ‬منها‭: ‬الاهتمام‭ ‬بنوع‭ ‬الغذاء‭ ‬والأطعمة‭ ‬التي‭ ‬يتناولها،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬طردية‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬الجسدي‭ ‬الصحيح‭ ‬للطفل،‭ ‬وبين‭ ‬صحته‭ ‬النفسية،‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬جداً‭ ‬أن‭ ‬ينشأ‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬آمنة،‭ ‬يستطيع‭ ‬فيها‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬أفكاره‭ ‬ومشاعره‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬أو‭ ‬قلق،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تزيد‭ ‬لديه‭ ‬مشاعر‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭.‬

أمر‭ ‬مقبول

•‭ ‬ما‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬رهبة‭ ‬الأطفال‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬لأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬مساعدتهم‭ ‬على‭ ‬تخطي‭ ‬ذلك؟

ـ‭ ‬رهبة‭ ‬الأطفال‭ ‬عند‭ ‬دخول‭ ‬المدرسة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المقبولة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصحة‭ ‬النفسية؛‭ ‬لأنهم‭ ‬قد‭ ‬اعتادوا‭ ‬البقاء‭ ‬بالمنزل‭ ‬مع‭ ‬والديهم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬الطفل‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬والتوتر؛‭ ‬لأنه‭ ‬سيبقى‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬غريب‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬دون‭ ‬والديه،‭ ‬وكي‭ ‬تساعد‭ ‬الأم‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬تخطي‭ ‬هذه‭ ‬الرهبة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬معه‭ ‬بالمدرسة‭ ‬خلال‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬دراسي،‭ ‬لفترة‭ ‬زمنية‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬نصف‭ ‬الساعة‭ ‬حتى‭ ‬يشعر‭ ‬بالاطمئنان،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تنسحب‭ ‬تدريجياً؛‭ ‬لأن‭ ‬بقاء‭ ‬الأم‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬الطفل‭ ‬سيأتي‭ ‬بنتيجة‭ ‬عكسية،‭ ‬وسيتمسك‭ ‬بوجودها‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭.‬

•‭ ‬هل‭ ‬يؤثر‭ ‬نوع‭ ‬الطعام‭ ‬غير‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬تصرفات‭ ‬الأطفال‭ ‬وسلوكياتهم‭ ‬اليومية؟

ـ‭ ‬بالتأكيد‭ ‬تناول‭ ‬الأطفال‭ ‬طعاماً‭ ‬غير‭ ‬صحي‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬سلوكياتهم،‭ ‬وحياتهم‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬بطريقة‭ ‬سلبية،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬اكتساب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوزن‭ ‬ما‭ ‬يعرض‭ ‬الطفل‭ ‬لأزمة‭ ‬نفسية‭ ‬بسبب‭ ‬مظهره،‭ ‬وأيضاً‭ ‬قد‭ ‬يقلل‭ ‬ثقته‭ ‬بنفسه،‭ ‬ويؤثر‭ ‬في‭ ‬نشاطه‭ ‬المعتاد،‭ ‬وتركيزه‭ ‬الدراسي‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي،‭ ‬وقد‭ ‬يتعرض‭ ‬للتنمر‭ ‬من‭ ‬زملائه،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الطعام‭ ‬الملون،‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬مواد‭ ‬حافظة‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الدهون‭ ‬المشبعة‭ ‬والألوان‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬قد‭ ‬يصيب‭ ‬الأطفال‭ ‬بفرط‭ ‬الحركة،‭ ‬وعدم‭ ‬التركيز‭.‬

•‭ ‬هل‭ ‬تنمر‭ ‬الطفل‭ ‬لأقرانه‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬سلوك‭ ‬مكتسب‭ ‬من‭ ‬تصرفات‭ ‬والديه‭ ‬والمحيطين؟‭ ‬

ـ‭ ‬أي‭ ‬سلوك‭ ‬يمارسه‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬حياته‭ ‬الأولى‭ ‬سيكون‭ ‬مكتسباً‭ ‬من‭ ‬الوالدين،‭ ‬فمثلاً‭ ‬إذا‭ ‬نعتت‭ ‬الأم‭ ‬الطفل‭ ‬بأنه‭ ‬سمين،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬شعره‭ ‬مجعد،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأمور؛‭ ‬فسيمثل‭ ‬ذلك‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬التنمر‭ ‬الذي‭ ‬يُمارس‭ ‬عليه،‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬جداً‭ ‬أن‭ ‬يتصرف‭ ‬مع‭ ‬أقرانه‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬بالطريقة‭ ‬نفسها،‭ ‬ويحاكي‭ ‬ما‭ ‬يشاهده‭ ‬من‭ ‬والديه‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭.‬

عدم‭ ‬التوبيخ

•‭ ‬كيف‭ ‬يؤثر‭ ‬سوء‭ ‬معاملة‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬والديه‭ ‬أو‭ ‬المعلمة،‭ ‬إذا‭ ‬أخفق‭ ‬في‭ ‬دراسته،‭ ‬في‭ ‬حالته‭ ‬النفسية؟

ـ‭ ‬إذا‭ ‬تأثر‭ ‬الطفل‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي؛‭ ‬نتيجة‭ ‬تعامل‭ ‬المحيطين‭ ‬له‭ ‬بطريقة‭ ‬قاسية‭ ‬وغير‭ ‬تربوية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬أو‭ ‬المنزل،‭ ‬فسوف‭ ‬تفسد‭ ‬العلاقة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬التعليم‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭. ‬فالمهم،‭ ‬هنا،‭ ‬عدم‭ ‬توبيخ‭ ‬الطفل‭ ‬إذا‭ ‬أخفق‭ ‬في‭ ‬الدراسة،‭ ‬والتقرب‭ ‬إليه؛‭ ‬لمعرفة‭ ‬سبب‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الإخفاق،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬مساعدته‭ ‬لوضع‭ ‬خطة‭ ‬علاج‭ ‬مناسبة‭ ‬ليتخطاها‭ ‬بأمان‭.‬

•‭ ‬يتسم‭ ‬الطفل‭ ‬المراهق‭ ‬بسمات‭ ‬خاصة،‭ ‬فما‭ ‬الطريقة‭ ‬المثلى‭ ‬للتعامل‭ ‬معه؟‭ ‬

ـ‭ ‬التفوه‭ ‬بألفاظ‭ ‬مثل‭: (‬أنت‭ ‬فاشل،‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أسمع‭ ‬صوتك،‭ ‬لن‭ ‬تنجح‭ ‬يوماً‭ ‬ما‭) ‬مع‭ ‬الطفل‭ ‬المراهق،‭ ‬يجعله‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاتزان‭ ‬النفسي،‭ ‬ويبدأ‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بعدم‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس،‭ ‬وأيضاً‭ ‬الإحباط؛‭ ‬لأن‭ ‬أقرب‭ ‬وأحب‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬قلبه‭ ‬يراه‭ ‬هكذا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يشعر‭ ‬بعدم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المجهود؛‭ ‬كي‭ ‬يعدل‭ ‬سلوكه‭. ‬وهنا،‭ ‬ننصح‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬باستخدام‭ ‬طريقة‭ ‬الإثابة‭ ‬والدعم‭ ‬المتواصل‭ ‬والتشجيع،‭ ‬وضرورة‭ ‬وجود‭ ‬طريقة‭ ‬مناسبة‭ ‬للتربية،‭ ‬وتعديل‭ ‬الأخطاء‭ ‬بطريقة‭ ‬صحيحة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬النقاش‭ ‬مع‭ ‬الطفل؛‭ ‬ليتعلم‭ ‬من‭ ‬أخطائه‭ ‬بطريقة‭ ‬صحية‭.‬

6 نصائح

تقدم‭ ‬الدكتورة‭ ‬نسرين‭ ‬السعدوني‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النصائح‭ ‬إلى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬للأبناء،‭ ‬هي‭:‬

1ـ‭ ‬على‭ ‬الوالدين‭ ‬الالتزام‭ ‬بعدم‭ ‬مقارنة‭ ‬الطفل‭ ‬بالآخرين؛‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬شخصيته‭ ‬بطريقة‭ ‬سلبية‭.‬

2ـ‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬جداً‭ ‬تجنب‭ ‬الصراخ‭ ‬والصوت‭ ‬العالي‭ ‬والمناقشات‭ ‬الحادة‭ ‬أمامه،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يصاب‭ ‬بالهلع‭ ‬والخوف‭ ‬المستمرين‭.‬

3ـ‭ ‬منح‭ ‬الطفل‭ ‬المجال؛‭ ‬كي‭ ‬يمارس‭ ‬حرية‭ ‬الاختيار‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬الحياتية‭ ‬اليومية،‭ ‬مثل‭: ‬الملبس،‭ ‬والمأكل،‭ ‬ومتابعة‭ ‬ذلك‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭.‬

4ـ‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتعويد‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬طعام‭ ‬صحي‭ ‬متوازن،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الوجبات‭ ‬الجاهزة‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع‭.‬

5ـ‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬له‭ ‬الانغماس‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬بطريقة‭ ‬صحيحة‭.‬

6ـ‭ ‬التفاؤل‭ ‬والابتسام‭ ‬داخل‭ ‬المنزل‭ ‬لهما‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬الطفل‭ ‬النفسية‭.‬

إقرأ أيضاً: هذه أغلى أنواع الجبن في العالم