يغضب الآباء من تصرفات أطفالهم المتكررة، وقد يصرحون علناً بأنهم يكرهون هذه الصفة فيهم.
لكن هل يدركون أن وراء إلحاح الصغار مفاهيم كثيرة، يؤشر بعضها إلى نباهتهم وذكائهم ومواهبهم الفطرية، التي تحتاج إلى رعاية واهتمام؟
وضع بعض خبراء علم النفس لائحة طويلة من أفعال الصغار التي يكررونها بإلحاح كبير، وبنفس الوقت تزعج الآباء، لكنهم أشاروا إلى أن مستوى الإلحاح يعكس نبوغ الطفل، مقارنة بأقرانه، ومنها:

تكرار الحديث: 
يحب الأطفال التكرار لعدة أسباب من بينها: أنهم يشعرون بالاطمئنان في حال وجدوا أن والديهم يستمعان إليهم بإصغاء تام، كما أن محصولهم اللغوي يعد بسيطاً، مقارنة بالكبار، لذا يظلون يبحثون في أدمغتهم عن مفردات لغوية، تساعدهم على التعبير عن أنفسهم، وعندما لا يجدون؛ يكررون ما تحدثوا به مراراً. 

أسئلة كثيرة: 
لا بد أن يشعر الآباء بالضيق من الأسئلة المتكررة التي لا تنتهي، مثل: لماذا تمطر؟ ولماذا ندرس؟ ولماذا ننام؟ ولماذا نأكل؟ وهكذا يبقى الأطفال يسألون؛ للوصول إلى إجابة تناسب مخيلتهم، وفي كل مرة يعيدون ذات الأسئلة.
وعلى الوالدين النبيهين أن يتابعا طفلهما، فعندما يقرر أن يستبدل صيغة السؤال ويطرح سؤالاً مختلفاً، عليهما إدراك أن طفلهما وصل إلى إجابة تقنعه عن الأسئلة السابقة. وهنا، تتضح ميول الطفل إن كان يمل مواضيع معينة، فيما يفضل الحديث عن موضوع آخر كل فترة.

 

 

دائمو التغيير: 
يفكر الأطفال في لحظة ما بحاجتهم إلى شيء معين، ويطلبون شراءه، وعندما يذهبون برفقة آبائهم لابتياع الحاجات التي طلبوها، يصدمون من حولهم برغبتهم في التغيير.
هنا، على الوالدين إدراك أن طفلهما دائم التفكير في شكل الشيء الذي اختاره، وأنه إن لم يجده ما كان في خياله، سيطلب التغيير فوراً، وهذا يدل على رغبتهم في الأفضل. 

يلجؤون إلى الكذب: 
من أسوأ العادات التي يلجأ إليها الأطفال الأكثر وعياً، أنهم قد يكذبون، لكون كذباتهم مفضوحة، ويصاب الآباء بخيبة أمل لإخفاء الأطفال للحقيقة، مثل العلامات المدرسية، التي قد يلجأ الطفل للكذب حولها، خوفاً من العقاب. هنا، على الوالدين استيعاب الطفل، وحثه على الصدق؛ مهما كانت العواقب.

لا يقتنعون بسهولة: 
لا يمكن إقناع طفلك الصغير بشيء لا يستوعبه، لذا يصر على القيام بما يراه صحيحاً، في المدرسة وساحة اللعب والبيت. وهو لا يدرك مثلاً خطورة البقاء لساعات طويلة أمام الأجهزة اللوحية، ولا يدرك الضرر الصحي لهذه العملية على المدى الطويل. لذا، على الآباء الحرص على إحداث التوازن في حياة الطفل، وتخصيص أوقات للدراسة واللعب، وتحفيز شخصيته على الإبداع والتفكير.

يتجاوزون الحدود 
يتجاوزون ويتجاوزون ويتجاوزون.. هكذا ينمون أجزاء أدمغتهم المسؤولة عن التسلسل، والسبب والنتيجة، وحل المسائل، والتحكم بالانفعالات، والتحكم بالنفس، والتعاطف. هؤلاء العلماء الصغار يكتشفون ما يصلح وما لا يصلح، وما هو مسموح به وما ليس مسموحاً به، من خلال التجربة (أو تجربة الحدود)؛ فهم يراقبوننا ليروا ما نفعله عندما نغضب، الأمر الذي يعمل على تنشيط الخلايا العصبية المرآتية في أدمغتهم، كما أنهم يقومون بحفظ هذه المعلومات للوصول إليها في مواجهة ما يغضبهم لاحقاً.
أن يكون لديكم أطفال أمر يشبه أحيانًا الوجود في السيرك، لكن دون وجود حلويات السيرك في نهاية العرض. ومع ذلك، قد يكون التعامل مع بعض سلوكياتهم الصعبة أمرًا معقدّاً، إلا أن معظمها تعتبر أساليب طبيعية لتكوين الدماغ حتى يتمكنوا من النمو، ويصبحوا بشرًا بالغين.
وتؤثر الطريقة، التي نرى بها أطفالنا في كيفية تعليمهم وإرشادهم. والطريقة التي نعلمهم ونوجههم بها تؤثر على كيفية نمو أقسام دماغهم.

إقرأ أيضاً: نسرين السعدوني: العودة إلى المدارس بأمان